إطلاق منتدى للحوار بين الجانبين

اختتم مؤتمر «العرب وإيران في مواجهة التحدّيات الإقليمية: الفرص، وآفاق الشراكة» أعماله في فندق «رمادا بلازا»، بعدما ناقش على مدى ثلاثة أيام متواصلة المخاطر والتحدّيات الراهنة في البيئة الإقليمية وطبيعة أزمة المنطقة ودور السياسات الغربية وتدخّلاتها، إضافة إلى نقد خطاب الأزمة وعرض قضايا التباين والنقاش واستعراض أفق النظام الإقليمي الجديد ومجالات التكامل الاقتصادي والتبادل الثقافي بين إيران والعرب.

حضر الجلسة الختامية، رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، النائب الوليد سكرية، وزير خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية الأسبق الدكتور منوشهر متكي، السفير الإيراني في لبنان محمد فتحعلي، الوزير السابق عدنان منصور، رئيس ملتقى التواصل العربي معن بشور، ناشر جريدة «السفير» طلال سلمان، رئيس المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق عبد الحليم فضل الله، ورؤساء مراكز دراسات وشخصيات سياسيّة وحزبيّة، وحشد من الأكاديميين والمفكّرين والباحثين والخبراء الاستراتيجيين الإيرانيين واللبنانيين والعرب.

ترأّس الجلسة بشور الذي أشار في مداخلته إلى «أنّ هذا المؤتمر هو امتداد لسلسلة مؤتمرات حرصت على تصحيح أي خلل يصيب العلاقة بين العرب وإيران».

رعد

ثمّ تحدّث النائب رعد، فقال: «إنّ التناقض الجذري بين إيران والغرب لم يمنع الطرفين من تنشيط حوار بينهما حول معضلة متفجّرة، لهما مصلحة مشتركة في معالجتها. فأيّ مانع يحول دون حوار إقليمي مباشر بين دول العرب وإيران حول المعضلات الساخنة بينهما والتي لهما معاً مصلحة مشتركة أكيدة في معالجتها».

وأشار إلى «هواجس متبادلة ومؤثِّرات تاريخية ومذهبية قد أسهم الأعداء والمنتفعون في تضخيمها، وهي بحاجة إلى جهود حثيثة لمعالجتها». ورأى ضروررة إنشاء علاقات بينيّة سليمة بين العرب وإيران، قائمة على تشخيص متقارب للمخاطر والتهديدات الاستراتيجية للمنطقة وللمصالح الاستراتيجية العميقة في ما بينهما، واعتماد منهجية دائمة للتفهّم والتفاهم المباشر، وفقاً لمقتضيات الأخوّة أو الصداقة، ودرءاً للمفاسد إن لم يكن وارداً جلب المصالح».

وخلص إلى «أنّ عالمنا العربي والإسلامي يتهدّده خطران داهمان في هذه المرحلة: خطر الإرهاب «الإسرائيلي» وخطر الإرهاب التكفيري، فلتكن منّا المبادرة للتصدّي لهذين الخطرين، ولتتشارك إيران والعرب جميعاً في إنجاز هذه الأولوية».

متكي

من جهته، رأى متكي «أنّ الدول المتحالفة مع إيران استطاعت أن تنتصر على أميركا»، وقال: «إنّ الرئيس التركي رجب طيِّب أردوغان يريد أن يلعب الدور الذي كان يلعبه السلطان العثماني سابقاً، لكن لن يكون بمقدوره ذلك، لأنّ هذا الحلم هو أكبر من إمكانات تركيا».

أضاف: «السعودية أيضاً لا يمكن أن تُعتبر القوة الأولى في الإقليم، فهي خلال العقود السابقة كانت تعاني من فقدان الهوية المستقلة، وكانت تشارك في دعم وتأسيس المجموعات التكفيرية، ومرّات عدّة كانت تشارك في ضربها، لذا فإنّ سياستها غير مطمئنة»، معتبراً «أنّ السعودية قامت بتفعيل الخلافات المذهبية وتأجيج التوترات في المنطقة لتغطِّي الضعف الذي تعاني منه»، لافتاً إلى أنّ «السعودية إلى الآن لم تقبل بالتغييرات التي تحصل في العراق، وتحاول إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه في عهد صدام».

وقال: «كل ما يجري في سورية وراءه «إسرائيل» وأميركا والسعودية وتركيا، وهم يريدون متابعة الحرب».

ودعا متكي إلى «وضع الملف الفلسطيني في أولوية إيران والدول العربية، لأنّ هذه القضية تجمعنا»، مؤكّداً أنّ «الحوار هو ضرورة يمكن أن توصلنا إلى تحديد المجالات والمخاوف المشتركة».

وختم: «الأمر الأصعب في المنطقة الآن هو مواجهة الإرهابيين، لأنّهم يرتدون ثياب الدين وتدعمهم بعض الدول الإقليمية»، مشيراً إلى «شيء من التغيُّر الإيجابي ونحن سنشهد ذلك».

شفيق

أمّا الكاتب والمفكر العربي منير شفيق، فأشار إلى أنّ «أهداف هذه الندوة هي التوصُّل إلى خطوط عريضة للخروج من الأزمات التي تعاني منها المنطقة، وخصوصاً العلاقات العربية الإيرانية»، داعياً إلى «تصحيح العلاقات بين إيران وتركيا ومصر وبقيّة الدول العربية».

زهراني

ورأى الدكتور مصطفى زهراني من إيران ، أنّه «للمرة الأولى تستطيع دولة ثوريّة، هي الجمهورية الإسلامية، أن تفرض على الدول الكبرى الجلوس معها والاعتراف بحقّها النووي وبشكل قانوني». وقال: «لقد استطاعت إيران أن تفرض على القوى العظمى إرادتها، فهي الآن من الدول النووية، وإنْ كانت لم تسعَ يوماً إلى امتلاك السلاح النووي. إضافةً إلى ذلك، فإنّ العالم اليوم بات يرى دور إيران البنّاء في التغييرات الإقليمية ويستمع إليها».

بور

ولفتَ رحيم بور إلى تمكُّن حزب الله من هزيمة «إسرائيل» مرات متتالية، متسائلاً: «لماذا ظهر فجأة خطر التشيُّع ضدّ السنّة، وخطر الإمبراطوريّة الفارسيّة ضدّ العرب؟»، وقال: «بدل أن نقف جميعاً في وجه «إسرائيل»، رأينا بعض العرب يخوض المعارك في دول عربية». وانتقد «كل المحاولات التي تسعى إلى خلق الفتن المذهبية بين السنّة والشيعة».

فضل الله

وفي الختام، كلمة الجهة المنظمة ألقاها رئيس المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق الدكتور عبد الحليم فضل الله، الذي أكّد «أنّ هذا المؤتمر كان تحدّياً في هذه الظروف الصعبة، وهو سباحة بعكس التيار، لكن انعقاده في حضور محاضرين من دول عربية عدّة وإيران كان نجاحاً بحدّ ذاته».

وقال: «نجحنا في وضع بداية لمسار نأمل أن يستمر، وقد تمّ التركيز على القضايا الكبرى لكنّنا لم نصل إلى توصيات محدّدة، وإنّما نجحنا بطرح أسئلة بطريقة أفضل».

أضاف: «لاحظنا أنّ التوافق كبير حول القضايا الكبرى، كمركزية القضية الفلسطينة وبناء الدولة الوطنية وأي نظام إقليمي نريد، لكن كلّما تشعّبت الأمور كان التوافق أقل».

وكشف فضل الله عن نيّة لاستئناف نتائج هذا المؤتمر في مؤتمر آخر يُعقد في طهران أو في أي بلد عربي، مشيراً إلى أنّ من بين التوصيات التي تمّ الاتفاق عليها إطلاق «منتدى للحوار الإيراني العربي».

