عن الحوار اليمني في الكويت
حميدي العبدالله
تستمرّ جولة الحوار التي بدأت في الكويت بين وفد صنعاء والوفد الذي يمثل القوى اليمنية المدعومة من الرياض و«التحالف العربي» بقيادة المملكة العربية السعودية. وعلى عكس الجولات السابقة لم يجر تعليق الحوار، ليس فقط لأنّ الدولة المستضيفة، وهي الكويت، بذلت جهداً استثنائياً للحؤول دون تعليق الحوار والعودة إلى المواجهة، بل وأيضاً لأنّ طرفي الصراع لا يريان أيّ مخرج من الحرب المدمّرة سوى الاستمرار في الحوار، على أمل الوصول إلى تسوية سياسية في نهاية المطاف تساعد على إرساء حلّ يؤمّن مصالح الطرفين المتصارعين.
قد تستمرّ جولات الحوار، سواء كانت متواصلة كما هو عليه الحال الآن، أو متقطعة إذا اقتضت الحاجة إلى رفعها لبعض الوقت، ولكن الحوار مستمرّ، ولا حلّ في اليمن عن طريق الحرب. هذه باتت قناعة الطرفين المنخرطين في الحرب. المملكة العربية السعودية، و«التحالف العربي» وصلا إلى هذه القناعة بعد مرور أكثر من عام على بدء «عاصفة الحزم».
لقد حققت السعودية وحلفاؤها مكاسب في المحافظات الجنوبية، ومنعت السيطرة الكاملة للجيش اليمني واللجان الشعبية على كلّ أنحاء اليمن الشمالي، ولكنها غير قادرة على تحقيق المزيد من التقدّم، واستمرار الحرب على هذا النحو يشكل استنزافاً ويتيح فرصة أمام تنظيم «القاعدة» ليتمدّد على حساب القوات العربية ولا سيما في المحافظات الجنوبية، وبالتالي باتت لديها مصلحة حقيقية في وقف الحرب والتوصل إلى تسوية سياسية يكون لحلفائها دور وحصة في نظام الحكم اليمني الجديد، استناداً إلى هذه التسوية، لأنّ القضاء الكامل على خصومها، وتحديداً حركة أنصار الله والمؤتمر الشعبي لم يعد هدفاً واقعياً كما كانت تعتقد عند بدئها الحرب على اليمن وإطلاق «عاصفة الحزم».
من جهتها القوى اليمنية الأخرى، وتحديداً حركة أنصار الله والمؤتمر الشعبي، باتت على قناعة بعد تشكّل التحالف العربي، ودعمه للأحزاب اليمنية التي تلتف حول الرئيس عبد ربه منصور هادي، أنّ قدرتها على السيطرة بمفردها على اليمن أمر غير واقعي، وقد تبدّدت النجاحات التي تحققت قبل بدء «عاصفة الحزم»، على الأقلّ في المناطق الجنوبية، وبعض المناطق الواقعة في وسط اليمن، أضف إلى ذلك أنّ الحصار البري والبحري المفروض على اليمن، أثقل كاهل اليمنيّين وخلق أوضاعاً صعبة للغاية لا يمكن تحمّلها لفترة طويلة، وبالتالي باتت الواقعية تفرض عليهم تسهيل الوصول إلى حلّ سياسي على قاعدة اقتسام السلطة مع القوى والجماعات المدعومة من المملكة العربية السعودية و«دول التحالف العربي».
هذه الحسابات هي التي جعلت مسار الحوار اليمني اليمني يختلف مثلاً عن الحوار السوري السوري، وهي التي تفسّر لماذا لا يستطيع أيّ طرف من الأطراف اليمنية الانسحاب وتعطيل الحوار.