سورية… أية قوة كامنة؟
د. خيام الزعبي
سورية أثبتت للعالم أنها وطن لا يعرف المستحيل، شاؤوا أم أبوا، فـ»داعش» وأخواتها التي تتفرّد بقتل السوريين وترتكب أبشع الجرائم الإنسانية، وتنتزع أرواح المدنيين في المنطقة بدون رحمة، وفوق كلّ ذلك تلقى الدعم على كلّ جرائمها، ليس فقط أممياً بل عربياً، تجد نفسها مشلولة بذات الحصار الذي تطوق به الآخرين، فهي أمام منعطف استراتيجي لن تسعفها كلّ بشاعة القتل التي تمارسها في أن تخفي إخفاقها في الخروج من مأزق سورية، وإرباكاتها أمام تحركات الجيش السوري التي أصبحت مؤشرات معالمها واضحة للجميع، فحساباتها اليوم قد خسرت، وقوتها التي كانت تتباهى بها عجزت في مواجهة القوات السورية.
إنّ المشهد الذي تشهده سورية اليوم يؤكد أنّ المشروع الغربي»الشرق الأوسط الجديد» يواجه سقوطاً وفشلاً ذريعاً على أبواب حلب، وأدلة الفشل على ذلك كثيرة، بدءاً بسقوط وفشل جميع العمليات الإرهابية في تحقيق أي أهداف أو مكاسب سياسية، وأن مشروع تقسيم سورية تحت وهم إرساء الديمقراطية قد انهار بعد أن انكشفت كلّ خيوط اللعبة ورأى العالم ما يجري في العراق وليبيا واليمن من مجازر ودمار، لذلك فإنّ الجيش السوري يحقق إنتصارات قوية على أرض الواقع، وهذه الانتصارات صدمت الأميركيين والأوروبيين وحلفاءهم من العرب الذين تفاجأوا بحجم القوة الكامنة لدى الدولة السورية.
عندما أحسّت سورية بوجود تهديدات حقيقية تمسّ أمنها استنفرت لوضع خطة تحرك شاملة على مختلف الصعد العسكرية ونجحت في التصدي لتلك التهديدات وإعاقتها واستطاعت إعادة خارطة التحالفات السياسية والعسكرية في المنطقة، وبرهنت عن مقدرة غير محدودة في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية، وهو أمر لا يستهان به بالنظر إلى إمكانات دولة واحدة ولا يتأتى ذلك لأيّ كان ما لم يكن يمتلك بالفعل من أسباب القوة ما يرفعه لمستوى التحدي وهو ما نجحت سورية في تحقيقه.
اليوم تتخطى سورية الظروف المعقدة إذ أصبحت الكرة الآن في ملعب الجيش السوري، وباتت بيده أيّ مبادرة هجومية مقبلة على الإرهابيين، في إطار ذلك واهم من يفكر ولو لحظة من الوقت أنّ بإمكانه الانتصار على إرادة الشعب السوري، وواهم من يحلم باستمرار الأوضاع الحالية إلى ما لا نهاية، وواهم من يمارس مهنة خفافيش الظلام أن يطول ليله، فالنور لا بدّ من أن يقهر الظلام، ويبقى أمام واشنطن وحلفائها من الدول العربية والإسلامية فرصة أخيرة قد تلجأ إليها لتحقيق مكاسب إيجابية تتمثل في إمكانية تغيير سياستها في المنطقة من خلال إيجاد قنوات إتصال مع الحكومة السورية والتعاون معها للقضاء على الجماعات الإرهابية.
مجملاً…يبدو أن أعداء سورية لم يتعلموا الدرس بعد، ولم يستوعبوا المتغيرات التي حدثت في الشارع السوري على مدى السنوات الخمس الماضية، كما لم يستوعبوا جدية الجيش السوري في إنذاراته، ما حدث في تدمر وحلب كانت رسالة جديدة لكل من يعنيهم الأمر، تقول ان سورية تمضي نحو الأمن والإستقرار، وأنها طوت صفحة الفوضي إلى غير رجعة، ولا أحد يستطيع خداعها مرة أخرى، لم تكن فقط رسالة للداخل وإنما أيضاً رسالة للخارج، هؤلاء الذين راهنوا على القوى المتطرفة والمجموعات المسلحة، وظنوا انهم قادرون على إسقاط الدولة السورية وتقسيمها، فالسؤال المهم الذي يطرح نفسه هنا هو: هل يراجع أعداء سورية مواقفهم ويعيدوا حساباتهم مع دمشق؟، أياً كانت الإجابة فسورية ماضية في طريقها، قادرة بصمود أبنائها وجيشها على تجاوز المستحيل، وأخيراً إن الحقيقة التي يجب أن ندركها بيقين بأن هذه المرحلة ستكون مليئة بالمغامرات والمفاجآت، فالمنطقة مقبلة على تغييرات كبيرة ستؤسس توازنات وتحالفات جديدة، وها نحن نعيش إنتصارات سورية وتراجع أعدائها بعد سنوات من الفشل والهزائم المتكررة.
Khaym1979 yahoo.com