أميركا تصنع الإرهابيين من الكونترا إلى داعش!

د.نسيب حطيط

تعتمد الإستراتيجية الأميركية على ثقافة «الهلع الشامل» وفق سلوكيات قمع وحشي لفرض السيطرة واتهام أي تحرك مقاوم ضد الاحتلال أو الاستعمار بأنه عمل إرهابي، فيما تؤكد الحقائق أن أميركا تمثل الراعي الذهبي لمنظومة الإرهاب المنتشرة في العالم والتي انبثقت من خطة المحافظين المتشددين في عام 1960 بالتعاون مع مجموعة من رجال الأعمال حيث نشأت المؤسسة السياسية الأميركية AFP والتي تهدف إلى تحقيق أهداف السياسة الأميركية في العالم ضمن خطة متعددة المحاور:

الخصخصة الشاملة وإلغاء القطاع العام

إلغاء الدولة الراعية واستبدالها بدولة الشركات.

محاربة القوى الوطنية اليسارية والقومية والدينية المقاومة .

اعتماد مبدأ اقتصاد السوق الحر.

وقد ألحقت هذه المؤسسة بمؤسسة ثانية باسم الوكالة الأميركية للتنمية الدولية USAID عام 1961 تحت عنوان تقديم المساعدات الإنسانية والخدمات الاجتماعية بعيداً عن العمل العسكري أو السياسي المباشر وفق إستراتيجية فتح النوافذ الناعمة والهدايا «المسمومة» لتلقيح المجتمعات المعادية بلقاحات أميركية لاستخدامها عند الضرورة تحت عنوان منظمات المجتمع المدني والهيئات الأهلية لنشر الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان وحرية الرأي حتى حقوق المثليين!

وقد نجحت هذه المنظومة الناعمة للاستخبارات الأميركية في نيكاراغوا، السلفادور، تشيلي، هايتي وغيرها حيث شكلت الإدارة الأميركية في عهد الرئيس ريغان منظمة الكونترا فصائل الموت لإسقاط النظام اليساري في نيكاراغوا وتم صرف أكثر من تسعة مليارات دولار في دعم أعمالها الإرهابية والمنظمات المدنية الرديفة وذلك عبر نوافذ منظمتي USAID و AFP وتعتمد هذه المنظمات أسلوب استقبال البعثات الطلابية وبرامج التدريب للإعلاميّين أو دعم منظمة مراقبة ديمقراطية الانتخابات وغيرها من الوسائل الناعمة.

واستخدمت أميركا ثقافة الهلع الشامل في السلفادور فاعتمدت أساليب القتل الوحشي والأجساد الممزقة والرؤوس المهشمة واغتصاب النساء وتقطيعهن أو تعليقهن على أوتاد، وكذلك استعملت العصابات اليمينية لمهاجمة قوى الأمن بالعنف بهدف اتهام القوى النظامية بانتهاك حقوق الإنسان لاستدراجها في المؤسسات الدولية والمحكمة الجنائية.

لقد ترجمت الإدارة الأميركية منظومة «الهلع الشامل» إلى منظومة «فقه التوحش» عند الجماعات التكفيرية ابتداءً من القاعدة في أفغانستان ضدّ الاتحاد السوفياتي ثم داعش والنصرة وأخواتها لخلخلة وإسقاط أنظمة الحكم وتفتيت الشرق الأوسط وقد اعترفت وزيرة الخارجية كلينتون بكتابها «الخيارات الصعبة» بأن أميركا قد صنعت «داعش» وقامت بحملة دولية للاعتراف «بدولة الخلافة» في سيناريو مكرّر لصناعة «الكونترا» وغيرها من منظمات القتل مع وحدة الأسلوب الإرهابي والمتوحش من اغتصاب للنساء وقطع للرؤوس وتدمير للمشاهد الحضارية والدينية.

الإرهاب الأميركي يتسلل من منظمات المساعدات USAID التي تخترق ساحتنا وساحات الدول المجاورة حيث تجاوز عدد المشاريع المدعومة المئات ومشروع «بلديات» يعمل في 130 بلدية في لبنان بالإضافة لدعم المشاريع التنموية الصغيرة ودعم بعض الدوريات الإعلامية والثقافية والجمعيات المدنية مع التوضيح بأنّ كل مستفيد ملزم بالتوقيع على بند «مكافحة الإرهاب» والذي يلزمه فيه أيضاً بعدم تمويل منظمات أو جهات أو أشخاص مصنفين على لوائح الإرهاب الأميركية أو تعتبرهم أميركا من الإرهابيين بما فيهم حركات المقاومة والأنظمة الممانعة.

«داعش» ذراع أميركية تنضمّ إلى بقية الأذرع المخابراتية المنتشرة في العالم تحت عناوين الثورات البرتقالية والملونة وتحركها لتحقيق السيطرة على العالم من دون غزو مباشر والتي تعمل لتحقيق نبوءة كيسنجر باشتعال حرب «المائة عام» بين السنة والشيعة.

داعش تتقدم وحلفائها وخلاياها النائمة تساعدها في خطتها بالهجوم على المقاومة باعتبار داعش كذبة كبيرة غير موجودة لا تستطيع فعل شيء فكل ما تقوم به من قتل وإبادة جماعية للمسيحيين واليزيديين وكلّ المذاهب وسبي النساء وبيعهن في الأسواق لم يره حليفها في لبنان الذي تعامل مع العدو في الثمانينات والذي يلاقي داعش بفتواها «إن الله لم يأمر بقتال إسرائيل».

الإرهاب الأميركي يتسلل إلى بيوتنا ومساجدنا وكنائسنا، نراه في صفحات كتبنا وبعض الجرائد نراه على ألسنة بعض السياسيين الداعشيين… داعش ليس تنظيماً إرهابياً فقط إنه فكرة وسلوك في السياسة والإعلام في الاقتصاد خصخصة القطاع العام دولة الشركات … «داعش» فساد في السلوك والأخلاق… «داعش» إرهاب أميركي سمي الكونترا في نيكاراغوا والنصرة في سورية والهاغانا في «إسرائيل»… ومجاهدين خلق في إيران وبوكو حرام في نيجيريا والقاعدة في المغرب العربي وتويت كوبا زانزانيو لاختراق المجتمع الكوبي.

وتبقى المقاومة الطريق الصحيح لحفظ الأمة وسيادتها وحمايتها من الإرهاب الأميركي متعدد الأسماء والصفات والوسائل.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى