قهوجي رئيساً لو أجريت الانتخابات هذا الصيف

يوسف المصري

يعوّض الرئيس نبيه بري غياب الحوار المباشر بين كلّ من تيار المستقبل العائد رئيسه الى لبنان بزخم مليار دولار لحلّ أزمة تسليح الجيش اللبناني، وحزب الله العائد من تبرير اشتراكه في سورية بدليل حاسم قوامه دخول داعش والنصرة الى عرسال، ومعه كشف قائد الجيش العماد جان قهوجي عن ان خطة التكفيريين كانت ترمي الى تكرار احداث الموصل في الشمال وصولاً إلى طرابلس المطلوب ان تكون مصراتة لبنان ذات المنفذ على البحر.

ومع ذلك فإنّ زخم عودة الحريري سيظل ناقصاً وطنياً طالما بقي الصمت السلبي هو سيد الموقف بينه وبين الحزب.

وبانتظار فتح كوّة في هذا الجدار، فإن الإضافة الوحيدة لعودة الحريري ستقتصر على نجاحات ينجزها على مستوى إعادة ترتيب البيت السنّي اللبناني، وذلك اتصالاً بحراك مصري – سعودي يوصف من قبلهما بأنه استراتيجي، يهدف إلى خلق تجمع عربي اسلامي يعزل الجماعات الاسلامية المتشددة، مع اضافة الإخوان المسلمين اليها، وينقّي كلّ مواقع الساحات الاسلامية السياسية والدينية في كلّ المنطقة منهم.

وتريد القاهرة ان يشتمل هذا التجمّع على سورية، متجاوزة في ذلك اعتراض الرياض المصرّة على إسقاط الرئيس بشار الاسد. وليس خافياً انّ مصر حققت اول امس نجاحاً لمنطقها الآنف الداعي إلى إشراك سورية في هذا الجهد العربي. وتمثل هذا الامر بنجاح مبادرة سفارتها في بيروت أول من أمس بإعادة توحيد دار الفتوى في لبنان بعد إدارتها مفاوضات طويلة شملت سورية والسعودية. ولكن هذه المصادر تشدّد على ان خطوة القاهرة هذه محصورة في اتجاهها العام لإيجاد متسع لمشاركة كلّ أنظمة المنطقة وقواها السياسية ومواقعها الدينية في مكافحة الإرهاب واجتثاث بناه الفكرية، وجعلها تغلب في هذا المجال أولوية عزل التكفيريين والإخوان على اعتبارات تبايناتها السياسية.

وتحرص مصادر ذات صلة بمصر في إطار شرحها لخلفيات مبادرة القاهرة لتوحيد دار الفتوى على إيضاح انّ إدارة مصر لهذا الملف في لبنان لن تكون لها تكملة تجاه ملفات لبنانية اخرى، كملف الرئاسة او غيره. وتكرّر انها خطوة معزولة عن الاعتبارات الاخرى وهدفها الأساس بناء تعبير عربي اسلامي مشترك حزبي وديني ورسمي يجمع كلّ من له مصلحة بإنقاذ صورة الاسلام من التشوّه وإنقاذ المسلمين من آفة الإرهابيين.

وتصرّ مصر بحسب مصادر مقربة من القاهرة على ان معركة أخذ المواقع الاسلامية الى التوحّد على اساس مبدأ الاعتدال ليست موجهة لدعم احد على حساب احد ضمن معادلات الصراعات السياسية الجارية في دول المنطقة. فهي استراتيجية خلاص تتسع للجميع ويفيد منها الجميع. وتوجه القاهرة هذا، له تطبيقاته اللبنانية أيضاً.

… الى هنا، يتضح ان المبادرة المصرية ليست لها تتمة مباشرة تتصل بتسويات يتمّ الحديث عن امكانية نضوج مؤشراتها في لبنان خلال شهر ايلول القادم. ومع ذلك ثمة مؤشرات تتوقع بأنّ الزخم الكبير الذي تحظى به حالياً «استراتيجية تجميع قوى الاعتدال» التي تقودها القاهرة، قد تقود من ضمن هدفها العام الى اطلاق مبادرة قريباً لتطبيع العلاقات بين حرب المستقبل وحزب الله، بوصفهما قوتا اعتدال اسلامي.

وبانتظار هذا التوقع غير المحسوم، فإنّ عيون المراقبين المراهنين على انقشاع ملامح تسوية لأزمة الشغور الرئاسي في لبنان في ايلول المقبل، لا تزال شاخصة على تطوّر اعتبرت انّ حدوثه سيترك حتماً انعكاساً على صلة بإنهاء مسألة الشغور الرئاسي في لبنان او عدمه. وهذا التطور المنتظر منذ أسابيع من قبل هذه المصادر، حصلت بوادره امس بترشيح نائب رئيس مجلس النواب العراقي والعضو القيادي في حزب الدعوة د. حيدر العبادي لرئاسة حكومة العراقي بدلاً من نوري المالكي الطامح لولاية ثالثة. ويعتبر هذا الحدث – برأيهم – مدخلاً لتسوية سنية – شيعية كبرى في المنطقة وليس فقط في العراق، وستكرّ في اثرها سبحة تسويات اخرى، سيكون أولها في لبنان عبر حلّ مسألة الشغور الرئاسي الذي تكشف ان هناك توافقاً لبنانياً على انه يشكل مدخلاً لا بدّ من ولوجه أولاً لإيجاد مخارج حلول للمشاكل اللبنانية الأخرى.

وبكلام آخر فإنّ بوادر خروج المالكي من رئاسة الوزراء امس، اعتبره اصحاب نظرية «توقع انفراج في شهر ايلول» دليلاً مهماً على صدق نظريتهم. كما يدرج هؤلاء الدعم الاميركي لترشيح العبادي اضافة إلى بروز مؤشرات عن دعم ناله اقليمياً، كأسباب اضافية تجعلهم اكثر ثقة بأنّ خريطة طريق الحلحلة السياسية في لبنان باتت اوضح، ومفادها: تمديد لمجلس النواب ثم انتخاب رئيس جمهورية جديد، فاعتماد قانون الستين للانتخابات النيابية المقبلة. وعلى المدى الأبعد حكومة وحدة وطنية يرأسها الحريري. وبانتظار تشكيلها يبقى الرئيس تمام سلام رئيساً للفترة الانتقالية المتصفة بأنها فترة تمرير الوقت الاقليمي اللبناني الصعب.

من هو الرئيس؟!

تؤكد هذه المصادر انه لو أجريت الانتخابات الرئاسية في ايلول حسب توقعاتها فإنّ قائد الجيش جان قهوجي هو الاسم الأكثر توقعاً. وهي ترى انّ مستلزمات توازنات صفقة وصوله واضحة، وهي نيل العميد شامل روكز قيادة الجيش كتعويض للجنرال ميشال عون عن الرئاسة الأولى.

لكن هذه المصادر توصي في هذا السياق بضرورة عدم إغفال عقبات لا تزال قائمة، أولها أنّ عون لم يعط حتى الآن موافقته على هذا الحلّ، رغم انّ النائب وليد جنبلاط خلال زيارته الأخيرة إلى الرابية لمح امامه بأنّ الواقعية تحتم ايجاد رئيس ادارة أزمة وليس حلّ الأزمة يواكب فترة العامين والنصف المتبقية حتى يستنفد المجلس النيابي الحالي كامل ولايته الثانية الممدّدة.

ليس مضموناً ان يقبل عون هذه الصفقة، ولكن لتحاشي امكانية ان يصبح الفيتو العوني معطلاً لسيناريو انتخاب رئيس ادارة ازمة الوقت اللبناني الاقليمي الصعب، فإنه يجري التفكير بترتيب انشاء كتلة نيابية عابرة لنصاب عملية انتخاب الرئيس، تضم جنبلاط – الحريري – بري. ولكن ضمن هذه التركيبة الأخيرة، يوجد نوع من الرفض الجنبلاطي للإتيان برئيس للبنان غير عسكري، وهو يعرض هنري الحلو كنموذج يمكن البحث عن رئيس على قياسه. ولكن هذه المصادر تؤكد ان «العقدة الجنبلاطية مقدور عليها» في الوقت المناسب. وتضيف انّ اسهم ترشيح قهوجي ارتفعت نتيجة مستجدّ حاسم في السياسة الدولية التي كانت توسلت استخدام الجماعات الاسلامية للضغط على الانظمة وتدمير جيوشها، اما الآن فقد بدلت موقفها وهي باشرت توسّل دعم هذه الجيوش لمكافحة هذه الجماعات الاسلامية. وضمن هذه المعادلة المستجدة فإنّ اسم قهوجي بات متقدّماً في ما لو أجريت الانتخابات خلال هذا الصيف.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى