«خرطوم الجن» لحسام الدين صالح… الصعود إلى المدينة عبر سلّم القصة القصيرة جداً

بعد روايته الأخيرة «زيدان الزقزاق» الصادرة لدى «الدار العربية للعلوم» في بيروت عام 2013، عاد الكاتب السوداني الشاب حسام الدين صالح إلى شغفه بالقصة القصيرة التي أصدر فيها أولى مجموعاته «المتدحرجون من الخرطوم» عام 2011، ويصدر اليوم مجموعته القصصية الثانية «خرطوم الجن» لدى «دار أوراق للنشر» في القاهرة.

تحتوي مجموعة «خرطوم الجن» على أكثر من مئة قصة قصيرة جداً تتوزع على عشرة فصول تسردها على طريقة الرواية شخصية اختار لها الكاتب اسم «خرطوم الجن».

يصف الكاتب والروائي والقاص السوداني إبراهيم اسحق لغة المجموعة بأنها «غاية في الصفاء» ويقول في تقديمه للمجموعة: «أعتقد أن هذا النوع من القصص القصيرة يلائم العصر»، لافتاً الانتباه إلى أن الكتّاب الشبّان الذين بدأوا يكتبون هذا النوع من القصص القصيرة جداً «ليسوا هم الأوائل في الغواية بهذا النوع من الحكمة. هنالك مماثلة تركها الفيلسوف الصيني لاو تزو منذ القرن الثالث قبل الميلاد. وجاء قبله وبعده طابور طويل من أهل الحكمة وأهل التدبر في الإنسان والحياة وما يأتلف وما يختلف وما ينجلي وما يغمق».

يخاطب اسحق كتاب القصة القصيرة جداً من الشبّان قائلاً: «أظن أنكم في هذا العصر تواجهون جواً شبيهاً بتلك الأجواء، فأنتم ترغبون في اختصار التجربة وتسهيل ابتلاعها في أسرع وقت كي لا يفوتكم في الوقت المستعجل المتدفق عليكم شعور واختبار آخر».

أما الروائي والناقد السوداني د. مختار عجوبة، صاحب كتاب «القصة الحديثة في السودان»، فيقول عن قصص حسام الدين صالح إنها: «عمل ممتاز وإحساس جميل وشكل جديد».

القاص والروائي السوداني د. بشرى الفاضل الحائز جائزة الطيب صالح للإبداع الروائي عن مجموعته «فوق سماء بندر» يقول عن مجموعة «خرطوم الجن» أن «قصصها تنم عن حيوية دافقة ونفس طويل في تصيد لحظات مثل هذا النوع من الكتابة، والقصص عناوينها لافتة وتشتبك مواضيعها بالوجودي» ويرى أن بعض قصصها «تحتاج إلى مزيد من السبك والعناية باللغة والإبانة».

رغم أن المجموعة القصصية يمكن أن تُصنَّف حديثاً ضمن أدب القصة القصيرة جداً إلاّ أن غلاف الرواية لم يُشِر إليها إلاّ على أساس أنها «قصص» فحسب، من دون الإشارة إلى أنها «قصص قصيرة جداً»، ربما ليخرج المؤلف من الجدال المحتدِم منذ ظهور القصة القصيرة جدا كجنس أدبي جديد حول جدارته بهذه التسمية التي يراها البعض «ركيكة» مثلما يقول القاص السوداني بشرى الفاضل، مشيراً إلى أن بعض النقاد مثل الدكتورة لمياء شمت تفضّل أن يُسمّى هذا النوع من القصص باسم «ومضات» في نأي عن مسمى قصص قصيرة جداً الركيك.

يحاول قاصّ «المتدحرجون من الخرطوم» في مجموعته الجديدة «خرطوم الجن» الاستعارة من أدب الرواية شكل الراوي العليم الذي تكفّل في جميع صفحات المجموعة رواية القصص على لسانه.

راوي القصص في المجموعة الذي يحمل عنوان غلافها «خرطوم الجن» لا يمثل بحسب الكاتب – شخصيته الغريبة فحسب، بل «يمثل مدينة الخرطوم كلها، فهي مدينة كما يقول المتشائمون تحمل بجدارة جميع صفات «خرطوم الجن» الشيخ الثمانيني الطاعن في السن والشيخوخة والمصرّ – رغم ذلك كلّه – على الحياة، ولا أي حياة، حياة لا تعترف بالواقع إلا لترتمي في أحضان الخيال، هكذا يحيا بهذه القصص التي يرويها ويكتبها وينشرها بقلمه ويوزعها للناس في الشوارع والمركبات العامة والخاصة». ويضيف الكاتب: «ما زال خرطوم الجن يحوم في شوارع الخرطوم، وما زالت قصصه تعيش مع أبطالها ومع قارئيها ومع كارهيها. يعيش سعيداً من دون أن يعكّر على نفسه بالإجابة عن أسئلة الخرطوميين حول شخصيته الغريبة وغير المكتملة وغير المفهومة وغير المنطقية».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى