أنا وأنت
علينا أن نلتقي. مضى زمن طويل كنتَ فيه مشغو ً.
كيف الحال؟ الحياة ترحم والظروف تزداد تعقيداً. المهم عشاؤنا مساءً في مكاننا المفضل. أحبّ ارتشاف القهوة تحت ضوء القمر.
كيف العمل؟ عندي ما أخبرك به سيكون قاسياً لكنه ضروري. أعرف كيف وصلنا إلى… لحظة. نلتقي بعد أربع ساعات. كيف الأهل؟ لماذا لا تتكلمين؟
ـ حسناً، نلتقي على العشاء في المكان والزمان اللذين تريدهما.
ـ لِم تسلّلت الهزيمة إلى أجوبتك مؤخراً؟ ثوري. اعترضي. قوّة شخصيتك كانت أجمل ما فيك. يهمّ. إلى اللقاء. انتظرك.
تحت سماء البدر المتألق، جلس في المقهى القديم على شاطئ البحر. كلّ شيء حوله تغيّر. أثاث المقهى والعاملون فيه. هاجمته الذكريات فجأة. هنا اعترف بحبّه. هناك تباد عهوداً وأحلاماً. سعادة وضحكات. وفي تلك الزاوية المنعزلة المظلمة، بكت على كتفه دموعاً تستجديه البقاء. رجف قلبه عندما مست نسائم البحر المنعشة وجهه. صمته. كم مضى على اللقاء الأخير؟ سنة، سنتان؟ يا إلهي أكثر من ثلاث سنوات! تنبّه للوقت. نفض عنه غبار الماضي وعاد إلى ترتيب ا فكار. سأبدأ بكلمات رقيقة، العشاء «سلطان ابراهيم» فهي تعشق الأسماك. سأستمع لجديدها وما لديها من أخبار. وأقدّم لها هذا الشال الحريريّ، فالهدايا الثمينة تُفرحها. عليها تفهّم ظروف عملي وأسباب انشغالي وموجبات ا نفصال. سأتحمل دموعها وردّ فعلها. أرجو أ يعلو صوتها في المكان. ليست النهايات السعيدة واجبة في كل العلاقات.
نظر إلى ساعته، تأخرت قليلاً. كان من عادتها احترام المواعيد. كل شيء تغير. عليها أن تتفهّم ظروفي. عليها ذلك.
تدخل من باب المقهى جميلة أنيقة كما عهدها. تقترب نحوه بكلّ هدوء. شعرها الطويل الداكن يغطّي وجهها البشوش. وبعينين تشعّان أملاً ولطفاً تنظر إليه. تمدّ يدها الناعمة للسلام. وتعرفه، زوجي «أحمد» زميلي في العمل ووالد ابنتي «منى». وأشارت إلى طفلة ذات سنتين تركض ضاحكة في أرجاء المكان. ثم أردفت: شكراً على دعوة العشاء. كم جميل أن نجتمع أنت وأنا بعد طول انقطاع!
رانيا الصوص