تلفزيون لبنان
في مثل هذا اليوم أمس بدأ الشغور الرئاسي، ورغم مضيّ سنتين عليه، لم تظهر أيّة إشارة على انتخاب قريب.
وترقّب الأوساط السياسية على اختلافها مجيء وزير الخارجية الفرنسي إلى بيروت بعد يومين في مهمة تحريك المياه الراكدة في البرميل الرئاسي.
وفي السياسة وقبل انعقاد جلسة اللجان النيابية المشتركة، أكّد تكتّل التغيير والإصلاح أنّه يؤيد القانون الأرثوذكسي.
ومن المعلوم أنّ اللجان النيابية المشتركة تبحث بعد غد اليوم في مشروع قانون مختلط.
وفي الأمن، برزت جريمة قتل الشاب محمد الحجيري ثأراً لمقتل الجندي محمد حمية، وقد اتّخذ الجيش تدابير مشدّدة على طول طرق عرسال بعلبك.
«المنار»
ستة عشر عاماً وما قُلبت بعد كل صفحات النصر المبين وقع لكل عام كشف صهيوني جديد عن الهزيمة التي مني بها الاحتلال ذات أيار أمام إرادة اللبنانيين ومقاومتهم. لم يكن القرار بالانسحاب من كامل لبنان، قال رئيس شعبة عمليات الجيش الصهيوني يومذاك يورا آلان. إلّا أنّ العمل بتوصيات قيادة الأركان الاحتفاظ ببعض التلال المشرفة تعذّر مع الانهيار أمام زحف المواطنين المظلّلين بالرايات الصفراء، رايات ما انكسرت مذ رفعها أهلها عنواناً لتحرير لبنان والدفاع عنه، وما زالت مرفوعة حيث يجب أن تُرفع، نصرة للمظلوم بوجه كل معتدي على الأمة صهيونياً كان أو تكفيرياً.
ومن المناسبة التي قلبت المعادلات في المنطقة من ذكرى 25 أيار، يُطلّ غداً اليوم سماحة الأمين العام لحزب الله من النبي شيت في البقاع محيياً الذكرى وتلك المعادلات، ومطلّاً على مجمل التطورات.
في البقاع اليوم أمس ، حادث أمنيّ تمثّل بمقتل ابن شقيق مصطفى الحجيري أبو طاقية الذي يتّهمه والد شهيد الجيش اللبناني محمد حمية بالمشاركة بقتل ابنه الذي اختطفته الجماعات التكفيرية في عرسال. والد الشهيد تبنّى قتل الحجيري تحت المسمى الثأري الذي لجأ إليه كما قال، لأنّ الدولة تخلّت عن معاقبة المجرمين.
«أن بي أن»
تفاصيل سياسية مؤجّلة بحكم عناوين بالجملة داهمت الساحة اللبنانية. عمليّة ثأر في البقاع نفّذها والد الشهيد محمد حمية بقتله ابن شقيق مصطفى الحجيري المعروف بأبو طاقية، لكن الجيش تدخّل على الفور في مداهمات وملاحقات بحثاً عن معروف حمية، ومنع توتير الوضع الأمني على خط عرسال طاريا.
لبنان الذي يتحضّر لإحياء ذكرى التحرير يستعيد تجارب بطولة مقاومين وصمود الجنوبيين وصفحات الوحدة الوطنية المفتوحة، وهي السلاح الأمضى. ومن هنا كانت حركة أمل تطلق دعوة القوى السياسية إلى الاعتبار من الماضي وصنع وبناء مستقبل مستقر مزدهر، بدءاً من إنجاز الاستحقاق الرئاسي وتسريع قانون عصري للانتخابات. الأيام المقبلة ستزدحهم مجدّداً بطروحات صياغة هذا القانون، فهل يكون على مستوى ما يطلبه اللبنانيون؟
تجربة الانتخابات البلدية والاختيارية تحطّ في الشمال الأحد، فتحت الباب إلى انتخابات نيابية يمكن أن تجري فور استيلاد القانون، لا شيء يمنع.
خارجياً، تتّجه البوصلة الميدانية باتجاه حسم المعارك ضدّ الإرهاب من العراق الذي يتقدّم جيشه في الفلوجة إلى سورية التي استعدّ في شمالها الكرد وما يسمّى قوات سورية الديمقراطية، مدعومين من الولايات المتحدة الأميركية بحملة عسكرية ضدّ «داعش» في الرقة. التنظيم الإرهابي وسّع مساحة استهدافه متكافلاً متضامناً مع جبهة النصرة، عملياً، التي تريد استباق عمليات الجيش السوري المدعوم من الروس بتنفيذها هجمات نحو حلب أو الغوطة الدمشقية، الهدف عند «داعش» و«جبهة النصرة» إرباك السوريين والروس على أكثر من جهة، وبذلك أتت التفجيرات أمس أول من أمس في جبلة وطرطوس في سياق تشتيت تركيز الجيش السوري وإثارة الفتن المناطقية والمذهبية. السوريّون مدركون يجهضون مشروعاً وراء مشروع.
«او تي في»
هل ارتاحت نفس محمد حمية اليوم أمس ، حين ألقى أقاربه جثة ابن شقيق أبو طاقية على قبره وسمع والده عبر شاشة الـ»أو تي في» يُعلن أنّه هو من أطلق النار أخذاً بالثأر؟ بالمنطق العلمي هي جريمة، بالمنطق اللبناني غابت الدولة فبات الثأر مشروعاً. بالمنطق المبدئي القتل مُدان، بالمنطق اللبناني أهملت الدولة أبناءها فباتت العين بالعين والبادئ أظلم. البعض سيرى في معروف حمية مجرماً امتدّت يده إلى السلاح لقتل شاب في مقتبل العمر، والبعض الآخر سيُصرّ على أنّ معروف حمية غابت الدولة عن السمع ففار دم الوالد المفجوع الذي وعد يوماً بالثأر، ووفى اليوم. لكل وجهة نظر، لكن ماذا بعد؟ دعونا نتخيّل قوة من الأمنيين والعسكريين تدهم المنطقة لتُلقي القبض على حمية، الذي أطل بالفم الملآن عبر الـ»أو تي في» ليعلن أنّه هو من قتل حسين الحجيري. ستعثروا عليه، ويتقدّم منه أحدهم زميل ما لابنه الجندي الشهيد ويقول «يا حاج جايي وقفك»، سينظر حينها إلى عيني الوالد ويقرأ فيهما ألف سؤال وسؤال، أين كنت حين رفضت سلطتكم السياسية دهم أوكار الإرهاب في عرسال؟ ماذا فعلتم جميعكم لتحرير العسكريين المخطوفين، وماذا تفعل محاكمكم بالمجرمين الإرهابيين الملقى القبض عليهم؟ ألف سؤال سيُطرح، كلّها بلا جواب، وكلّنا يعرف الجواب وكلنا نخفيه بتنهيدة أسى ونقول هيدا لبنان. بالطبع ليس حسين الحجيري المجرم الواجب أن يعاقَب بالقتل، وبالطبع ليس معروف حمية القاضي والحاكم الواجب عليه أن ينفّذ هذا الحكم، لكن متى غابت الدولة وغاب قرارها بات الجميع ضحية وسقط العدل فسقطت الدولة.
«الجديد»
على ديار أبو طاقية رجعوا صحاب الحمية..
ضحية على قبر شهيد في عملية ثأر نفّذها والد جندي بطل. الفاعل .. معروف، ويعلن عن نفسه قبل أن يتّهمه أحد ويهدي ثأره لولده الشهيد محمد حمية الذي خُطف وأُعدم وعاد جثة مع العائدين في عملية التبادل مع «جبهة النصرة» الإرهابية. لن يختلف اثنان على أنّ حسين الحجيري لا يحمل وزر سيئات مصطفى الحجيري، ولا هو اعتمر طاقية الإرهاب، بل كان مواطناً عرسالياً يعمل في رأس العين وقد وقع عليه الثأر لارتباطه عائلياً بشيخ الإرهاب لكونه ابن شقيق أبو طاقية. هل صلة الدم هي مبرر للقتل؟ حتماً لا. غير أنّنا نتمتع بدولة لا يحكمها سوى شريعة الغاب، فنحن في سلطة تُبيح لأبو طاقية حرية التنقّل، وتمنحه شرف البطولة، وتشكر له تعاونه في الخطف والتبادل معاً. دولة تدلّل أبو طاقية، وتمنح أبو عجينة سجل نفوس «ساطعاً» يخوّله خوض أي عملية انتخابية وبينها البلدية. وبحكم الشريعة نفسها يتمكّن آل فتوش من ضرب الموظفين وسحب المسدسات في وجوههم، ثم يُساق الموظف إلى المساءلة ولا يقال للجاني «محلا الكحل بعينك». وتحت سقف الدولة: زعران في الزعرور.. وحملة سلاح فالت في شوارع المدينة. رصاص طائش لسلطة يُفترض أنّها عاقلة يمكنها توقيف مُطلقي النار بدلاً من ملاحقتهم على «تويتر» و«فايسبوك». وهم أصبحوا يفتخرون بأفعالهم وينشرون صورهم على وسائل التواصل الاجتماعي. الجريمة لا تبرّر جريمة كما يقول آدمي عرسال ورئيس بلديتها باسل الحجيري، لكن يبدو أنّ السلطة الفالتة تعلّم الناس الحرام.
حسين الحجيري ضحية، ومعروف حمية قاتل مع سبق إصرار دولته على التهاون في دمعته وحرقته.
«المستقبل»
أين سيذهب كل هذا التحريض على عرسال وأهلها؟ وكيف يترجم الحقن المذهبي اليومي، والحقد الإعلامي، وتصوير عرسال على أنّها قلعة «داعشية»، وتصوير أهلها على أنّهم مصاصو دماء؟
وإذا أضفنا على هذه الخلطة التحريضية، خلطة أخرى، من تعميم مفهوم احتقار الدولة وقوانينها، إلى تشريع السلاح غير الشرعي، وشريعة الغاب، بدلاً من الاحتكام إلى عدالة القانون، نكون أمام الجريمة الكاملة التي يمكن أن تدخل البلاد في فتنة قاسية.
هي ثقافة القتل وحماية القتلة والمجرمين وتحويلهم إلى قدّيسين. هي ثقافة تهلّل لمن يقتلون الأبرياء في وضح النهار، وآخرهم والد الشهيد محمد حمية، معروف حمية، الذي تحوّل من رجل مكسور الخاطر إلى مجرم طريد العدالة.
أسوأ ما في هذا المشهد بعض وسائل الإعلام التي فتحت الهواء للقاتل لتسأله إذا كان مرتاحاً بعد قتل بريء، وتشكره. حمّى «السكوب» وفوضى الأخلاق تقتل حتى احترام الإعلام للقوانين. القناة نفسها، تفتح الهواء التحريضي كما لو أنّها تنقل وقائع معركة اتنخابية. لا حياء ولا انتباه إلى أنّها تغوص في الدماء.
رصاصات حمية في جسد الشاب البريء حسين الحجيري، العامل في وكالات الإغاثة، جاءت بعد يومين من اغتيال مشابه، لكن برصاصة طائشة للشاب وسام بليق.
فبحسب مصادر خاصة لتلفزيون المستقبل، أكّد التحقيق أنّ بليق قُتل برصاصة طائشة آتية من الخلفية نفسها: تفلّت السلاح غير الشرعي وانتشاره بين المواطنين، وتعميم مفاهيم احتقار الدولة وقوانينها، والتعطّش الدائم للقتل، إمّا عمداً، أو بالرصاص الملعلع فوق رؤوسنا.
«ال بي سي»
محمد حمية شهيد الإرهاب، حسين الحجيري شهيد الثأر. محمد حمية ابن الأربعة والعشرين عاماً عسكري خطفته «جبهة النصرة» وأعدمته في التاسع من أيلول من العام 2014. حسين الحجيري ابن الاثنين والعشرين عاماً عامل مع الأمم المتحدة في مجال الإغاثة اختطفه والد محمد حمية وأعدمه بالرصاص، ووضع جثته على ضريح ابنه محمد. شهيد على ضريح شهيد والفاعلان متواريان. الفاعل الأول من «جبهة النصرة»، والفاعل الثاني معروف حمية. قد تنقسم الآراء وتتعدّد المواقف، لكن هذا لا يمنع من القول أنّ تقصيراً ما في مكان ما أوصل هذه الكارثة المتمادية، والتي قد تستفحل ما لم يتمّ التعاطي معها على أنّها حادثة عادية، فما تمّ تفاديه بعد إعدام محمد حمية هل بالإمكان تفاديه بعد إعدام حسين الحجيري؟ محمد حمية وحسين الحجيري متقاربان في الكثير من الأمور، متقاربان في العمر متقاربان في الرسالة، محمد في المؤسسة العسكرية وحسين في نطاق الإغاثة، وبقيا متقاربين حتى النهاية. الاثنان استشهدا إعداماً.
«ام تي في»
إنّها ليلة حزينة في تاريخ الجمهورية، فقبل عامين تماماً غادر الرئيس سليمان قصر بعبدا، ومنذ ذلك الوقت وقصر بعبدا فارغ إلّا من موظفيه. إنّه أطول فراغ رئاسي في تاريخ الجمهوريتين الأولى والثانية، وهو أخطر فراغ أيضاً لأنّه مرشح للاستمرار ما دام هناك قوى أرادت الفراغ وتريد استمراره في مقابل قوى أخرى لا تملك استرتيجية واضحة ومحددة للخروج من المأزق. ففي الذكرى الثانية للفراغ الرئاسي سؤال يُطرح، هل نحن أمام أزمة ومأزق جمهورية سقوط منطق الدولة في بعبدا سبقه سقوط المنطق عينه في بعلبك؟ فوالد الشهيد محمد حمية أخذ بثأر ابنه فقتل حسين محمد الحجيري ابن شقيق مصطفى الحجيري الملقّب بأبو طاقية. هذا الحادث الخطر وتّر الأجواء في عرسال ومحيطها، ودفع الجيش إلى اتّخاذ تدابير مشدّدة خشية تدهور الأمور، لكن التدابير الاحترازية على أهميّتها لا تمنع السؤال عن سبب التراخي الذي أعاد عقارب الساعة إلى الوراء عبر تغليف مفاهيم شريعة الغاب والثأر على مفهوم الدولة ومبدأ العدالة.