اغْضَب
تسيل الدماء من القصيدة
تلوّن الأفق شفقاً
تعطّر المدى وجعاً
تنسكب في كأس الحياة
قصيدة تمطر لهباً
تحرق كلّ الذين تركهم القطار
وما زالوا في الجهل يتخبّطون
بين حقبات الزمن
حتى النسيان الذي التهمهم
قد أصيب بالتسمّم
أحدّثكم عن وجع
يزهر ربيعاً في الصخر الأصمّ
أحدّثكم عن طير جميل
سافر نحو النور
تخرّج قبل نشأة الدهور
من مدرسة الحرّية
زارني عندما شرعت فكري
أهداني زقزقة
زرعها في جسد القصيدة
أينعت ثمارها
قطفها العنفوان
نثرها حروفاً على الورق
وهي تقول:
اِغْضَب
فالغضب صلاة ثورة الحالمين
اِغْضَب
فالأرض غرقت
بدموع المستضعفين
سطّر بدمائك على الحلم
قضية
تلوّن الأمل
والفجر المبين
اِغْضَب
فالصوت قد اعتزل المهنة
لأنّ العالم قد ضجّ
بأنين الجائعين
اِخْلَع حروفك وتعرَّ
ففي تعرّي ضميرك
عفاف وهداية للعالمين
اِغْضَب فالطفل في حيفا
بنى في كفّه
ملاذاً للشمس
من عتمة الغاصبين
وآخر في يافا
غزل من نور عينيه بحراً
لجأت إليه الأسماك كما الشهداء
بعدما جفّت ضمائر الآثمين
الطفلة في عكا
بلّلت الدموع بدموعها
فامّحت حدود الأمل الأخيرة
توكّأ الخضوع في نابلس
على عكّازه المصيريّ
سقط في قبره جثّة هامدة
في بيسان في رام الله في جنين
هناك شيء لا يسمّى موت
ولا يُدعى حياة
إنه ذلك الموت الذي يلد الحياة
اِنْتَزِع من جوف الظلمة نوراً
رُشَّه هنا وهناك
اِغْضَب
اِجْمَع شعاع الشمس
حفيف الشجر
عطر الزهر
خرير النهر
اُسْكُبْها في ثورتك الحمراء
يا ليل اِرْفَع ستائرك البيضاء
فالموت يخاف من أرواحنا
هذا ما سمعته من زقزقة العصفور
أمّا العنوان فكان
أسْقِطوا كلّ المذاهب كلّ الأديان
فالقدس ديني وأنا للقدس عنوان
ديما عبّاس منصور