سورية: تمهيد سياسي للحسم العسكري ضد الإرهاب

حميدي العبدالله

كثف المسؤولون الروس الحديث عن عدم التزام الجماعات المسلحة باتفاق وقف العمليات، كما كثفوا التصريحات التي تؤكد أنّ جبهة النصرة تستفيد من اتفاق الهدنة لشنّ هجمات ضدّ مواقع الجيش السوري وسعيها الدؤوب للسيطرة على بلدات كانت تحت سيطرة الدولة.

وشدّد المسؤولون الروس في تصريحاتهم على أنّ الولايات المتحدة لا تقوم بأيّ عمل جدّي لاحترام التعهّدات التي التزمت بها إزاء روسيا في سياق الرعاية المشتركة لوقف إطلاق النار.

جاء الحديث المتواتر واليومي على لسان مسؤولين عسكريين وفي وزارة الدفاع وعلى لسان مسؤولين كبار في وزارة الخارجية الروسية وفي مقدمتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، بعد إنذارات وجهت للمسلحين، وهي في واقع الحال موجهة بالدرجة الأولى للولايات المتحدة الراعي الثاني لاتفاق وقف العمليات، بأنّ المهلة الممنوحة للمسلحين الذين يزعمون أنهم يوافقون على الهدنة للابتعاد عن مواقع جبهة النصرة قد استنفذت، وأنّ روسيا ستقوم ولو بشكل أحادي بتوجيه ضربات لهذه الجماعات المسلحة طالما أنها تشارك مع النصرة في الهجمات التي تستهدف مواقع الجيش السوري.

يمكن الاستنتاج بأنّ التصريحات المكثفة في الآونة الأخيرة على لسان المسؤولين في وزارة الدفاع الروسية ووزارة الخارجية الروسية هي تمهيد سياسي للحسم العسكري ضدّ الإرهاب في سورية. بمعنى آخر موسكو على قناعة بأنّ داعش وجبهة النصرة ومن يقاتل إلى جانبهما تنظيمات إرهابية، لا بدّ من محاربتها ولا يجوز بأيّ حال من الأحوال تهدئة المواجهة مع هذه التنظيمات.

وإذا كان من مبرّر للهدنة فهو إعطاء فرصة للتنظيمات المسلحة التي توافق على اتفاق وقف العمليات للابتعاد عن مواقع التنظيمات المصنفة دولياً تنظيمات إرهابية، فقد أعطت هذه الفرصة وقد شارفت على نهايتها، ولا يمكن تمديد المهل إلى ما لانهاية.

الحسم العسكري ضدّ داعش والنصرة ومن يقف إلى جانبها، سواء من قبل الجيش السوري، أو من قبل روسيا أمر محسوم، وقد نصّ عليه اتفاق وقف العمليات الذي استثنى وقف العمليات الهجومية والدفاعية ضدّ هذه التنظيمات التي صنّفها مجلس الأمن بأنها تنظيمات إرهابية، وإذا كانت بوادر هذا الحسم قد تبدّت في هجوم الجيش السوري بمساندة جوية على مواقع داعش في محافظة الرقة، وعلى الطريق الرئيسي الرابط بين تدمر ودير الزور، فإنّ إطلاق عملية مماثلة ضدّ مواقع النصرة وشركائها في حلب وإدلب لن يتأخر كثيراً.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى