سورية لن تسقط وإنْ تمادى المجرمون…

د. خيام الزعبي

إنّ ما يحدث لسورية الآن حلقة في مسلسل كبير من الإحباط والمؤامرات، ولكنها لن تسقط ولن تُحبط ولن تيأس، وهذه التفجيرات الإرهابية التي حصلت في طرطوس وجبلة، والتي أسفّرت عن استشهاد المئات من المدنيين والعسكريين، وإنْ كانت تدمي القلوب ولكنها تزيدنا إصراراً على العبور بسورية إلى برّ الأمان والسلام، وقد تحدّث الرئيس بشار الأسد في لقائه الأخير حول هذه التحديات والجهود التي بذلت على الأرض وقدرة السوريين على مواجهتها، وقد كانت كلماته واضحة ومحدّدة، إذ أكدّ «أنّ سورية بما لديها من قدرات وإمكانات وتلاحم مصيري بين أبنائها، قادرة على إفشال كلّ المؤامرات التي تحاك ضدّها، وستثبت الأيام الآتية أنّ كلّ الرهانات على إسقاط الدولة السورية هي رهانات خاسرة»، وكلمات الرئيس الأسد جاءت لتحذّر وتؤكد في نفس الوقت، أنّ سورية قادرة على دحر المؤامرة ومواجهة التحديات، وفي إطار ذلك إنّ سورية لن تسقط مهما حاول العملاء والمتآمرون أن يفعلوا والدولة السورية ستستمرّ رغم أنف الحاقدين.

تتوإلى العمليات الإرهابية من حين إلى آخر في سورية التي شهدت أكبر موجة من الإرهاب غير المسبوق في تاريخها الحديث والمعاصر، فقد نفّذت القوى المتطرفة عدداً من التفجيرات التي استهدفت المواطنين المدنيين، ولأنّ تلك الحرب التي تخوضها سورية ضدّ الإرهاب هي مسألة حياة أو موت، فقد كان الجيش السوري بالمرصاد لتلك الجماعات، وكشّف القناع عن أميركا و»إسرائيل» وحلفائهم في صناعة الأحداث وتعقيد الأزمة في سورية، ويسعيان منذ زمن طويل لزعزعة الأمن والاستقرار هناك، وتعمل وفق مخطط مدروس ومعدّ مسبقاً لتقسيم وتجزئة سورية، وفي الطرف الآخر أصبح الجميع على علم بأنّ الغرب وحلفاءه يريدون لسورية أن تبقى ضعيفة ومجزأة، وأصبح الشعب السوري على دراية تامة بأنّ السياسة الأميركية «الإسرائيلية» اتجاه سورية تقوم على إذكاء الصراعات المذهبية والطائفية لإلغاء دورها في المنطقة.

اليوم يواصل الجيش السوري وحلفائه استهداف وسحق القوى المتطرفة بشكل يومي في مختلف المناطق السورية، لذلك تجد أميركا و»إسرائيل» نفسيهما أمام مأزق كبير في مواصلة العدوان على سورية، فبعد أكثر من خمس سنوات من بداية إعلان حربها على سورية، لم تستطيع أميركا وذيولها الانتصار النهائي في هذه الحرب الشرسة وحسمها، وإنما أصبحت تواجه العديد من المشاكل الكبيرة التي وقفت عائقاً أساسياً أمامها في إدارة دفة هذه الحرب لصالحها، وبالرغم أنّ أميركا تعاونت إلى أبعد الحدود مع القوى المتطرفة في إعطائها السلاح والوقت الكافي لكي تقوم بعملية الحسم لهذه الحرب، إلا أنها لم تستطع إنهاء الحرب لصالحها، وفشلت في الانتصار على خصومها السوريين، فلم تستطيع أن تصدّ التقدّم للجيش السوري في مناطق الغوطة الشرقية بريف دمشق، ولم تستطيع هذه المجموعات أن تستعيد مواقعها التي خسرتها هناك بالرغم من عشرات المحاولات الهجومية وتدفق المزيد من المقاتلين الأجانب والأسلحة إليها.

بعد عدة سنوات من الحرب على سورية ترسّخت لدى الشعب السوري جملة من الحقائق والمعطيات تتلخص بدروس تاريخية لصمود هذا الشعب أهمّها:

ـ تجلت من خلال هذا العدوان أصالة الشعب السوري وصموده الأسطوري وبسالته في مواجهة المجموعات المتطرفة التي تنشر الذعر في المنطقة.

ـ كشفت حقيقة التحالف الأميركي الصهيوني وكيفية التنسيق بينهما لتقسيم سورية والمنطقة.

ـ توضّحت طبيعة التحالف العضوي بين ثلاثي الشرّ والتنظيمات الإرهابية التكفيرية، فقد كانت سورية الساحة التي توحّدت فيها جرائم التحالف والكيانات الإرهابية.

ـ كشفت وحدة الجيش السوري وقوّته مصيبة المراهنين على الإنشقاقات والإنكسارات في صفوفه بخيبات أمل كبيرة، لأنه يدرك جيداً دوره في المنطقة لمواجهة كلّ المشاريع الإمبريالية الرامية إلى تجزئة سورية.

ـ كشفت تورّط بعض الدول في تمويل وتدريب وتهريب الجماعات الجهادية المسلحة إلى سورية، كلّ هذه الحقائق تمثل نماذج من صمود الشعب السوري الأسطوري في ظلّ الحرب على سورية، كما تؤكد على أنّ الشعب السوري وجيشه قادر على مواجهة العصابات الإرهابية وقادر على صنع التحولات وتحقيق النصر.

في هذا السياق ستظلّ سورية صامدة شامخة، فالجيش السوري لن يتراجع عن حماية وطننا الكبير «سورية»، فنحن شعب عندما نُقتل نزداد عزيمة وإصراراً، سيأتي يوم وسننتصر حتى وإنْ شيّعنا في كلّ يومٍ شهداء، فالوطن أغلى وأبقى من الجميع، سنستكمل مسيرة التنمية والتقدم، فسورية هي الحضارة والعروبة والتاريخ فلن نعود إلى الخلف أبداً مهما كانت الخسائر، فالأم السورية تبكي على أبنائها وهي تقول تحيا سورية وحفظ الله جنودنا الأبطال. صحيح أنّ قوى التآمر متعدّدة في الداخل والخارج، وأنها تسعي إلى إنهاك الدولة السورية وجرّها إلى الصدام، إلا أنّ الرهان على الجيش السوري هو الكفيل بإسقاط المخطط بل والمضيّ في خطة بناء الدولة من جديد، هنا يمكنني القول إنّ المشروع أو المخطط الأميركي والذي كان يهدف إلى احتلال أو إعادة رسم خارطة للشرق الأوسط الجديد سياسياً وجغرافياً، أقول: إنّ ذلك المخطط لن يكتب له النجاح، وها هي الأيام قد كشفت لنا أنّ سورية أفشلت تلك اللعبة وأفشلت المخطط الخبيث الذي كان يهدف بالأساس إلى إضعاف الجيش السوري وتجزئة سورية والمنطقة برمّتها.

خلاصة القول… على أبواب سورية ستتحطم الخطط الأميركية ولن يصل أعداء سورية لهدفهم، فإذا تصوّروا أنّ لديهم القوة والسلاح والمال، وما يسمح لهم بالعبث في وطننا، فإننا نقول لهم عندنا إيماناً قوياً بالله وبجيشنا العظيم، ونحن جميعاً على قلب رجل واحد، وسوف يفشلون كما فشلوا في أفغانستان والعراق.

هذه سورية شعب التحدّي والصمود والكرامة والبسالة عقيدتها القتالية «هيهات منا الذلة».

كاتب سياسي

khaym1979 yahoo.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى