هل توحد داعش الأكراد على طرفي الحدود السورية ــ العراقية؟

عامر نعيم الياس

فقد الأكراد للمرة الأولى في الصراع الدائر في العراق بين الحكومة المركزية وتنظيم الدولة الإسلامية، أراضي كانوا يسيطرون عليها، بعض التقارير تحدثت عن خسارة الأكراد لسد الموصل، ومدينتي زمار الواقعة شمال غربي الموصل، وسنجار التي يوجد فيها الأكراد اليزيديون، وأشارت بعض التقارير إلى طلب إرهابيي الدولة الإسلامية من البيشمركة الكردية تسليم معبر ربيعة الحدودي مع سورية والذي يضم خط سكك حديدية ويعتبر حيوياً كونه «يضمن الاتصال الجغرافي لأراضي دولة الخلافة الجديدة» بحسب صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية. في ضوء كل ما سبق خرج الناطق باسم وحدات حماية الشعب الكردي في سورية ليقول: «إن قواته على استعداد للذهاب إلى العراق لاسترجاع المدن التي سقطت من أيدي الجهاديين» تصريح هو الأول من نوعه صادر عن مسؤول سوري «كردي» ينفض غبار الماضي ولا يعامل بالمثل العراقيين الأكراد الذين لم يقدموا أي مساعدة لنظرائهم في سورية في المواجهة مع التنظيمات الإرهابية المتطرفة، فهل يعني ذلك بداية توحيد الجهد «الكردي» السوري العراقي على الأرض؟ هل يفتح تمدد الدولة الإسلامية الباب على مصراعيه لتقارب بين الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في كردستان العراق وحزب العمال الكردستاني الذي تعد وحدات حماية الشعب الكردي في سورية جزءاً منه؟

تاريخياً لم تكن العلاقة بين أكراد الحزب الديمقراطي الكردستاني في العراق والأكراد السوريين على ما يرام ويعود ذلك بالأساس إلى الافتراق الإيديولوجي و«العداء التاريخي» وفقاً لـ»لوفيغارو» الفرنسية، فوحدات حماية الشعب الكردي في سورية تعتبر جزءاً من حزب العمال الكردستاني الماركسي الاتجاه وهي تقاتل الجهاديين في سورية ولا تناصب الدولة السورية العداء المعلن، لكن الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي هو حليف الإدارة الأميركية و»إسرائيل» في المنطقة، ويعد أيضاً من أصدقاء تركيا حزب العدالة والتنمية، ولهذه الاعتبارات لم يتدخل البتة لمساعدة السوريين الأكراد في سورية، لكن اليوم الواضح أن الخطر بات أكبر من أن يغض النظر عنه، والأكراد تحديداً يحاولون الاستفادة إلى الحد الأقصى من الربيع الأميركي وتمدد داعش بما لا يؤثر في حدود دولتهم المرجوة، وعليه فإن الحلم الكردي يفرض رص الصفوف من دون الالتفات إلى الماضي خصوصاً أن تراجع البيشمركة في مواجهة إرهابيي الدولة الإسلامية مثّل نقطة تحوّل مهمة في سياق المواجهة بين الطرفين ونقل الحرب بينهما إلى مراحل حساسة، وفي هذا السياق يأتي تصريح الناطق باسم وحدات حماية الشعب الكردي في سورية مكملاً لتوجه عام ظهر بتصريحات نقلت عن مصدر مسؤول في حزب العمال الكردستاني جاء فيها «يجب أن ينتفض الأكراد في الشمال، والشرق، والغرب على الهجوم على الأكراد في سنجار».

إن تأثر الأكراد بشكل نسبي لا يذكر في الصراع الدائر على أراضي دول لا يعتبرون أنفسهم جزءاً منها، حافظ على التوازنات التي كانت قائمة منذ بداية الربيع الأميركي على حالها، وهو ما ساهم في عدم التشويش على مخطط الفوضى الذي لا يستهدف الأكراد، لكن اليوم اختلفت الأمور وداعش لن يترك أحداً وشأنه بمن فيهم الأكراد، الذين يبدون مجبرين على الانخراط في المواجهة مع تنظيم وحّد تمدّده الجميع من دون استثناء في خندق واحد، ولعل في أمر رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي القوات الجوية العراقية مساندة الأكراد ضدّ مسلحي داعش ما يشير إلى مفارقات السياسة.

كاتب سوري

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى