«الرواق العربي» ـ دمشق يحتضن معرضاً للفنّانَيْن حسان أبو عياش ولبيب رسلان

شذى حمّود

تقديراً لمسيرتهما الغنية في الحركة التشكيلية السورية، أقام اتحاد الفنانين التشكيليين مساء أمس معرضاً للفنانين حسان أبو عياش ولبيب رسلان ضمّ خلاصة من رحلتهما، وذلك في قاعة «لؤي كيالي» للمعارض في «الرواق العربي».

وتضمّن المعرض نحو ثلاثين لوحة تشكيلية لفنّانَيْن عملا طويلاً في حقل الديكور التلفزيوني والسينمائي السوري، إذ تنوّعت أساليب اللوحات ومدارسها وألوانها وحملت في مضامينها أشكالاً هندسية عبّرت عن جمالية الفن التشكيلي، مستخدمَين الألوان الحارّة والباردة التي أضافت إلى لوحاتهما الكثير من الجمال والإشراق والبهجة وعبّرت عن خبرة طويلة وعميقة مع اللوحة.

الفنان أبو عياش قال إنه قضى نصف قرن من عمره في مزاولة مهنة الديكور الفني، بينما كان الرسم هوايته الأثيرة التي أحبّها. مبيّناً الفرق بين العملين بأن اللوحة عمل ذاتي يقوم به الفنان أو الرسام بمفرده وفي مرسمه، من دون تدخّل أيّ شخص. وهي المتنفس الوحيد لكي يقوم بعمل فردي خارج العمل الجماعي الذي يحتاج إليه العمل في التلفزيون والسينما.

وأوضح أنّ عدد لوحاته في معرض أمس بلغ نحو 15، وهي حصيلة تجربته الفنية لسنوات عدّة، والتي مرت بمراحل كثيرة خلال نصف قرن بهدف تعريف المتلقي الحالي إلى التطوّر الذي مرت به خلال تلك السنوات. مؤكداً في الوقت نفسه أنه رغم الظروف الصعبة التي تمرّ بها سوريانا، ما زال الفنان السوري مصرّاً على العمل بإمكانياته الفردية وبرؤى مختلفة عكست تأثر بعض الفنانين بالأزمة وغيابها عند آخرين، باعتبار أن الفن التشكيلي واسع لا قيود له، ومتنوّع ومنفتح على الاتجاهات كلّها.

بدوره، قال الفنان التشكيلي لبيب رسلان: اهتمامي بالأعمال المسرحية في لوحتي أضاف إليها بعداً تغريبياً من حيث علاقة المفردات بالفراغ، واتحاد الإنسان فلا يزال الفراغ في اللوحة والإحساس بالسكون والصمت أحد اهتماماتي وما زلت أعتقد أن اللوحة هي رحلة درامية.

وأضاف رسلان: بدأت في مرحلة لاحقة من تجربتي الفنية برسم القوارير ثم بدأ اهتمامي بالنوافذ التي تمنح الإحساس الشاعري بالترقب والانتظار ولقاء الحبيب. وفي فترة لاحقة تعلّقت بتحطيم الأشياء وتكسيرها من جرار وقوارير.

وعن المضمون الفكري الحامل لأعماله قال رسلان: أحاول الابتعاد في لوحاتي عن الثرثرة واتجه نحو التبسيط وتجريد الأشياء من تفاصيلها ومعالجة الفراغ بتأثيرات لونية، والتأكيد على مناخ التوحيد والسكون. أما من حيث المعالجة فأنا أبحث عن تكنيك معقّد، وما زلت أؤمن بأن للفرشاة تأثيراً كبيراً في نقل انفعال المشاعر.

وقال رئيس اتحاد الفنانين التشكيليين الدكتور إحسان العر إن المعرض يشكّل التفاتة وفاء من الاتحاد لفنانَيْن كبيرَيْن يُعدّان من عمالقة الفن التشكيلي في سورية تاريخاً وإنجازاً. فرأينا أنه من المهم أن يتعرّف الجيل الجديد من الشباب إلى أعمال هؤلاء العمالقة من خلال اللوحة لا من خلال الأعمال الديكورية التلفزيونية فقط، ويتعلموا منهما.

ورأى رئيس الاتحاد أن لوحات المعرض كلها جميلة تنمّ عن تجربة وفهم عميقَيْن للتكوين وللإضاءة والألوان. متمنياً على الأجيال المقبلة أن يتعلموا من تجربة الفنانين الكبار التي وصلوا إليها بعد سنوات طويلة من الخبرة والدراسة.

وأشار مدير صالة الرواق الفنان بشير بشير إلى أنه يحاول دائماً أن تكون قاعة «لؤي كيالي» من الصالات المميزة بالحركة التشكيلية السورية ساعياً إلى استقطاب هؤلاء الفنانين العمالقة واستعادة أعمالهم التشكيلية. مشيراً إلى الحسّ التصويريّ والبناء المعماري والتكوينات المتميزة والألوان المعبّرة في لوحات الفنانين.

وأشارت الفنانة التشكيلية الشابة نورا الكوا إلى ضرورة أن يتطلع جيل الشباب ويتعلم من خبرة هذه الأسماء الكبيرة في المحترف التشكيلي السوري، التي تملك تجربة طويلة وغنية في مجال الفن التشكيلي وشكلت القاعدة الأساس فيه.

وكتب الفنان أنور الرحبي أمين سرّ اتحاد الفنانين التشكيليين على «بروشور» المعرض: لا شكّ في أن للتجربتين أهمية كبرى في المشهد التشكيلي السوري. فالفنانان أبو عياش ورسلان يحملان رسالة التجديد في توليف العمل الفني ـ التصوير، لأن لكل منهما ثقافته في توضّع أشكاله وتحويرها.

التشكيلي حسان أبو عياش من مواليد السويداء عام 1943 تخرّج في كلّية الفنون الجميلة في دمشق عام 1965 باختصاص ديكور، وبعدئذ عمل في التلفزيون العربي السوري كمهندس ديكور حتى عام 2003، ليستمرّ في العمل مع القطاع الخاص. كما زاول مهنة التدريس في كلّية الهندسة المعمارية في جامعة دمشق وفي معهد الفنون المسرحية، وحالياً يدرّس في دبلوم العلوم السينمائية التابع لمؤسسة السينما، وهو عضو مؤسّس في اتحاد التشكيليين السوريين ومشارك دائم في معارض وزارة الثقافة السنوية منذ عام 1961، وعمل في مجالات فنية متعدّدة منها تصميم الطوابع البريدية ورسوم الأطفال والإعلانات، وصمّم ديكور عدد من المطاعم والبيوت والحدائق وغيرها.

أما الفنان لبيب رسلان، فهو من مواليد مدينة حمص عام 1939، ينتمي إلى الجيل الثالث في التشكيل السوري المعاصر، حاصل على إجازة في كلّية الفنون الجميلة في دمشق، أقام عدداً من المعارض الفردية والجماعية ونال عدداً من الجوائز وبراءات التقدير على أعماله منها: جائزة الشراع الذهبية في معرض السنتين العربي في الكويت عام 1975، والجائزة التقديرية في المعرض نفسه عام 1977. كما نال جائزة أحسن ديكور تلفزيوني للدراما في مهرجان القاهرة عام 1999، وعمل مهندساً للديكور في التلفزيون السوري وظلّ في الوقت نفسه مواظباً على إنتاج اللوحة الفنية التي ثابر فيها على البحث البصري الجمالي عبر رؤى شاعرية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى