الرئيس العراقي يكلف العبادي رسمياً بتشكيل الحكومة؟
سيؤدي الاشتباك السياسي – الدستوري الذي أطلقه تكليف حيدر العبادي لتشكيل الحكومة العراقية خلفاً للرئيس نوري المالكي، إلى جولة جديدة من الصراع لا يبدو العامل الدولي بعيداً منها، وما يشير إلى أن وطأة السياسة بتعقيداتها وأبعادها الإقليمية والدولية لا تقل خطورة عن الحرب التي يخوضها العراق في مواجهة تحدي «داعش» في عموم البلاد.
وكان الرئيس العراقي فؤاد معصوم كلّف مرشح التحالف الوطني حيدر العبادي رسمياً تأليف الحكومة الجديدة. وقال متحدث باسم التحالف الوطني العراقي «إن الائتلاف رشح نائب رئيس البرلمان والقيادي في حزب الدعوة حيدر العبادي لرئاسة الوزراء».
وأجريت مراسم التكليف بحضور رئيس التحالف الوطني إبراهيم الجعفري ورئيس مجلس النواب سليم الجبوري.
وكان تيار الإصلاح الوطني أعلن، أول من أمس، أن 127 نائباً من التحالف الوطني رشحوا النائب العبادي لتولي رئاسة الحكومة المقبلة، مشيراً الى أن هؤلاء النواب يشكلون غالبية نواب التحالف.
وفي حين سارع حزب الدعوة الى اعتبار العبادي يمثل نفسه ولا يمثل الحزب الذي سيحتفظ بحقه القانوني ضد من خرق الدستور، معتبراً ائتلاف دولة القانون هو الكتلة الأكبر عدداً. ورأى المالكي أن الرئيس خرق الدستور مرتين حين مدد فترة اعلان الكتلة الأكبر وعندما تعمد عدم تكليف مرشح دولة القانون. وقال إن تصرف معصوم هو انقلاب على الدستور ويحمله المسؤولية عن التبعات.
وأرفق المالكي موقفه هذا بلفت النظر إلى أن العراق يعيش تحديات وتداعيات خطرة، داعياً العراقيين جميعاً لإحباط التجاوز على الدستور.
وشهدت العاصمة العراقية بغداد انتشاراً أمنياً واسعاً أثار بلبلة وتفسيرات شتى ترافقت مع صدور مواقف خلافية حول تفسير صلاحيات رئيس الجمهورية من تسمية الكتلة النيابية الأكبر. وقال مسؤولون في كتلة التغيير البرلمانية إن ليست من مهمات رئيس الجمهورية تسمية الكتلة البرلمانية الأكبر بل تكليف رئيس للحكومة.
نفي المحكمة
وفي السياق، نفت المحكمة الاتحادية العراقية ما نقل عنها باعتبارها كتلة المالكي الأكبر في البرلمان. ورأى المتحدث باسم القضاء الأعلى أن «السياسيين هم من يحددون من هي الكتلة الأكبر لا القضاء».
وسارعت الولايات المتحدة إلى تهنئة رئيس الوزراء العراقي الجديد. وقال بريت ماكغورك الديبلوماسي المكلف شؤون العراق وإيران في وزارة الخارجية الأميركية على حسابه على «تويتر»: «نهنئ حيدر العبادي على تعيينه وندعوه إلى تشكيل حكومة ووضع برنامج ببعد وطني في أسرع وقت ممكن».
وكانت دخلت الولايات المتحدة الأميركية بقوة على خط الأزمة السياسية الجديدة التي أطلقها امتناع رئيس الجمهورية فؤاد معصوم عن تسمية الكتلة النيابية الأكبر في البرلمان وبالتالي عدم تكليف رئيس جديد للحكومة. وسارع وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى إعلان دعم الرئيس العراقي، محذراً رئيس الوزراء العراقي من إثارة اضطرابات، على حد قوله.
طهران: مع من يحظى بتأييد البرلمان
ورأى الرئيس الإيراني حسن روحاني، أن المهم بالنسبة الى طهران ان يتولى رئاسة الوزراء في العراق من يحظى بتأييد غالبية اعضاء البرلمان.
وكانت مصادر مطلعة كشفت عن اجتماع عقد منذ أيام في أربيل بقيادة الجنرال قاسم سليماني مع رئيس الاقليم مسعود البارزاني في شأن التشكيلة الحكومية المقبلة.
وقالت المصادر: «إن المجتمعين بحثوا الاسماء المطروحة من قبل الوطني كمرشحين لرئاسة الوزراء واستبعدوا المالكي بشكل نهائي. وأوضحت: «أن الرئيس معصوم تعرّض لضغوطات من ائتلاف دولة القانون لتسميته بالكتلة الاكبر وتكليفه بتشكيل الحكومة التي تقابلها ضغوطات اخرى من بقية الكتل السياسية ومن بينها الاكراد الذين يرفضون تسمية المالكي لولاية ثالثة لأن ـ والكلام للمصادر ـ معصوم يحاول الخروج من حرج شديد بجولة مكوكية بين السليمانية واربيل وبغداد ليتأكد من موقف الكرد الرافض لتوّلي المالكي رئاسة الحكومة ويحصل على دعم منهم لأي طارئ.
وبينت المصادر جولة معصوم المكوكية، فقد قال البيت الأبيض: «إن نائب الرئيس الأميركي جو بايدن اتصل هاتفياً بمعصوم لحضه على الاسراع في تشكيل الحكومة الجديدة وعقب الاتصال الذي وصف بالمهم جداً غادر معصوم الى كردستان للتباحث مع القادة الاكراد في شأن رئاسة الحكومة المقبلة وفور وصوله الى كردستان، أكد معصوم في لقائه مع منسق حركة التغيير نوشيروان مصطفى بمدينة السليمانية أهمية توحيد الصفوف والمواقف لصد عناصر التنظيمات الارهابية، وبحث الجانبان معضلة الحكومة الجديدة والشخصية الاقرب للتكليف بتشكيلها، وسرعان ما غادر معصوم الى اربيل.
وذكرت رئاسة الجمهورية: «انه جرى خلال اللقاء مع القيادات الكردية مناقشة الأوضاع السياسية وما آلت إليه إجتماعات الكتل النيابية على طريق تشكيل حكومة شراكة وطنية، حيث أكد معصوم حرصه على العراق ككل وحرصه على تقريب وجهات النظر بين جميع الفرقاء السياسيين تحقيقاً للمصالح العليا للعراق وشعبه».
في سياق متصل، أكدت مصادر أن إيران شهرت البطاقة الحمراء بوجه المالكي مع إعطائه حق تعيين بديل عنه من حزب الدعوة الذي يتزعمه. وأفادت المعلومات ان مقرّباً من المرشد الأعلى للثورة الايرانية السيد علي خامنئي اكد بأنه تم ابلاغ المالكي «بنفاد مهمته وعليه ترشيح شخص يختاره بديلاً منه».
العبادي يدعو إلى التوحد
وفور تكليفه، دعا رئيس الوزراء العراقي الجديد حيدر العبادي العراقيين إلى التوحد ضد الحملة الهمجية التي يشنها مسلحو الدولة الإسلامية.
وقال العبادي في تصريحات بثها التلفزيون الرسمي بعيد تكليفه بتشكيل الحكومة «إن على الجميع أن يتعاون للوقوف ضد الحملة الإرهابية التي تشن على العراق وإيقاف كل الجماعات الإرهابية».
يذكر أن رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، أعلن مساء الأحد الماضي أنه سيقدم شكوى الى المحكمة الاتحادية ضد رئيس الجمهورية لارتكابه «مخالفة دستورية» بعدم تكليف الكتلة الاكبر، ويعني بذلك كتلة «دولة القانون» التي يرأسها المالكي.