أردوغان رئيساً لسبع سنوات: تركيا الجديدة والتصعيد

عامر نعيم الياس

فاز رئيس الحكومة التركية الأسبق رجب طيب أردوغان بالانتخابات الرئاسية الأولى التي تجرى في البلاد بالاقتراع المباشر ليكون الرئيس الثاني عشر لتركيا ولولاية دستورية تمتدّ سبع سنوات خلفاً لظلّه عبدالله غل.

وبحسب النتائج الأولية للانتخابات وبعد فرز 99 في المئة من أصوات المقترعين الذين بلغت نسبتهم من إجمالي الناخبين 74,3 في المئة، فقد حصل السلطان العثماني على 51,8 في المئة من الأصوات متقدماً بفارق 13 نقطة على منافسه أكمل الدين إحسان أوغلو، المدعوم من العلمانيين الكماليين والقوميين، والذي حصل على 38,5 في المئة من الأصوات، فيما حصل المرشح الكردي صلاح الدين ديمرطاش على 9,8 في المئة من الأصوات.

ذكرنا سابقاً على صفحات البناء أن السؤال المطروح في ما يخص الانتخابات الرئاسية التركية هو ليس من سيفوز بها؟ بل من أي جولة سيفوز؟ فعلها أردوغان الذي يحكم البلاد منذ أحد عشر عاماً وفاز وحزبه بتسع انتخابات متتالية كانت آخرها الانتخابات البلدية التي أجريت في 30 آذار الماضي والتي أجريت على خلفية سنة سياسية صعبة مرّ بها أردوغان وحزبه، ففي حزيران 2013 تظاهر ملايين الأتراك ضد استبداد الإسلاميين، وبعدها بأشهر طفت على السطح فضائح الفساد والصراع مع جماعة الداعية الإسلامي فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة الأميركية، لكن كل ذلك لم يمنع من فوز أردوغان بالانتخابات الرئاسية من الجولة الأولى حيث قال الرئيس التركي المنتخب مخاطباً أنصاره فور إعلان النتائج الأولية «اليوم هو عيد ميلاد تركيا الجديدة وسأكون رئيساً لـ77 مليون تركي»، وأضاف: «اليوم انتصر من صوّت ومن لم يصوّت لنا، ليس تركيا فحسب بل إسلام آباد وكابل وحماة وحلب ودمشق وحمص وغزة ورام الله والقدس، كلها انتصرت»، فما دلالات ذلك؟

بالعودة إلى الوراء قليلاً وتحديداً إلى شهر تموز الماضي وخلال كلمة في اسطنبول قال أردوغان لمناصريه «دستور جديد لتركيا جديدة هو أولويتنا. دستور جديد يعني مستقبلاً جديداً»، هنا تحضر كلمات أردوغان الأولى بعد إعلان فوزه بالانتخابات الرئاسية، فهو يريد توظيف الاقتراع المباشر ودلالاته الديمقراطية في خدمة طموحه بتمكين حكمه وحزبه أكثر فأكثر عبر تعزيز صلاحياته الرئاسية وتعديل الدستور التركي، وعلى رغم وجود عقبات عديدة تعترضه أحدها الخلافات داخل حزب العدالة والتنمية حول تعزيز صلاحيات الرئيس إلا أن المعركة بدأت.

البعد الإقليمي الحاضر في كلمة أردوغان من أنقرة وانتصار المدن والعواصم التي ذكرها تعكس بكل وضوح وجود موجة جديدة من التصعيد في بعض المدن التي تشهد أعمال عنف وخصوصاً تلك السورية منها هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن الإشارة إلى العواصم الإسلامية الأخرى يكشف نزعة أردوغان لقيادة الطائفة السنيّة إقليمياً على الصعيد الإقليمي، وفي ذلك رسالة إلى السعودية التي تقود حرباً ضد حركة الإخوان المسلمين، كما أنه يوجّه رسالة أخرى إلى إيران باعتبار أن بلاده منافس جديٌّ لها على ساحات المدن التي ذكرها العثماني الرئيس في كلمته.

أردوغان رئيساً لتركيا الجديدة التي يريد استكمال خلعها من جذورها أو ما أسماه بـ»عهد الوصاية»، بداية جديدة لعصر جديد من المواجهة واستكمال تنفيذ مشروع الإسلاميين المحافظين بدايةً من الداخل التركي وليس انتهاءً بالإقليم، هي سبع سنوات من حكم رئيس إسلامي الانتماء عثماني الهوى وإن كان الدستور التركي يفرض على الرئيس عدم الانتماء إلى أي حزب أو تنظيم سياسي.

كاتب سوري

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى