25 أبريل/ نيسان… وانتصارات بلادي

بشير العدل

حتى الآن لم أفهم سبب الدعوة إلى التظاهرات التي دعا إليها البعض أن تكون يوم 25 ابريل/ نيسان، الذي يوافق عيد تحرير أرض سيناء الحبيبة وعودتها إلى حضن بلادي مصر، ولم أفهم أيضاً معنى التصريحات التي أطلقها البعض من أنّ نقابة الصحافيين لن تغلق أبوابها في وجه كلّ من يريد التعبير عن الرأي، وأنها ستظلّ قلعة للحريات، وهل لدعوة التظاهر تحديداً في ذلك اليوم علاقة بتظاهرات الجمعة قبل الماضية، التي خرجت وتمركزت أمام نقابة الصحافيين، والتي قال عنها منظموها والداعون إليها إنها اعتراض على ترسيم الحدود المصرية ـــــ السعودية، ولماذا تحديد الزمان والمكان سلفاً، وغير ذلك من أسئلة كثيرة قد تكشف محاولة التوصل إلى إجاباتها حقيقة ما يدور في بلادي مصر.

الذي أفهمه ومن خلال متابعات دقيقة للأحداث فإنّ اختيار ذلك التاريخ لم يكن مصادفة أو لكونه إجازة رسمية في الدولة بمناسبة الاحتفال بذكرى عودة كامل أرض سيناء إلى أرض الوطن عام 1981، والذي يصادف في 25 ابريل/ نيسان من كلّ عام، وإنما تمّ اختياره لهدف وهو رغبة فصائل معينة في تحويل ذلك اليوم وغيره من أيام الانتصارات إلى انكسارات، وتحويله من يوم فرح بعودة الأرض إلى مأتم وطني على شهداء كان يبغي البعض سقوطهم في تلك التظاهرات حتى يتمّ فتح باب الانتقاد الدولي للأمن المصري، والترويج الكاذب لأنه يستخدم الرصاص الحيّ ضدّ المتظاهرين، وهو ما أكدته دلائل كثيرة، منها ترويج البعض على مواقع التواصل الاجتماعي لصور من تظاهرات يعود تاريخها إلى عام 2011، والتي تظهر غلاظة أمنية في التعامل مع بعض المواطنين، وترويجها على أنها من تظاهرات الأمس، وهو أيضاً ما سبق أن روّجت له وكالات أنباء في تظاهرات الجمعة قبل الماضية حينما ادّعت زوراً وبهتاناً أنّ الأمن استخدم الرصاص الحيّ لتفريق المتظاهرين.

وبعودة إلى الوراء نجد أنّ جماعة الإرهاب والتضليل التي كانت تسمّى جماعة الإخوان قد أخذت تواريخ محدّدة لتكون مواعيد للتظاهر، وأعلنها ما كان يسمّى بتحالف دعم الشرعية، فكان اختيار تواريخ انتصارات الدولة مثل 6 أكتوبر/ تشرين الأول والذي يوافق ذكرى انتصار مصر وسورية والعرب على الكيان الصهيوني في حرب 1973، كما سبق أن اختاروا 25 يناير/ كانون الثاني، و3 يوليو/ تموز، وغيرها من التواريخ كي تحوّلها إلى تواريخ للدم وبذل الروح.

الزمان إذن، هو من اختيار فئة وتنظيم لا يريد الاستقرار لمصر، ولا يمكن أبداً أن يكون الشباب المخلص الوطني الذي خرج بعضه اعتراضاً على سياسات معينة للقيادة السياسية سبباً وراءه، وإنما هو تدبير من جماعات الإرهاب والتضليل التي تريد أن تدفع الشباب إلى معارك دموية مع أجهزة الشرطة، وتتقهقر هي وتسلم بأعضائها وأنصارها، كما حدث في أحداث يناير/ كانون الثاني من عام 2011 حينما قفزت جماعة الإخوان على حماس الشباب يوم 28 يناير 2011 لتنسب الفضل في النهاية لها.

أما عن المكان فقد حظي محيط نقابة الصحافيين في قلب القاهرة بتعامل خاص من جانب أجهزة الدولة، استغله البعض في أحداث تمركز للتظاهرة أمامها يوم الجمعة قبل الماضي، حتى تحوّلت في نظر البعض إلى المكان الأكثر أمناً للتظاهر ورفع الشعارات المندّدة بالجيش والشرطة والقيادة السياسية، وهو ما فطنت إليه أجهزة الدولة التي منعت الوصول إليها، الأمر الذي دفع بالبعض إلى محاولة خلق صدام بين النقابة وبين أجهزة الدولة، حتى تحدث الوقيعة.

نقابة الصحافيين كانت ولا تظلّ نقطة إطلاق أيّ شرارة للتغيير، لكنها لم تكن يوماً ضدّ أهداف الدولة، وإنما ساندتها عبر تاريخها الذي يمتدّ في حقيقته إلى أكثر من قرن من الزمان. قضايا الدولة، وانتصرت الدولة بفضل مساندة النقابة لها حتى في أعتى وأحلك الظروف التي مرّت بها بلادي مصر، بدءاً من الاحتلال الانجليزي وانتهاء بالإرهاب الذي أراد احتلالها وقوى الشر العالمية التي أرادت تقسيمها مروراً بانكسارات الهزيمة في ستينيات القرن الماضي.

فنقابة الصحافيين، رغم أنها نقابة مستقلة إلا أنّ دورها الوطني لا يزايد عليه أحد، ولن ينجح أحد في الوقيعة بين الصحافيين ودولتهم، فهم قبل أن يكونوا سلطة رقابية شعبية، هم مواطنون لهم من الحسّ الوطني ما يجعلهم يدافعون عن قضايا وطنهم بالفكر والرأي المستنير، فلن تفلح جهود الخبثاء في إحداث وقيعة بين الصحافيين وأجهزة الدولة.

فشلت إذن كلّ محاولات تحويل ذكرى النصر إلى هزائم والانتصارات إلى انكسارات، ليقدّم الشعب المصري دليلاً جديداً على أنّ إرادته لن تلين، وأنّ قوته في مواجهة أعدائه لن تفتر، وأنه أكبر من كلّ محاولات الخداع التي تمارسها قوى الشرّ الخارجية وأعوانها في الداخل.

وستظلّ تواريخ 25 أبريل و6 أكتوبر وغيرهما من تواريخ الانتصارات ناصعة في تاريخ بلادي، تشعّ حروفها نوراً يضيء للأجيال القادمة طريق التحرّر من الفكر الهدام والأهداف غير السوية، لتظلّ مصر في تقدّم وازدهار وفي انتصار متواصل على أعدائها كلّهم، بقوة شعبها وإرادته، وحماية قواتها من الجيش الباسل والشرطة الوفية.

كاتب وصحافي مصري

eladl254 yahoo.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى