«فوبيا» ترامب و»صرصور» كافكا!
نظام مارديني
مفارقة غريبة تلك التي استدعتها ذاكرة متابعي المسلسل الكرتوني الكوميدي «عائلة سيمبسون» مؤخراً، فقبل 15 عاماً تنبأت إحدى حلقات المسلسل الشهير أن يصبح قطب الأعمال المثير للجدل دونالد ترامب، رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل، وقد حذّر المسلسل المذكور من حالة الجنون التي ستنتاب أميركا بعدما حقق ترامب رقماً قياسياً في تاريخ مرشحي السياسة الأميركية، بالنسبة لعدد مَن يكرهونه.
حالة ترامب تقول إنه بالمقاييس الانتخابية الأميركية غير مهم أن تتشبّه بهتلر في تجريمك أكثر من مليار شخص لأنهم مسلمون، أو تسخر من النساء بسبب الحيض، كما فعل مع مذيعة أحرجته بالأسئلة، أو تعتبر المهاجرين المكسيكيين إلى أميركا مجرمين ومغتصِبين، فالجمهور الانتخابي لا يفرّق بين تسليات برامج تلفزيون الواقع والدماء التي يمكن أن تسيل في شوارع أميركا قبل شوارع العالم.
إن صعود هذا المليونير الآتي من عالم التطوير العقاري، والذي يتقن فن الإعلام والإعلان تحوّل «ظاهرة حقيقية»، بعدما وصف البعض قرار ترشحه بـ«النكتة»، هو صعود للغوغائية والانتهازية، ولذلك شبّه صعوده بصعود أدولف هتلر في ألمانيا، بحسب صحافية بريطانية، فهو أخطر على أميركا من أي هجوم إرهابي!
في أذهان الكثيرين، يشكل ترامب «قصة نجاح»، يأتي من خارج «الاستابلشمنت» الجناح التقليدي في الحزب . هو استطاع أن يجذب 30 في المئة من الأميركيين نزلوا وصوّتوا له، ما فاجأ المراقبين.
المسألة بالنسبة لداعمي ترامب ضمن الحزب الجمهوري لا تتعلق فقط بطروحاته التي تلامس وجع الأميركيين في الملفات الداخلية على مستوى إنعاش الاقتصاد وتخفيض الضرائب وإيجاد فرص عمل وخفض نسب البطالة، والحدّ من الهجرة غير الشرعية، بل تشمل أيضاً عناوين أخرى تتعلق بالسياسة الخارجية، في مقدّمها سورية، إيران والشرق الأوسط، ولذلك استعان بأميركيين من أصول لبنانية كمستشارين له مثل طوم حرب، الذي يشغل أيضاً منصب الأمين العام لـ «المجلس العالمي لثورة الأرز» اللبنانية في واشنطن. كما اتخذ الخبير في شؤون الشرق الأوسط الأستاذ الصهيوني الدكتور وليد فارس مستشاراً له في الشؤون الخارجية ليكون إلى جانبه في حملته الانتخابية ولاحقاً في فريق عمله في «البيت الأبيض» إذا وصل إلى سدة الرئاسة.
تشبه العلاقة بين ترامب والآخرين «الصرصار غريغور» في رواية فرانز كافكا «المسخ»، حيث يلعب كافكا في هذه الرواية على المفارقة التي تنشأ بين رؤية «الصرصار غريغور» لنفسه ورؤية الآخرين له، فبينما يتجاهل هو أو يكاد ذلك التحوّل المريع الذي طرأ عليه وينشغل بالتفكير بعمله وحياته الشخصية يُصاب الآخرون منه بالرعب ولا يطيقون شكله المقزز.
إذا حقق ترامب ما يريد، فإن كثيراً من الجمهوريين سينضمّون إلى المتفوق الكبير. سيضعون الأحزمة ويحلقون معه، والسؤال هو: إلى أين؟