المختلط يُعيد إنتاج توازنات السلطة!

هتاف دهام

دفع إنجاز الانتخابات البلدية في بيروت والبقاع قوى المجتمع المدني وبعض القانونيين الوزير بهيج طبارة إلى الافتراض أنّ إجراء الانتخابات البلدية يعني ضرورة الانتقال الميكانيكي للتحضير للانتخابات النيابية وتقصير مدة ولاية المجلس النيابي على قاعدة انتهاء الظروف الاستثنائية التي أملت التمديد. لا تلقى هذه التصريحات القبول في أروقة المجلس النيابي لأنّ تقصير مدة ولاية المجلس تحتاج إلى قانون جديد صادر عن المجلس النيابي ولا يكفي القول إنّ هذه المسألة إجرائية ومن صلاحية الحكومة تأليف هيئة الإشراف على الحملة الانتخابية وإصدار مراسيم تعيين لجان القيد ودعوة الناخبين ، كما أنّ الحاجة لإعطاء فرصة للتوافق على قانون انتخابي جديد تساعد على تلافي الثغرات والاعتوارات التي يعاني منها قانون الستين. مما يفرض أن يُعطى التوافق فرصة لتوفير الشروط الميثاقية التي يشكو منها المسيحيون.

قال رئيس المجلس النيابي نبيه بري إننا أصبحنا أمام مرحلة إما أن نتوافق على قانون جديد، وهذا القانون هو المختلط، لأن لا فرصة أمام أيّ قانون آخر، وإذا تمّ الاتفاق على هذا القانون فيجري تقصير الولاية وإجراء الانتخابات مباشرة، على أن تلتزم الكتل مسبقاً بنزولها إلى المجلس بعد الانتخابات لانتخاب رئيس للجمهورية، ويمكن لجلسة انتخاب الرئيس أن تنعقد في اليوم نفسه الذي تعقد فيه جلسة انتخاب هيئة مكتب المجلس، وإذا تعذّر التوافق على قانون انتخاب جديد فلا بدّ ساعتئذ من أن تجري الانتخابات على أساس القانون النافذ، وهو قانون الستين، وعندها يكون الالتزام أوجب الكتل الأخرى للنزول إلى البرلمان لانتخاب رئيس تحاشياً للفراغ، لأنه سيتعذّر تشكيل حكومة إذا لم يكن هناك انتخاب رئيس، علماً أنّ انتهاء ولاية المجلس هي في 20 حزيران 2017 ويجب أن تجري الانتخابات قبل شهرين من نهاية المجلس أي في 20 نيسان مما يعني أنّ إنجاز الاتفاق على قانون انتخاب يجب أن يحصل في غضون أشهر قليلة وقبل انشغال النواب في حملاتهم الانتخابية.

بناء عليه، هل هناك فرصة حقيقية للتوافق على قانون انتخابي مختلط؟ أم أنّ الأمر بات متعذّراً بالكامل؟ إن القانون المختلط الذي تبنّته القوى الثلاث حزب القوات – تيار المستقبل – الحزب التقدمي الاشتراكي بدأ يفقد شيئاً فشيئاً تأييد القوى الذي أطلقته، إذ إنّ رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط على طاولة الحوار الوطني قال إنّ هذه الصيغة غير مكتملة وقابلة للتغيير، كما أنّ موقف القوات اللبنانية بعد ورقة النيات وتفاهم معراب بات يتسم بالغموض، وهناك الكثير من علامات الاستفهام حول تمسكها بهذا القانون بعد تفاهم القوات مع التيار الوطني الحر. وهذا يعني أنّ تيار المستقبل يقف وحيداً. وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار تنامي حالة الشك المتبادل بين المستقبل والقوات التي عمّقتها انتخابات بلدية بيروت وانتخابات بلدية زحلة، فإنّ موقف التيار الأزرق اتجاه القانون المختلط يصبح موضع تساؤل أيضاً. فهل يشكّل ذلك فرصة ناشئة لتراجع هذه القوى عن مواقفها والاتفاق على صيغة هي أقرب إلى صيغة الرئيس بري؟ وهل نحن أمام تطورات إيجابية في ما يتعلق بالقانون الانتخابي؟

يردّد التيار البرتقالي منذ بداية أزمة الشغور الرئاسي على نحو متكرّر الدعوة إلى انتخابات نيابية تسبق انتخابات الرئاسة تحت عنوان إعادة تكوين السلطة على أسس صحيحة. فهل يكون هذا السيناريو ملائماً للتيار الوطني؟ إنّ إجراء الانتخابات على أساس قانون الستين ينطوي على مشكلتين جوهريتين: أولاً أنه لا يحسّن صحة التمثيل المسيحي. ثانياً يعيد إنتاج التوازنات السياسية ذاتها في المجلس النيابي. أما المختلط فلأنه ينطوي على النسبية فإنّ ذلك من شأنه أن يحقق تغييرات في تركيبة المجلس، وفي ظلّ اعتماد النسبية ولو كانت جزئية لا يمكن توفر ضمانات حول النتائج المرتقبة، علماً أنّ أحد الاحتمالات القائمة أن يشكل المختلط طريقاً لإعادة إنتاج توازنات السلطة أو ما يقترب منها.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى