إيران أعلنت عن مقتل مستشاريها في سورية!
روزانا رمّال
ليس عادياً أن تعلن الجمهورية الإسلامية الإيرانية في ذروة المعركة التي تخوضها سورية في حلب مع الإرهابيين عن استشهاد 13 مستشاراً لها هناك بعد انهيار الهدنة بشكل مفاجئ، وعودة الحساب إلى مربّع أول عاشته حلب وكانت الدول المجاورة قد تفادته في السنوات الأولى للأزمة، وذلك لأسباب عدة ليس آخرها قلق الجهات التي تقف وراء دعم التطرف هناك وتحديداً داعش والنصرة من إمكانية أن يؤدّي التصعيد إلى معركة كبرى تقتصّ من وجود الإرهاب بنجاح أكبر في وقت مبكر من الأزمة، بالتالي فإنّ حماية الشمال السوري من مغبة الوقوع بيد الجيش السوري كان أساسياً لدقة ارتباطه بمصير الأزمة برمّتها وليس بمصير حلب فقط.
لم يكن سهلاً من جهة أخرى قبل أن تحقق روسيا مهمتها في ما أسمته «حماية النظام السوري» بعد العملية التي دخلت على أساسها الحرب مباشرة أن تدخل القوى التي تقاتل إلى جانب الحكومة السورية مثل إيران وحزب الله بمعركة كبرى في حلب، فالعين على دمشق وضواحيها كانت أولى في مرحلة كادت توقع النظام في مأزق جدي كان ممكناً أن يكون مدخلاً للمجموعات الإرهابية للتوغل إلى قلب العاصمة دمشق، وعلى هذا الأساس تدخل الأزمة السورية اليوم مرحلة بعناوين عريضة مختلفة عن تلك المرحلة المضطربة من عمر النظام.
الحرب التي لم يكن ممكناً أن يخوضها المحور الحليف لسورية خشية وضع أمني خطير يحيط بدمشق وبعض المناطق السورية الأساسية والاستراتيجية مثل الساحل السوري ومحافظاته برمزيتها التي تحصد نسبة كبيرة من الموالين للحكومة السورية وبنتيجتها يتطلّب تكثيف الحضور العسكري الحليف فيها بات ممكناً اليوم أن تُخاض بعد أن قدمت موسكو ما من شأنه أن يُعيد التوازن بالعمليات الميدانية للجيش السوري، وبالتالي فإنّ ما وفرته روسيا من وقت ودعم إضافيين وتعزيز لقدرة الجيش السوري النفسية والعسكرية بالعمليات المكثفة التي أبعدت الإرهابيين واقتصّت من بعضها جعلت من توجه حلف روسيا ــــ إيران ومعهما حزب الله أكثر قدرة على افتتاح معركة حلب الكبرى الكفيلة بتحريرها بشكل نهائي تماماً كما حصل في مناطق عدة سابقاً، حيث نجح الجيش السوري بالاحتفاظ بالانجاز لحدّ كبير.
يتحدّث معهد واشنطن للدراسات الاستراتيجية عن توازن قوى لصالح حلفاء الأسد بعد تدخل روسيا المباشر جوياً في سورية، وهنا تدرك القوى الخصمة المتمثلة بتركيا أكثر الأطراف خصوصية لجهة المعركة بقربها وبدورها المباشر تسليحاً ودعماً، وبعدها السعودية، أنّ قرار حسم مصير حلب بات أقرب من أيّ وقت مضى، وأنّ عزم القوى على دخولها يعني إمكانية ضمّها إلى سلسلة الإنجازات التي تجعل من إمكانية تحسين موقعها في المفاوضات السورية أصعب. وعلى هذا الأساس تخرق هذه المجموعات الهدنة التي نجحت نسبياً في إرساء هدوء في حلب، وهنا لا يمكن فصل الحديث عن مجموعات متطرفة قادرة على الالتزام بقرار سياسي بحت وهو الهدنة التي انبثقت عن تعاون أميركي روسي في الشهر الماضي، واعتبارها خارجة عن إرادة الدول الداعمة، فالجهة القادرة على الضغط لجهة إنجاحها أولاً قادرة على إنجاحها مجدّداً، كما لم يعُد وارداً اعتبار مطالبة «النصرة» و«داعش» لنفوذ في سورية غير قابل للتسوية عبر حسم عسكري أو سياسي يضغط عليها، فـ»النصرة» بشكل خاص تحظى اليوم برعاية حقيقية من دول كبرى تريدها ممثلتها الرسمية في سورية، ولا تريد «داعش» بشكل مريب يشرح الازدواجية في تصنيفات الإرهاب قبل التفاوض.
أعلن الجيش السوري مساء أمس، تمديد وقف إطلاق النار في حلب 48 ساعة، بدءاً من صباح الثلاثاء. وقف إطلاق النار هذا ليس الأول منذ الإعلان عن إنشاء غرفة أميركية روسية مشتركة للبت في الأوضاع هناك، ونجاح الوعد الروسي في مساعي الهدنة، ما يعني أنها قد تتحوّل مجدّداً إلى هدنة أطول تفتح باباً للمفاوضات، يعزز هذا ما تمّ الخروج فيه من اجتماع لممثلي نحو عشر دول عربية وغربية داعمة للمعارضة السورية في باريس عن رغبة فرنسا باستئناف المفاوضات في أسرع وقت ممكن والمطالبة بضمانات ملموسة للحفاظ على الهدنة بحلب، هذا يعني وضوح النيات الدولية بالحفاظ على استقرار لا يسمح لاندلاع معركة كبرى.
هنا وبالعودة لإعلان إيران عن مقتل 13 مستشاراً عسكرياً تابعاً للحرس الثوري في حلب، وما من شأنه وضع إيران بشكل غير مباشر في مرحلة «زخم» نابع من حق الردّ الذي فرضته الحادثة الشديدة الخطورة، وهذا وحده يشكل قلقاً شرحته طهران بحالة استنفار غير معلنة بمجرد حديثها عن خسارة المستشارين، وهنا أتت زيارة ولايتي إلى لبنان وسورية ولقاء قيادة حزب الله والرئيس السوري والتحضّر لأيّ طارئ في حلب.
يتحدّث الأمين العام لحزب الله بدوره بخطاب عقب زيارة ولايتي للمنطقة فيحذّر من أيام قاسية جداً مقبلة، أيّ أنه يقول للخصوم نحن جاهزون ولا عنصر مفاجأة من طرفكم عسكرياً في حشد وتحضير واضح من حزب الله وما يعنيه من بث قلق مضاعف قادر على إعادة مراجعة قرارات التصعيد من الخصوم.
تطلق إيران صاروخين بالستيّين وتستنفر الإدارة الأميركية وتطلق معهما رسائلها الإقليمية المتشابكة أيضاً وتجعل الهدنة في حلب مصلحة كبرى للحلف التركي السعودي!