روسيا واتفاق وقف العمليات
حميدي العبدالله
قبل انضمامه بساعات قليلة إلى اجتماع «دول مجموعة دعم سورية» التقى وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف وفود معارضة الداخل ومنصة موسكو. وأثناء اللقاء قال الوزير الروسي كلاماً يلقي الضوء على موقف بلاده من الهدنة، ويفسّر لماذا تتمسّك روسيا بقرار وقف العمليات. قال لافروف إنّ هدف الهدنة هو «عزل المنظمات الإرهابية، عسكرياً وسياسياً».
وقبل تصريحات لافروف بساعات قليلة، أدلى وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري بتصريحات حول تصنيف التنظيمات الإرهابية، ففي حين أكد أنّ المجموعة الدولية لدعم سورية منقسمة حول تصنيف «أحرار الشام» و«جند الأقصى» كتنظيمات إرهابية أكد أنّ هناك إجماعاً على تصنيف «داعش» و«النصرة» كتنظيمات إرهابية. من المعروف أنّ تنظيم «داعش» يسيطر على غالبية محافظة دير الزور، وأجزاء من محافظة الحسكة، كما يسيطر على كلّ محافظة الرقة، إضافة إلى ذلك يسيطر التنظيم على الجزء المتصل ببادية تدمر من ريفي حمص وحماة، وينتشر مقاتلون له في القلمون الشرقي، إضافة إلى سيطرته على الريف الغربي لدرعا، والحجر الأسود ومخيم اليرموك قرب مدينة دمشق، كما يسيطر «داعش» على الريف الشرقي للسويداء. وبديهي أنّ هذه المناطق توازي حوالي 70 من الأراضي التي يسيطر عليها المسلحون.
مقابل ذلك تسيطر جبهة «النصرة» بشكل رئيسي على محافظة إدلب، وتتقاسم السيطرة مع تشكيلات أخرى في ما تبقى من أرياف درعا والقنيطرة وريف دمشق.
حتى لو اقتصر تصنيف المنظمات الإرهابية، والعمل على إضعافها، فقط على «داعش» و«النصرة»، فهذا يعني بصراحة ووضوح أنّ غالبية المناطق الخارجة عن سلطة الدولة هي المستهدفة بعملية الإضعاف العسكري والسياسي، وهذا يصبّ في مصلحة الدولة والجيش السوري وعملية الحسم بنسبة 90 .
كما أنّ إصرار روسيا، أولاً على إدراج «النصرة» في قائمة التنظيمات الإرهابية، وثانياً، فرز مواقعها عن مواقع المجموعات الأخرى، وثالثاً، إلزام المجموعات الأخرى بوقف هجماتها ضدّ الجيش السوري والالتزام بالتهدئة كشرط لاستثنائها من التنظيمات المصنفة إرهابياً، من شأنه أن يدفع هذه التنظيمات إلى التصادم والاقتتال في ما بينها، لأنّ «النصرة» تريد من هذه التنظيمات مواصلة القتال إلى جانبها، وتحتاج إلى عناصرها البشرية لتدعيم قدراتها القتالية، إضافة إلى حاجتها إلى أسلحة هذه التنظيمات. كما أنّ الجماعات المسلحة الأخرى تخشى نهج «النصرة» في الهيمنة وإلغاء الآخرين، إضافة إلى أنها قد تتعرّض لضغوط من داعميها إذا لم تلتزم بالهدنة.
وبكلّ تأكيد هذا الاقتتال يضعف الطرفين، «النصرة» والتشكيلات المسلحة الأخرى، وهذا يصبّ في مصلحة الجيش السوري.
إذن حسابات روسيا الاستراتيجية التي تدفعها للتمسك بالهدنة واتفاق وقف العمليات على قاعدة عزل الإرهابيين وإضعافهم سياسياً وعسكرياً هي حسابات صحيحة مئة بالمئة.