تراب دمشق يحتضن جثمان الإعلاميّ والفنان الكبير خلدون المالح تنفيذاً لوصيته
شُيّع ظهر أمس الإعلامي والمخرج السوري الكبير الراحل خلدون المالح من منزله الكائن في المزة ـ دمشق، حيث صُلّي على جثمانه في مسجد الأكرم ووري في الثرى في مقبرة باب الصغير في دمشق بحضور إعلاميّ وثقافيّ وفنّي.
شارك في التشييع أصدقاء درب الراحل الذين عاصروه وأحبوه فكانوا حاضرين ليلقوا تحية الوداع الأخيرة لقامة فنية وإعلامية ووطنية كبيرة قدمت خلال مسيرتها الطويلة الكثير من الأعمال التي كرّست وجسّدت حب الوطن.
وكان خلدون المالح قد توفي في الخامس والعشرين من الشهر الماضي عن عمر ناهز 78 سنة، على إثر مرض عضال في أحد مستشفيات لوس أنجلوس في الولايات المتحدة الأميركية، ونقل جثمانه إلى دمشق تلبية لرغبته ووصيته في أن يدفن في وطنه الذي أحبّه وأعطاه الكثير.
وقال نقيب الفنانين زهير رمضان في تصريح للصحافيين: كان الراحل قامة فنية وإعلامية ووطنية كبيرة أسّست لنقابة الفنانين وللدراما السورية. وهو من أوائل المذيعين الذين قالوا «هنا دمشق» من التلفزيون العربي السوري. ويعدّ رحيله خسارة كبيرة للحركة الفنية والثقافية والإعلامية السورية. وعزاؤنا بما تركه من أعمال فنية متميزة.
وأضاف رمضان: سورية دائماً ولّادة، ونحن مستمرون في مسيرة العطاء والفن والتطوّر للحفاظ على هويتها وتراثها وتاريخها. مؤكداً أن هذه الزنابق والمشاعل التي حملت على عاتقها فكر هذا الوطن وهويته وثقافته وتراثه سوف تبقى خالدة في نفوس أبناء الشعب السوري مزروعة في تراب هذا البلد الطاهر.
بدوره، رأى مدير عام الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون رامز ترجمان أنه برحيل الفنان والإعلامي الكبير خلدون المالح فإن الثقافة والفن السوريين يفقدان قامة فنية وإعلامية كبيرة ومهمة جداً. مشيراً إلى أن الراحل كان محاوراً ومعداً متميزاً ومخرجاً رائداً في المسرح والإذاعة والتلفزيون وله بصمته الواضحة على العمل الدرامي والسينمائي السوري وتشهد له أعماله التي حظيت بمكانة كبيرة ويعرفها الصغير قبل الكبير كما كان مدرسة في الأخلاق والتواضع والمهنية.
من جانبه، أوضح طالب قاضي أمين مدير مركز التدريب الإذاعي والتلفزيوني أن وصية الراحل خلدون المالح أن يدفن في تراب سورية التي عاش فيها تأكيد جديد على أن أبناء سورية الحقيقيين لا يقبلون إلا أن يعيشوا ويدفنوا في ثراها.
مختار المالح نجل الراحل الكبير قال: علّمني والدي أن نكون يداً واحدة لنبقى أقوياء ونواجه الصعاب بصلابة ولهذا ينبغي أن يبقى الشعب السوري متكاتفاً في مواجهة الهجمة الإرهابية الظلامية التي يتعرض لها بلدنا. وعلينا جميعاً العمل على بنائه من جديد.
وأضاف: طلب والدي قبيل وفاته أن ينقل إلى وطنه ليموت فيه ولكن حالته الصحية لم تكن تسمح بذلك. وكانت إعادة جثمانه إلى سورية وصيته الأخيرة. شاكراً كل من ساعد في تنفيذ وصية فنان أحبّ بلاده كما أحبته وأعطاها كما أعطته.
الفنان أسعد فضة اعتبر أن الراحل خلدون المالح قدم عبر مسيرته الطويلة الكثير من الأعمال الدرامية والمسرحية إضافة إلى تقديمه عدداً من البرامج موضحاً أنه طاقة لا تتكرّر أبداً.
وقال الفنان مصطفى الخاني إن الراحل المالح كان له فضل على جميع الفنانين وهو من المؤسسين الحقيقيين للتلفزيون وللفن وللدراما في سورية. أما على الصعيد الإنساني فهو أكبر من أن تختصره كلمات لأنه من فرسان الزمن النبيل.
الفنان نعيم حمدي أوضح أن الراحل بدأ مسيرته الفنية والإعلامية من الصفر ولكن بفضل موهبته وإصراره واجتهاده وثقافته استطاع أن يقدم ويخرج أعمالاً ما زالت إلى الآن في ذاكرة الجمهور السوري والعربي.
وقال حمدي إنه من خلال علاقته مع الراحل على مدى نصف قرن كان فيها إنساناً حنوناً وإعلامياً كبيراً ومخرجاً متميزاً إضافة إلى كونه فناناً تشكيلياً رائعاً.
كما أشار الإعلامي محمد قطان وهو من أصدقاء الراحل إلى أنه فقد بوفاته صديق طفولته وشريك دربه الطويل منذ أن كانا طالبين في مدرسة تجهيز البنين الأولى في دمشق وصولاً إلى تأسيس فرق فنية رائدة لافتاً إلى أن المالح كان إنساناً مرهف الحسّ حنوناً عاشقاً كبيراً لدمشق.
يشار إلى أن الراحل خلدون المالح من مواليد دمشق عام 1938 ويعدّ من كبار وأوائل المخرجين التلفزيونيين في سورية، إذ أخرج عدداً من الأعمال التي حفرت في الذاكرة السورية والعربية منها «مقالب غوار» و«صح النوم» بجزأيه. و«وين الغلط» و«وادي المسك». كما أخرج الفيلم السينمائي «صح النوم»، فضلاً عن إخراجه التلفزيوني لمسرحيات المبدعين دريد لحام ومحمد الماغوط كـ«غربة» و«ضيعة تشرين». وكان آخر أعماله إخراج مسلسل «الجمل» الذي حصل على الجائزة الأولى للدراما في مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون.