تفجيرات طرطوس وجبلة: بوتين يُبرق للأسد معزِّياً و فرنسا تصفها بالبشعة

بعث الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ببرقية تعزية إلى نظيره السوري، بشار الأسد، بضحايا سلسلة الهجمات التي استهدفت المدنيين، أمس، في مدينتي طرطوس وجبلة الساحليتين.

وشدد بوتين على أن هذه المأساة تدل مرة أخرى على الطابع الهمجي والمنافي للإنسانية للجماعات الإرهابية التي أطلقت الحرب الدموية ضد الشعب السوري، مؤكداً استعداد موسكو لمواصلة التعاون مع الشركاء السوريين في مواجهة الخطر الإرهابي، وأعرب عن قناعته بأن المجرمين الذين تلوثت أيديهم بدماء الأبرياء، لن يهربوا من الجزاء.

وفي وقت سابق قال دميتري بيسكوف الناطق الرسمي باسم الرئيس الروسي إنّ هذه التفجيرات تثير قلق روسيا، وتؤكد هشاشة الأوضاع في المنطقة، مشيراً أنّه «من غير الممكن ألا تثير زيادة التوتر والنشاط الإرهابي قلقا شديداً، ومرة أخرى يظهر ذلك هشاشة الوضع في سورية، ويؤكد مرة أخرى ضرورة مواصلة مسار المفاوضات بخطوات حثيثة».

المواقف الروسية جاءت على خلفية سلسلة من التفجيرات الإرهابية ضربت مدينتي طرطوس وجبلة في سورية، وأدت إلى استشهاد نحو 130 شخصاً، وإصابة العشرات. وقد أعلن كل من تنظيمي «داعش» و «احرار الشام» مسؤوليته عن التفجيرات.

وفي السياق، أفاد نقيب الأطباء في اللاذقية الدكتور غسان فندي أنّ عدد الضحايا يشهد تزايداً مستمراً نتيجة الإصابات الخطيرة، وأنّ أكثر من 100 شهيد و200 جريح هي حصيلة تفجيرات مدينة جبلة.

فندي أضاف أنّ معظم الشهداء من النساء والأطفال الذين كانوا يتواجدون بكثافة في محطة النقل الواقعة في مدخل المدينة، والتي تعتبر المحطة الرئيسية التي تؤمن وصول الكثير من مواطنين القرى المجاورة، مشيراً أنّ مستشفيات مدينة اللاذقية غصت بالجرحى نتيجة استهداف مشفى جبلة الوطني من قبل انتحاري، ما أدى لإخراجه عن الخدمة واستشهاد عدد من الطواقم الطبية.

وأوضح نقيب الأطباء أنّه لا يوجد نقص بالمواد الطبية أو العلاجية، وهناك اكتفاء لدى محافظة اللاذقية بالتجهيزات والمواد اللازمة، كما تمتلك طواقم طبية تؤمن لها القدرة على استيعاب المصابين دون الحاجة للاستعانة بكوادر إضافية، فيما تقوم مديرية الصحة في المحافظة والجهات المعنية بالعمل على إعادة تأهيل مشفى جبلة للعمل بالسرعة القسوة.

من جانبها، دانت الخارجية الروسية التفجيرات ورأت أن هدفها هو إحباط نظام وقف الأعمال القتالية، وزعزعة الجهود لتسوية الأزمة السورية بالوسائل السياسية، مشيرة أنّ هذه التفجيرات الدموية «تحدٍ وقح ليس أمام الحكومة السورية ومواطني البلاد فحسب، بل وأمام المجتمع الدولي برمته والذي سبق له أن أعرب بوضوح عن موقفه الجماعي الداعم للوفاق الوطني السوري والسبل السياسية لحل النزاع في سورية، بموازاة محاربة الإرهاب بلا هوادة وفق قرارات مجلس الأمن الدولي وبيانات المجموعة الدولية لدعم سورية».

وفي موقف لافت دانت فرنسا بشدة سلسلة «الهجمات الإرهابية التي استهدفت، المدنيين الأبرياء في سورية وأدت إلى مقتل حوالي 80 شخصاً في حصيلة أولية مرشحة للازدياد». بحسب الخارجية الفرنسية.

وقالت الخارجية، في بيان، إنّ «أعمال العنف هذه والهجمات بحق السكان المدنيين في سورية تُعد انتهاكات لأحكام القانون الإنساني الدولي»، واصفاً الهجمات الإرهابية بـ»البشعة».

وفي سياق آخر، شددت الخارجية الفرنسية على ضرورة الالتزام الشامل بنظام وقف الأعمال القتالية في سورية بالإضافة إلى ضمان إيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق السورية المنكوبة.

في غضون ذلك، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في اتصال هاتفي مع نظيره الأميركي جون كيري ضرورة تنفيذ واشنطن وعودها بالفصل بين «جبهة النصرة» وقوى المعارضة التي تراهن على الولايات المتحدة.

وأشار بيان صدر عن الخارجية الروسية أمس، إلى أنّ «محور المباحثات تُركز حول الوضع في سورية، بما في ذلك الاقتراحات الروسية بشأن تنفيذ عمليات مشتركة ضد المجموعات الإرهابية والفصائل المسلحة غير الشرعية الأخرى الناشطة في هذه البلاد، والتي لم تنضم إلى نظام وقف إطلاق النار، فضلاً عن الاقتراحات الخاصة بمنع تنقلات المسلحين والأسلحة عبر الحدود التركية».

وأضاف البيان أنّ لافروف شدد من جديد على ضرورة أنّ تنفذ واشنطن، بأسرع ما يمكن، وعودها حول فصل مجموعات المعارضة السورية، التي تراهن على الولايات المتحدة، من إرهابيي تنظيم «جبهة النصرة»، الذين لا يشملهم نظام الهدنة.

وفي شأن متصل، أكدّت الخارجية السورية أنّ تفجيرات طرطوس و جبلة تُشكل تصعيداً خطراً من قبل الرياض وانقرة والدوحة بغرض تقويض الجهود الرامية إلى حقن دماء الشعب السوري وإفشال ترتيبات التهدئة واتفاق وقف الأعمال القتالية.

وقالت الوزارة في رسالتين موجهتين إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن بشأن التفجيرات الإرهابية، أنّ استمرار بعض الدول بفرض سياسة الصمت على مجلس الأمن إزاء هذه الأعمال الإرهابية التي ترتكبها التنظيمات الإرهابية في مختلف مناطق سورية ورفض هؤلاء قيام مجلس الأمن باتخاذ إجراءات رادعة وفورية وعقابية بحق الدول والأنظمة الداعمة والممولة للإرهاب يوحي لهذه الأنظمة بالاستمرار في توجيه أدواتها الإرهابية في سورية للتمادي في إرهابها وارتكابها المجازر بحق الشعب السوري، كما يؤدي إلى استمرار هذه الأنظمة في زعزعة السلم والأمن في المنطقة والعالم عبر استخدامها الإرهاب والتنظيمات الإرهابية المختلفة كوسيلة للضغط والابتزاز السياسي بغرض تحقيق مصالح دنيئة والحصول على اعتراف لها بدور سياسي إقليمي.

وأضافت، إنه في السياق نفسه فأن رفض ممثلي الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وأوكرانيا في مجلس الأمن الموافقة على طلب إدراج تنظيمي «جيش الاسلام» و«أحرار الشام» على قوائم مجلس الأمن للجماعات والهيئات والكيانات الإرهابية والإصرار على الاستمرار بتسميتها «المعارضة المعتدلة» إنما يؤكد استمرار هذه الدول وغيرها بسياسة غض الطرف عن جرائم هذه التنظيمات الإرهابية ويؤكد عدم جدية هذه الدول في مكافحة الإرهاب.

وفي شأن متصل، نقلت وكالة الأنباء الألمانية عن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، قوله أمس إنّ كل ما يفعله المجتمع الدولي في سورية «هو توفير الراحة لهؤلاء الذين يتعرضون للقتل هناك».

الجبير أضاف في حديثه «إذا تم التعامل فقط مع تداعيات الأزمة السورية، فإن العملية لن تنتهي أبداً»، مؤكداً أنّ المساعدات وحدها لا يمكن أنّ تكون حلا، مشيراً أنّ الحكومة السورية ستواجه «عواقب» بسبب ما وصفه بمنعها وصول المساعدات إلى مناطق تسيطر عليها المعارضة المسلحة، و قال «إننا بحاجة لتغيير ميزان القوة على الأرض».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى