… وفي «النهائي» ظهرت الحقيقة وانكشف «المستخبّي»

إبراهيم وزنه

قصّة «الحكمة والرياضي» في كتاب كرة السلّة اللبنانية، قّصّة فيها الكثير من الإثارة والتشويق، حافلة بمحطّات من الودّ والدّهاء والتمثيل والرّياء، ربما ذلك لزوم ضخّ الحماسة أمام الأجيال في لعبة نجح فيها لبنان بالوصول إلى العالمية ثلاث مرّات، وأملاً بإبقائها تحت ضوء الإعلام الذي لا ننكر دوره في ترجمتها إلى كل اللغات، طمعاً بكسب الإعلانات. قصّة لن تنتهي فصولها في المدى المنظور، لأنّ عباراتها صيغت بأنفاس سياسيّة وأقلام طائفيّة، وارتداداتها تُورّث من جيل إلى جيل. قصّة يجب أن تدرّس للأجيال القادمة من اللبنانيين لتكون العبرة والدرس لمن يجيد القراءة بتجرّد، قصّة أبطالها يجيدون تبادل الأدوار وتقمّص الشخصيات المناسبة لكل موسم، قصّة لو قرأناها عشرين مرّة فسنجد أنفسنا في كل مرّة أمام استنتاجات جديدة للمجريات وللشخصيات مع فهم متواضع للأحداث وغموض دائم في ملامح أبطالها. قصّة، هي من أجمل القصص … ولا قصّة إبريق الزيت.

أكثر من عشرين عاماً مضت على حفل التوقيع، والقصّة تصدر في كل موسم بطبعة جديدة ومزيدة ومنقّحة، تارة بغلاف أخضر وطوراً بغلاف أصفر، تارة تُهدى إلى «الحكيم» وأخرى إلى «الشهيد»، فيما الكاتب واحد وهو الخيال، وأمّا القرّاء فهم الأجيال. مطارحها محفوظة عن ظهر قلب، من المنارة إلى غزير ومن غزير إلى المنارة، وكاتب النص «الاتحاد» يلهث لإرضاء الطرفين والضحك عليهما، وفي كثير من الأحيان يغدر بهما.

تدور أحداث هذه القصة «البلدية» بين فريقين وجمهورين وعلى ملعبين، الكل يسعى للوصول إلى منصّة التتويج وفي الوقت نفسه لا أحد يقبل بالخسارة، فعقليّة «أنا أو لا أحد» و«اللقب مهما كان الثمن»، تتحكّم في أدقّ التفاصيل فكيف مع بطولة تزيد مصاريفها عن مليون دولار لكل بطل من أبطال القصّة، كما أنّ لكلّ جمهور قاموسه الخاص من العبارات والتصرّفات والثقافة الخاصة في التعاطي مع الآخر، فيما يدّعي الاتحاد بأنّه الحكم العادل لكنه غالباً ما يقع في زلّات لا تُعدّ ولا تُحصى، تارة عن قصد وأخرى عن غير قصد، والأنكى أنّ تبادل التهم والشتائم ورمي القناني هو العنوان الأساسي في الحوار والتحاور بين الطرفين، كلّ يغني على ليلاه، وكلّ يريد اللقب في خزانته. أمّا المنتخب الوطني، للأسف، فلا محل له في وجدان من ذكرنا من أشخاص وأبطال وجهات راعية أو ناقلة أو منظّمة أو مشرفة!

في سلسلة النهائي الأخيرة، تابعنا مشاهد تنمّ عن روح رياضية عالية بين طرفي اللقب، تبادل للقبلات وتبريكات جاهزة لتُنهي المباريات قبل مواعيدها، وتصاريح مهنّئة وابتسامات عريضة. نعم هذا كلّه حصل قبل أن تدقّ ساعة الحسم، وعند الحسم يُكرم المرء أو يُهان. ففي ليلة القبض على الكأس، ومع اقتراب مقصّ الرياضي من شبكة الحكمة في ملعب غزير، وقع الإشكال وخُلعت الأقنعة وبان «المستخبّي»، ما حصل من إشكالات وما بدر من تصرّفات كلها لا تبشّر بخير الرياضة في لبنان، فإلى متى هذه «القصّة الهزلية» ستبقى تتحكّم في جسد رياضتنا المبتلية بسموم وآفات، رحمة بالآتي من الأجيال؟ لا تمثّلوا دورين، ولا تتكلّموا بلسانين، فلتكن القناعة راسخة في العقول ومورّثة إلى الأجيال، بأنّ الدين لله و«اللقب» من حق الجميع.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى