العراق… على حافة الفوضى
ترجمة: ليلى زيدان عبد الخالق
جاء في موقع «Crisis Group»:
أدّى الاقتحام العاصف الأخير على المنطقة الخضراء المحصّنة في بغداد من قبل المتظاهرين الموالين لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، إلى تفاقم معضلة ضاربة بعمق في الجذور: فالنظام الذي يحكم البلاد منذ عام 2003، هو في أمسّ الحاجة إلى إصلاح جذريّ، فالطبقة السياسية الحاكمة تبدو شديدة المقاومة في وجه تحقيق تغيّر فعليّ. فقد خلقت التظاهرات والاحتجاجات الشعبية، وتمرّد بعض السياسيين صيغةً قابلةً للاشتعال، شلّت مؤسسات الدولة، وهدّدت بإسقاطها. ومن الواضح، في الوقت عينه، أن الوضع الأمني يتردّى باستمرار، كما يتّضح من خلال سلسلة الهجمات التي تضرب بغداد منذ أيام والتي يتبنّاها على الدوام تنظيم «داعش» الإرهابي.
ديناميات ثلاث تسيطر على المشهد العام في العراق. تتمثل الأولى في الخلل الذي أصاب النظام السياسي في الصميم منذ عام 2003. والذي صُمّم في الظاهر لضمان التمثيل العرقي ـ الطائفي العادل في مؤسسات الدولة ما يسمح ـ في واقع الأمر للأحزاب السياسية من تحديد هوياتها العرقية الطائفية بهدف السيطرة عليها. وتتمحور الثانية حول الخسارة المتزايدة للثقة الشعبية في هذه الأحزاب والغضب عليها بسبب ضعف أدائها. أما ثالثاً وأخيراً، فهو انقسام القيادة السياسية، وتحديداً بين القوى السياسية الشيعية الكبرى ـ حزب الدعوة الإسلامي من جهة، والمجلس الإسلامي الأعلى في العراق، وجماعة «أحرار الصدر»، التي تعاظم عددها بسبب السخط الشعبي والتراجع في أداء النظام.
وكان ان اندلعت الشرارة، عندما ادّعى مقتدى الصدر ـ وهو زعيمٌ شيعيّ ورجل دين معروف ـ المطالبة بالسيطرة على الاحتجاجات الواسعة التي حصلت في شباط الماضي. واجه الصدر الغضب الشعبي في المشهد السياسي على نحوٍ فعّال، ما خلق مواجهة مزدوجة: بين الشارع والنخبة السياسية من جهة، وبين كتلته «الأحرار» ـ التي وضعها كرأس حربة لحركة الإصلاح ـ وغيرها من الأحزاب السياسية الشيعية، من جهة ثانية.
تخضع مؤسسات الدولة في الوقت الحالي للشلل: ويعود ذلك إلى الضغط الذي تسببه الحركات الاحتجاجية في الشارع الهادفة إلى الإصلاح، والممنوعة من القيام بذلك من قبل الأحزاب الشيعية المنقسمة، ليكون البرلمان الضحية الأولى للمواجهة. وكان رئيس الوزراء حيدر العبادي قد عقد اتفاقاً لاستبدال خمسة وزراء، وهي خطوة من شأنها استيعاب مطالب كتلة الأحرار، وتعيين التكنوقراط، وتجنّب الأضرار التي لحقت بباقي الأطراف الأخرى. وقد حقّقت هذه التسويات نتائج عكسية عندما رفع الأحرار المطالب المنادية باستبدال الحكومة بكاملها وتحديداً الرئاسات الثلاث الأولى فيها: رئيس الوزراء، الرئيس ورئيس مجلس النواب. وبطبيعة الحال، لا يمكن استبدال القادة المنتخبين ولا الرئيس أو رئيس البرلمان، لكن دعوة التيار الصدريّ للقيام بهذه الخطوة، يؤكد على قدرته الخطابية كما اتهامه للنظام بكامله .
أما الأطراف التي صوّتت في البداية للإصلاح الأكثر تواضعاً والمقترح من قبل عبادي، فباتت ترفضه الآن للموافقة على استبدال وزرائها، ومنع اكتمال النصاب القانوني اللازم لعقد اجتماع مجلس النواب. وبما أن التصويت قد أُجّل، فإن الأزمة تحوّلت مرّة أخرى إلى الشارع، عندما أذعن المتظاهرون لمطالب الصدر، واستجابوا لندائه لهم إلى دخول المنطقة الخضراء، مقرّ عدد من المؤسسات الحكومية واقتحام مبنى البرلمان في 30 نيسان الماضي. وبينما تستمرّ الصراعات بين المحتجّين والقادة السياسيين بالتصاعد، يدخل البرلمان مرحلة الموت السريريّ.
الشارع: متغيّر جديد وحيوي في السياسة
اتخذ تصاعد الاستياء من النخبة الحاكمة أشكالاً تعبيريّة مختلفة. وكان أبرز ما تمظهر به: احتجاجات الشوارع. وعلى مدى أكثر من عِقدٍ من الزمن، كان التواصل مع قادة الأحزاب في المنطقة الخضراء، كفيلاً بتحديد كيفية الحصول على التعليم، التوظيف، فرص تنظيم المشاريع، في مناطق معينة من البلاد. غير أن شبكات المحسوبيات هذه لطالما قاموا بتنظيمها في كافة أنحاء القطاع العام، تاركين الشباب بلا أمل، إلّا حين يلعبون وفقاً لقواعد المنطقة الخضراء. إنه جيلٌ جديد مجبول بالرغبة في تحدّي الوضع الراهن، بدلاً من القيام بترتيب أجندة سياسية ذات أهداف محدّدة.
يقود الصدر في الوقت الحالي، جهات فاعلة مختلفة، تحمل الكثير من المشاعر المناهضة للمؤسسة الساعية إلى تنفيذ أجندتها الخاصة. احتجاجات عارمة مماثلة أثارت غضب عددٍ من المحافظات السنّية عام 2013، واستهدفت أيضاً المؤسسة السياسية للمنطقة الخضراء. وبسبب التداخل بين الشكاوى العددية المقدّمة من الطائفة السنّية والمترافقة مع القمع العنيف الذي مارسته الحكومة، تحوّلت هذه الاحتجاجات إلى مواجهات بين السنّة والشيعة، ما مهّد الطريق ـ وللمرّة الأولى ـ لمسلّحين سنّيين، ومن ثمّ للجماعات الجهادية للتأثير على توجهاتها. الأمر الذي أدّى إلى تسجيل زيادة ملفتة في قوّة تنظيم «داعش» الإرهابي في حزيران 2014، عندما تمكّن التنظيم من اجتياح أجزاء كبيرة من المحافظات السنّية والسيطرة عليها. وفي السنة التالية، عام 2015، نزل عدد كبير من الشباب الشيعة إلى شوارع البصرة، وغيرها من المدن ذات الغالبية الشيعية، للتعبير عن استيائهم وغضبهم من فشل سياسيي المنطقة الخضراء في إدارة شؤون البلاد.
استغلّ مقتدى الصدر هذه المشاعر، وعمد إلى قيادة داعميه، والسير بهم إلى قلب المؤسسة السياسية في البلاد ـ المنطقة الخضراء ـ مثيراً مواجهةً مباشرةً بين الشارع والنخب محوّلاً الاحتجاجات إلى متغيّر رئيسيّ في السياسة العراقية.
عوائق الإصلاح
يواجه التغيير الحقيقي للنظام السياسي الحاكم بعد عام 2003، تحدّيات هيكلية خطيرة، في الوقت الذي تحوّلت فيه الأحزاب السياسية ومؤسسات الدولة إلى هيئات مترابطة تساعد بعضها في البقاء على قيد الحياة. لا يمكن لنظام جديد أن يخلق طبقة سياسية ـ سواء عن طريق الانتخابات أو التغييرات التشريعية ـ كما لا يمكن للطبقة السياسية أن تحاول تغيير النظام محاولةً جدّيّة.
وُضعت الأحزاب السياسية معاً في الحكومات بهدف تقاسم السلطة، وكانت هذه الطريقة الأمثل التي انتهجتها الولايات المتحدة الأميركية لضمان التمثيل العرقي والطائفي الواسع في مؤسسات الدولة خلال فترة الاحتلال العسكري بين عامي 2003 و 2011. هذا، وقدّم قادة هذه الأحزاب طلبات تعيين وزراء لهم في السلطة لشغل مناصب رفيعة المستوى مع أتباعهم وكذلك لشغل وظائف أخرى داخل وزاراتهم. ولم يكتفوا بوضع كوكبة من الكوادر الحزبية في الأدوار الرئيسة لصنع القرار في مؤسسات الدولة، بل قاموا بتخطي النقص الحاصل في الدعم الشعبي عن طريق الاستخدام الفعّال لرواتب الدولة بهدف شراء ولاء الناس. لذا، لم يعُد مستغرباً الحديث عن مقاومة قادة الأحزاب الرئيسية للإصلاحات التي من شأنها تعريض نظام المحسوبية ـ الذي يُكسبها قوتها ـ للخطر.
غير أن الطريقة التي عملت فيها الأطراف السياسية على تجميد السياسة العراقية، جعلتها تتمحور حول الشخصيات المألوفة نفسها، فضلاً عن تعقيد الجهود الرامية لتجديد الطبقة السياسية. فلا بدّ للسياسيين الشباب من انتهاج خطى أولئك الذين سبقوهم. وحتى عند رغبتهم في تحدّي الحرس القديم، سيظلّون معتمدين على شبكات المحسوبية الخاصة بأسلافهم، إما لكسب النفوذ أو بدافع من منطق النظام لبناء شبكاتهم الخاصة في مؤسسات الدولة.
لكننا نفعل الصواب عندما نعمد إلى فصل بعض قادة الأحزاب عن مؤسسات الدولة، لأن هذا من شأنه أن يشلّ مؤسسات الدولة من حيث المبدأ، فضلاً عن تشجيع الشخصيات السياسية إلى إعادة استثمار قوتهم في العمل على تحدّيهم. فعلى سبيل المثال، وبعد استبدال المالكي عام 2014، تخلّى هذا الأخير عن شبكته المالية والأمنية الحكومية، وما لبث أن أعاد استثمارها تدريجيّا بهدف تحدّي عبادي وإضعافه.
وما يزيد الأمور تعقيداً، هو أن طلب الإصلاح يسهم في زيادة الصراع على القوة والذي يتبدّى داخل الكتلة السياسية الشيعية، والتحالف الوطني. فجميع الأحزاب المكوّنة لها، تهدف إلى إضعاف عبادي من أجل التوصل إلى عقد اتفاق يعطيهم القدرة على التأثير في اختيار أعضاء مجلس الوزراء أو تأمين مصالحهم. وفي مناشدة للمشاعر المناهضة لمؤسسات الدولة في الشارع، يأمل الصدر في تعزيز موقفه داخل هذه المؤسسات. أما في الوقت الحالي، فإن كتلة الأحرار، رفعت الرهان من خلال تحويل الدعوات لإصلاح النظام إلى مطالب لتفكيكها. وقد نجحت هذه الاستراتيجية في السماح للكتلة بالإبقاء على تحركات الشارع إلى جانبها، بل ومنحها دفعاً ونفوذاً للتوصل إلى اتفاق مع عبادي في اول تعديل وزاري مرتقب. غير أنها خلقت ـ في الوقت عينه ـ مشكلات كبيرة في إمكانية التوصل إلى اتفاقات شيعية ذات مستويات أعلى.
ومع احتمال حدوث مواجهات مفاجئة مع الأحرار، قد لا ترغب بعض الأطراف الشيعية الأخرى، في تحقيق أيّ من هذه الإصلاحات المراد تنفيذها بسرعة، لأن هذا من شأنه تعزيز قوة الصدريّين، خصوصاً أنهم تحالفوا مع بعض الفصائل السنيّة والكتلة الكرديّة ـ التي لن تخاطر في فقدان حصتها من الوزارة ـ بهدف منع انعقاد أو اكتمال أيّ نصاب برلمانيّ.
تحوّلات السلطة في الأعلى
قد تنتج هذه الإصلاحات تحولات للسلطة داخل الأحزاب، أكثر من تلك التي قد تحصل على صعيد الآليات الديمقراطية الأخرى مثل التغييرات التشريعية أو الانتخابات. وقد يحدث التجديد في القيادة تدريجياً حيث تناور الأحزاب السياسية بهدف الصمود في وجه الضغوط في الشارع، أو بسبب التدخلات السياسية من قبل الولايات المتحدة وإيران، التي قد تصبّ في مصلحة بعض الشخصيات وتجريد البعض الآخر من صلاحياته.
وعلى الرغم من أن تعديلاً كهذا يقرّه مجلس الوزراء، فإنه لن يحدّ من سيطرة الأحزاب في العراق، غير أنها قد تشكل خطوة أساسية في تغيير ميزان القوى بين وداخل الأحزاب الشيعية. ففي أحدث تعديل وزاريّ، استبدل الصدريّون ثلاثة وزراء مع التكنوقراط، حيث من المرجح العمل على تعزيز قاعدة وسلطة الأحرار من خلال التعيينات التي يمكن أن تؤثر في وزاراتهم. وعلاوةً على ذلك، فإن تغيير الوزير يعتبر أقلّ أهمية من ما قد يحدث للرتبة والملفات الشخصية للأحزاب الأخرى.
كذلك، يتصاعد التناحر داخل حزب الدعوة الموالي لعبادي. فقد حاول عبادي استخدام تعديلٍ وزاريّ للدخول في شراكة مع مجموعات أخرى ـ كما فعل حين عقد الاتفاق مع الأحرار لاستبدال خمسة وزراء ـ وتقويض سلطة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وحلفائه. فكلّما نجح عبادي في استبدال الوزراء، تآكلت سلطة المالكي المرّة تلو الأخرى. فالمالكي يشغل حالياً منصب أمين عام حزب الدعوة، ويسعى ـ من خلال الأحزاب المعارضة ـ إلى إجراء تعديل ثانٍ لمنع تصويت البرلمان، ما سيزيد من ضعف رئيس الوزراء مع الحفاظ على الحزب تحت سيطرته.
وإذا ما كان عبادي ماهراً في المناورة السياسية، فقد يستفيد من الدعم الدولي والإقليمي لإبرام سلسلة من الاتفاقات المؤقتة مع الفصائل الكرديّة والسنيّة، تماماً كما فعل مع التيار الصدريّ. وليس من المرجح إصلاح نظام المحاصصة في المدى المنظور، بل العمل على تقوية موقعه وجهاً لوجه مع الأحزاب الشيعية الأخرى، داخل بلاده على وجه الخصوص.
كما أن الضغط الخارجي قد يكون عاملاً رئيسياً في تحديد تحوّلات السلطة داخل القيادات الحزبية. فانهيار النظام عام 2003، شكّل تحدّياً للأمركيين كما للإيرانيين. وبعد الأزمة الحالية، قد تتموقع كلاً من الولايات المتحدة وإيران في الزاوية نفسها بسبب مصلحتهما المشتركة في عدم انهيار البلاد. وعلى مدى القرن الماضي، تنافست الولايات المتحدة مع الحرس الثوري الإيراني في العراق ضمن إطار مشترك وفعال للأحزاب والمؤسسات. والآن، ومع بداية انهيار النظام الحالي، فإن التحدي المطروح أمام الأمركيين والإيرانيين، يكمن في إيجاد شركاء ملائمين للمساعدة في حماية نفوذهم وإبرازه. إنه ذلك الضغط الخارجي الذي قد يؤدّي إلى عقد اتفاقيات محلية جديدة وتحولات للسلطة بين قيادات الطرفين، وبالتالي، وربما بشكل كبير إعادة تشكيل النظام السياسي الذي استُحدث عام 2003.
تشنّجات أم حلول؟
محلياً، يبرز التحدّي الأكبر في كيفية إدارة توقعات الشارع. فقد نجح الصدر في استثارة المحتجيّن، ومنح الآخرين فرصة التوصل إلى اتفاق يرضيهم. وإذا ما استمرّ الأحرار برفع حصصهم في كسب المزيد من النفوذ، سيتمكن البرلمان ـ بسهولة ـ من تحقيق النصاب القانونيّ وعقد التصويت على تغيير الحكومة. وسيعمل الصدريون ـ على الأرجح ـ على تعزيز مراكزهم بوصفهم قادة الشوارع خارج المنطقة الخضراء، وقد تستجيب الأحزاب السياسية لمطالبهم من داخل المنطقة الخضراء بالعمل على عرقلة التغيير، والتمكن عملياً من إدارة مؤسسات الدولة. إن اقتحام البرلمان والدعوة إلى إقالة الرؤساء الثلاثة سيدفع إلى الفراغ، لتتمكن الأحزاب والمليشيات التابعة لها ـ ببساطة ـ من تقاسم سلطات ومقدّرات الدولة إحداها ضدّ الأخرى.
وبطبيعة الحال، سوف تشكل العلاقات الأميركية ـ الإيرانية، عاملاً رئيساً في المعادلة. وأثناء هذه المرحلة، قد يفرض الضغط من قبل واشنطن وطهران على الأحزاب السياسية قيوداً لازمة للحفاظ على وحدة البلاد. فكلا الطرفين لديهما مصلحة مشتركة في الحفاظ على النهج الحالي مستمراً، غير أن هذا يتطلّب الدخول في لعبة المساومة يوماً بعد يوم لتغيير ميزان القوى داخل الأحزاب السياسية العراقية. وسيكون على الولايات المتحدة الأميركية والجمهورية الإسلامية الإيرانية تحويل مقارباتهما بعيداً من دعم أحزاب بعينها، محتشدة ضدّ بعضها البعض من أجل إدارة الأزمة من خلال تقسيم العمل، حيث تسعى كلّ واحدة إلى استخدام قوتها العسكرية والاقتصاية لوضع قيود على الأطراف العراقية اللاعبة الأخرى. وفي ظلّ هذا المناخ الإقليمي المتقلّب، سيكون من الخطر بمكان، أن تعمد إيران إلى دفع العراق إلى شفير الهاوية في محاولة منها للضغط على الولايات المتحدة الأميركية لتقديم تنازلات هنا أو هناك على الخطوط الأمامية أو الإقليمية الأخرى. هذه لعبة سياسية خطيرة يمكن أن تضع عبئاً أكبر على الإطار المؤسساتي للبلاد.
إن نظام عام 2003 لم يعُد يعمل كما كان، كذلك أصبح من الصعب جداً إصلاحه. إن أيّ تغيّر مفاجئ قد يولّد المزيد من عدم الاستقرار الناجم عن القيادة، أو أيّ ضعف أو استبعاد لمؤسسات الدولة. فلا يمكننا أن نتوقع أن يكون عبادي قادراً على كسر الاعتماد المتبادل بين الأحزاب السياسية ومؤسسات الدولة. وفي أحسن الأحوال، فإن الولايات المتحدة وإيران قادرتان على التنسيق للعمل على إدارة الأزمة، والعمل على أن يستفيد منها رئيس الوزراء لاتخاذ التدابير اللازمة لسدّ الفجوة التي سوف تحوي الشارع، ومنع ميزان القوى داخل الأحزاب الشيعية ـ سواء داخل الكتلة الشيعية أو داخل حزب الدعوة من التحوّل ضدّه. وبعبارةٍ أخرى، سيُضطرّ إلى السير والتنقل على رؤوس الأصابع للنجاح في إدارة الشوارع، محافظاً على التوازن الحالي القائم بين القوى، ومانعاً الإطار المؤسساتي بكامله من الانهيار.