من العمل الحزبي في منفذية بيروت الحلقة الإذاعية في منزل السيد محمد الكردي
جاء في الصفحة 95، في الجزء الرابع من مؤلف «مع أنطون سعاده» للأمين جبران جريج ان «من برنامج العمل الإذاعي في منفذية بيروت أقامة حلقات إذاعية في منازل أشخاص أصدقاء للحزب يحضرها عدد من المواطنين البارزين المثقفين في المنطقة للإلتقاء بالزعيم الذي يتولى إدارتها ويشرح فيها الدعوة الى المبادئ القومية الإجتماعية.
يضيف: «أذكر أنّ الحلقة الأولى أقيمت في منطقة عائشة بكار في منزل السيد محمد الكردي «ابو شريف» حضرها ما يربو على الأربعين شخصاً، أذكر منهم الأساتذة زكي مزبودي، منير اللادقي، ويوسف سوبرة.
«قامت على أثرها قيامة الأوساط السياسية المحلية التي كانت تعتبر المنطقة مغلقة على الأفكار التقدمية، محتكرة للزعماء التقليديين. انّ هذه الحلقة الإذاعية حرّكت النفوس القابلة للنهوض وأطلقتها في تيار مصارع على صعيد مواز للصعيد القومي الاجتماعي.
«من الحلقات الناجحة التي ما أزال أذكر الضجة التي أحدثتها هي تلك الحلقة التي تمّت بمسعى من الرفيق مختار نصولي في منطقة البسطا، في منزل للبحصليّ 1 والتي ضمّت عدداً قدر بالعشرات من النخبة المثقفة التي كانت على حدّ قول الداعي الى الحفلة « تفتيش عن مخرج من القفص الذي كان يسجنها، قفص التقاليد الموروثة، من طائفية او عائلية».
«كذلك قامت قيامة الأوساط المحلية التقليدية وعلى رأسها رياض الصلح الذي اعتبر نجاح هذه الحلقة بحضور زعيم الحزب السوري القومي الاجتماعي، خصمه الألدّ، اعتبر هذا النجاح هجوماً صاعقاً عليه في عقر داره، فأخذ يتصل بالأفراد الذين حضروا الحفلة لكي ينتزع على حدّ قوله- «السموم التي جرعوها من كلمات أنطون المعسولة».
«بدأ الصراع في هذه المنطقة حامي الوطيس واستعملت فيه كلّ أساليب الرجعية من إثارة طائفية لجهة مذهب الزعيم او تحريك للعائلية الاجتماعية:
«فَمن يكون الزعيم نسباً إذا قورن بنسب هؤلاء الحاضرين. ولكن التيار كان قد انطلق يقوده الفريق المتحرّر من الطائفية والعائلية، وكان لتدخل رياض الصلح الفائدة العكسية عليه إذ عزّزت نظريات الزعيم وأقواله.
«ولعلّ أبرز ردّ على هذه الردود الرجعية تصريح بابا رشاد لأولئك العاتبين عليه لدعوته الزعيم لزيارة مدرسته: «أنا مواطن حر». لي كلّ الحرية أن أدعو من أشاء الى مدرستي . ولي الشرف كلّ الشرف، أن يكون أنطون سعاده قبل بتشريف مؤسستي بزيارة». وفي سجل المدرسة ما تزال عبارة الزعيم بخط يده تقول:
«إن ربحتم معركة الأحداث ربحتم معركة المصير القومي».
«وكذلك في إحدى هذه الحلقات، تقدم من الزعيم الشاب شفيق جدايل 2 طالباً منه ان يكتب له عبارة في دفتره المخصّص لأقوال الشخصيات، فكتب له الزعيم العبارة المشهورة «المجتمع معرفة والمعرفة قوة»، وكذلك تقدّم منه الرفيق الدكتور سامي عيتاني طالباً منه الشيء نفسه فكتب له عبارة أخرى مفقودة من سوء الحظ .
ومن الحلقات الناجحة تلك التي انعقدت في منزل الرفيق شاوي 3 في الأشرفية، وكان من أبرز حضورها المحاميان اللامعان الناشئان فؤاد بطرس وعبد الباسط غندور.
وكذلك من الحلقات الهامة على صعيد آخر تلك التي جرت في محلة الجميزة في منزل آل الشامي 4 والتي ضمّت عدداً كبيراً من الشباب – النخبة أيضاً.
عن الحلقة في منزل السيد محمد كردي، كتب الرفيق الراحل مارون حنينة بتاريخ 21/11/2003، ما يلي:
«روى لنا الرفيق المرحوم خليل الطفيلي 5 بحضور الرفيق عيسى حماده 6 ، انّ أحد وجهاء رأس بيروت، السيد محمد الكردي دعا حضرة الزعيم الى أمسية تعارف لنخبة من المثقفين البيروتيين ومنهم الطبيب والمهندس والمحامي والكاتب والصحافي . فكانت سهرة ناجحة من حيث طرح الأسئلة من الحضور على حضرة الزعيم وأجوبته المعروفة بقوة الحقيقة والمنطق والإقناع. فبدا السرور على وجوه السائلين وأبدوا قناعاتهم في ما قاله الزعيم.
وعند الانتهاء من السهرة توجه الوجيه البيروتي السيد محمد الكردي بسؤال للزعيم : «شو رأيك بالشباب يا حضرة الزعيم، انشالله على خاطرك؟»
فأجاب الزعيم بما يلي: «جرت العادة عند مواطنينا في جبل الثورة السورية ان ينحني الشباب الممتطين صهوات جيادهم أمام شيخ القرية، يهزون السيوف بأيديهم قائلين: لعينيك يا شيخ .
فكان يتفرّس بوجوههم ويجيب بكلمتين:
إذا كان مجرباً: من عادتك
اما الغير مجرّب، فيجيب شيخ القرية: نشوفك
ويقصد هنا شيخ القرية، بأن تذهب وتجاهد وتخوض المعارك وترجع بخير.
وعندئذٍ تطلّع الزعيم بالحضور وقال لهم: نشوفكم يا شباب…
فكم كان عظيماً هذا القول كقائد أمة أوجد منطقاً يختلف جداً عمّا تعودناه من أقوال الزعماء والوجهاء التقليديين وقد عرفناهم بأقوالهم التقليدية شباب ممتازين منرفع راسنا فيهم، وكتير نسرّينا بشوفتهم .
وبعد ذلك صافح الزعيم الحضور فرداً فرداً بابتسامة وبهجة وكانت علامات الامتنان والتقدير بادية على الوجوه.
مراجعة النبذة المعممة عن «الحلقات الإجتماعية»، مراجعة قسم أرشيف الحزب على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية ssnp.info.
هوامش
1 لم يورد الأمين جبران جريج الإسم الكامل. إنما نعلم أنّ رفيقاً من بيروت يدعى فؤاد البحصلي. لربما هو المعنيّ.
2 شفيق جداي : مذيع وإعلامي معروف في الإعلام المسموع منذ أوائل الخمسينات.
3 منزل الأمين اسكندر شاوي وشقيقه الرفيق فؤاد.
4 آل الشامي: من العائلات المعروفة في منطقة الجميزة، وكانت تربطهم صداقة بحضرة الزعيم.
5 خليل طفيلي: من الرفقاء المناضلين في بيروت، أشرنا اليه أكثر من مرة في النبذات عن نشاطات حزبية وعن رفقاء في منفذية بيروت.
6 عيسى حماده: كما آنفاً.