إذا فاز ترامب… أيّ مصائب ستحلّ على المنطقة؟
د. خيام الزعبي
إنّ الأحداث التي تمرّ بالمنطقة تكشف يوماً بعد يوم أنّ هناك أيادي خفية تسعى لتأجيج الصراع في سورية، والكل يعلم أنّ أجهزة المخابرات الإستعمارية قامت بعمليات مشبوهة كثيرة لزعزعة الأمن والاستقرار هناك، وبعد تولي الرئيس الأميركي أوباما لمنصة الحكم ظنّ كثيرون أنّ السياسة الأميركية تجاه سورية ستتغيّر وتتحسّن، ولكن لم يختلف أوباما كثيراً عن الرؤساء الذين سبقوه، فكان وراء دعم الخطة «الإسرائيلية» الرامية إلى تجزئة وتغذية النزاع في سورية بصورة مستمرة، سواء بالمال أو بالسلاح، فضلاً عن استثمار النزاع سياسياً على المستوى العالمي، والمتابع لسياسة أميركا تجاه سورية خلال الأزمة، يجد أنّ الإدارات الأميركية المتعاقبة اعتمدت سياسة إشغال واستنزاف، فما أن تهدأ جبهة مواجهة حتى يفتحوا له أخرى، كي تنصرف عن الاهتمام بالتنمية والتطور وامتلاك القوة.
اليوم تنهال الاستراتيجيات وتنتشر مخاوف دولية وإقليمية من فوز دونالد ترامب الملياردير الأميركي المثير للجدل بمنصب الرئاسة، وقد أصبح هذا الاحتمال كبيراً بعد نجاحه في الحصول على تأييد ناخبي الحزب الجمهوري في سبع ولايات دفعة واحدة، لكن التساؤل الذي يفرض نفسه هنا هو: ماذا لو نجح المرشح الجمهوري ترامب في الانتخابات الرئاسية ودخل البيت الأبيض؟ وكيف ستكون سياسته مع سورية ومع دول المنطقة وقضاياها؟
انّ مجرد التفكير في إمكانية ان يصبح ترامب رئيساً للولايات المتحدة يشكل بالنسبة للعديد من الدول مشكلة ومأساة كبيرة يصعب حصر آثارها ونتائجها، لكن واقع الحال يؤكد أنّ حصول ترامب على هذا التأييد الكبير، أمر ينسجم مع المزاج الراهن الذي يسيطر على أميركا ويدفعها إلى الإنحياز إلى اقصى اليمين، والانتصار لأحزاب عنصرية لا تخفي مواقفها المعادية للهجرة والإسلام وانحيازها الكامل إلى العنصرية.
وبهدف التأثير في التغيير وعد ترامب بإلغاء الاتفاق النووي مع إيران، وأعلن عداءه للشعب المكسيكي، وانتقد الصين لنجاحها في اختراق السوق الأميركية، كما دعا الى إسقاط المقاتلات الروسية التي تقترب من الطائرات الأميركية، ومساندة «إسرائيل» الحليفة الوثيقة لأميركا في أيّ مفاوضات بين «الإسرائيليين» والفلسطينيين، وأكد أنّ العلاقة بين أميركا و»إسرائيل» غير قابلة للكسر، وعلى الفلسطينيين «أن يأتوا إلى طاولة المفاوضات وهم يعتزمون قبول أنّ «إسرائيل» دولة يهودية لأنها ستظلّ موجودة إلى الأبد كـ»دولة يهودية».
كما أكد أنه لن يسمح بدخول السوريين حتى لو كانوا أطفالاً، لأنه لا يثق بهم كونهم يحملون على هواتفهم المحمولة صور رايات «داعش» من قتل وإجرام.
وفي الإتجاه الآخر أكد توماس فريدمان فى مقال له أنّ ترامب هو الوجه الآخر لداعش، ويمكن لداعش أن تسعى إلى عمليه عاجلة بأيّ شكل من الأشكال لتهيئة المناخ المناسب لترامب، تأسيساً على أنّ سياسة ترامب قد توفر لها المناخ الذي تتمناه، وهو مناخ الاستقطاب العدائي بين المسلمين والعرب، في هذا الإطار يتضح مدى عمق المخطط الأميركي والإسرائيلى الذي يهدف الى إستهداف الإسلام والمسلمين وتحقيق التمدّد الصهيوني على طول المنطقة العربية واستنزاف مواردها لخدمة مصالحه، وهنا أعتقد بأنّ «إسرائيل» وأميركا تقفان على أرضية واحدة لأنّ الأهداف مشتركة والاستراتيجية متناغمة للهيمنة والوصاية على المنطقة العربية.
مجملاً… لا بدّ من الاستعداد لمواجهة ترامب مع ازدياد فرص فوزه، وإبلاغه بأنه ليس بمقدور أيّ دولة في العالم أن تعمل بمنأى عن غيرها، خاصة في ما يتعلق بمواجهة الأزمات والنزاعات، ولا غنى عن التعاون الدولي وتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين أميركا وأوروبا ومنطقة الشرق الأوسط، وذلك في ضوء مكافحة التطرف والإرهاب واللاجئين ووضع نهاية لمشكلات استراتيجية مثل النزاع الفلسطيني- »الإسرائيلي» والأزمات وتأجيجها في سورية بشكل خاص والمنطقة بشكل عام، وبالتالي إنّ تصريحات ترامب المعادية للإسلام ودعمه فكرة «الدولة اليهودية» التي يسعى إليها حكام «إسرائيل» في ظلّ التشرذم العربي وطوائف الإسلام يفتح الأبواب على مصاريعها لتحقيق خارطة «الشرق الأوسط الجديد «التي رسمها الصهاينة بالأيدي الأميركية بعد مئة عام من اتفاقية سايكس ـ بيكو، ومن المحتمل اندلاع حرب جديدة مثلما حدث فى العراق واليمن والسودان وليبيا…
وباختصار شديد يمكن القول إنه في الاستراتيجيات الأميركية يفوز من يفوز، ولكن مسلسل الحروب على بلادنا مستمرّ، لتحقيق مصالح أميركا ومصالح حليفتها المدللة «إسرائيل».
Khaym1979 yahoo.com