وشكر جميع المشاركين والمحاضرين في هذه الجلسة، وكل من شارك في أعمال المؤتمر والمؤسّسات التي ساهمت في إنجازه.

الجلسة السابعة

وكانت قد عُقدت عصر أول من أمس ثلاث جلسات، ترأّس الجلسة السابعة محمد مهدي شريعتمدار، وهي بعنوان «رؤى متبادلة – ماذا نريد من الشريك الآخر».

وقدّم الدكتور إسماعيل لاريجاني مداخلة عن «مجالات الخطاب بين إيران والعالم العربي».

بعد ذلك، قدّم الدكتور ألبير داغر مداخلة بعنوان «التعاون والشراكة الممكنان بين العرب وإيران في مجال التصنيع المتأخّر»، وقال: «يمكن أن ينشأ تعاون وتنشأ شراكة بين العرب وإيران في الميادين التي تنتمي إلى الصناعات التي تقوم على «التقليد الاستنساخي»، والصناعات التي تقوم على «التقليد الذي ينطوي على إبداع»، والصناعات التي تقوم على «الابتكار الأصيل»، لافتاً إلى أنّ «التصنيع المتأخّر» كان وسيلة إيران الوحيدة لصدّ العدوان الخارجي ومنع القوى العظمى من تدميرها.

من جهته، رأى الدكتور أحمد زارعان، أنّ «مستقبل المنطقة هو المصير المشترك بين العرب وإيران».

وقدّم اسكندر شاهد سعد من اليمن، مداخلة اعتبر فيها أنّ «الحوار المباشر هو السبيل الوحيد لمواجهة الإرهاصات العربية – الإيرانية».

الجلسة الثامنة

وترأّس الجلسة الثامنة بعنوان «أفق النظام الإقليمي الجديد: الأسُس والمبادئ»، الدكتور زياد الحافظ الذي تحدَّث عن «مستلزمات البناء الإقليمي وأوّلها رأسمال الثقة الذي يمكن بناؤه من خلال المشتركات الكثيرة التي تجمعنا».

ثمّ ألقى الدكتور محمد علي مهتدي كلمة، أشار فيها إلى «أنّ الأولوية في السياسة الخارجيّة الإيرانيّة هي التعامل البنّاء مع دول الجوار، خصوصاً الدول العربية». وقال: «إنّ إيران مستعدّة أن تسير خلف أي دولة عربية تدعم المقاومة في لبنان وفلسطين».

وتحدّث الدكتور حلمي الشعراوي من مصر، فحذّر من «كامب ديفيد» جديد في الخليج، معرباً عن تخوّفه من «الدور التركي في سورية».

ثمّ قدّم د. جمال واكيم مطالعة عن «الأزمة الراهنة في ظل الموازين الدولية والإقليمية»، خلص فيها إلى «أنّ الأزمة التي نشهدها حالياً في منطقة الشرق الأوسط ناجمة عن تحوّلات في موازين القوى العالمية».

الجلسة التاسعة

وترأّس الجلسة التاسعة محمد قائمقامي بعنوان «مجالات التكامل الاقتصادي والتبادل الثقافي»، فتحدّث بإسهاب عن سياسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية المرنة والمتينة في الوقت نفسه، داعياً إلى المطالعة أكثر عن إيران والتعاون معها.

ثمّ تحدّث الدكتور منير الحمش عن مجالات التكامل الاقتصادي،

وتحدّث حسين سجاد نجاد عن تمكّن إيران من التغلّب على الحصار الاقتصادي الطويل، وإنشاء بُنى تحتيّة لمختلف الصناعات.

واختُتمت الجلسة بمداخلة لفهيمة عباسي، التي استعرضت بشكل موجز الأوضاع الاقتصادية في عدد من البلاد العربية وعجزها عن تحقيق التقدّم المنشود بسبب طبيعة الأنظمة القائمة وتبعيّتها للخارج، مشيرةً إلى نموّ اقتصادي في بعض الدول الأخرى بسبب الوفرة النفطيّة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى