أزمة داعش المالية: متى بدأت ولماذا؟
حميدي العبدالله
تتحدّث تقارير غربية عن تراجع مداخيل تنظيم «داعش» المالية، الأمر الذي أثر على الكثير من نشاطاته، ولا سيما لجهة دفع رواتب منتسبيه، وربما أيضاً الإنفاق على شراء وتهريب الأسلحة والأجهزة القتالية الأخرى.
يحاول الغرب، وتحديداً وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث الأميركية، حصر موارد «داعش» بالعائدات الآتية من ريع مبيع النفط، ولكن ليس هذا هو المصدر الأهمّ لتمويل «داعش»، لأنّ كلفة الحرب التي يخوضها، سواء على جبهات العراق أو سورية، والآن في ليبيا، تحتاج إلى مليارات الدولارات، وليس إلى عشرات الملايين وهذا ما لا يمكن أن تؤمّنه المصادر النفطية، بل إنّ التمويل الأساسي يأتي من المعونات السرية التي تقدّم له من حكومات في المنطقة سواء كان ذلك مباشراً، أو عبر بعض الجمعيات التي تحمل طابع الجمعيات الخيرية، ومع ذلك حتى لو تمّ التسليم جدلاً بأنّ المصدر الرئيسي وربما الوحيد، حسب الإعلام الغربي، لتمويل «داعش» هو النفط، فإنّ المعطيات التي تحدّثت عنها التقارير الغربية، وتحديداً معهد «إي اتش إس جينز» تؤكد أنّ ما يحصل عليه «داعش» من عائدات شهرية تقارب 80 مليون دولار شهرياً، أيّ أقلّ من مليار دولار سنوياً، فهل ثمة من يقتنع بأنّ الإنفاق على العمليات وجلب المقاتلين والأسلحة وخوض حرب مستمرة منذ ثلاث سنوات ضدّ جيوش وقوى عديدة في المنطقة كلفتها أقلّ من مليار دولار؟
على أية حال، المعهد ذاته يعترف بأنّ دخل «داعش» تراجع في شهر آذار 2016 إلى 65 مليون دولار شهرياً، وأضاف أنه في منتصف العام 2015 كانت العائدات الشهرية لتنظيم الدولة الإسلامية داعش تقارب 80 مليون دولار.
ولكن السؤال ما هو الحدث الذي حصل في النصف الثاني من عام 2015 وأوائل 2016 وأدّى إلى تقلص عائدات وريوع «داعش» من النفط حوالى 15 مليون دولار؟
واضح أنّ الحدث الوحيد هو إسهام روسيا إلى جانب الجيش السوري في توجيه ضربات ضدّ تنظيم «داعش»، ولا سيما القوافل التي كانت تنقل النفط من الحقول السورية الخاضعة لسيطرة «داعش». وبالتالي لم تتراجع دخول وريوع «داعش» من النفط عندما شكلت الولايات المتحدة التحالف الدولي لضرب «داعش» سواء في العراق أو سورية، على الرغم من مرور وقت أطول بكثير من الوقت الذي مرّ على الإسهام الروسي في مكافحة الإرهاب.
وهذا يعني أيضاً أنّ التحالف الأميركي ضدّ «داعش» لم يقم بتوجيه ضربات إلى عمليات تهريب النفط من قبل «داعش»، ولهذا لم يحصل أيّ تراجع في دخل «داعش» إلا بعد مشاركة روسيا في مكافحة الإرهاب وتوجيه ضربات ضدّ تجارته النفطية.
إذن إذا كانت ثمة أزمة مالية لدى «داعش» كما يتحدّث الإعلام الغربي فإنّ السبب الذي أدّى إلى ذلك نجاعة العمليات التي نفذها الروس والجيش العربي السوري وليس أيّ جهة أخرى.