معاً إلى عالم ما بعد «إسرائيل»…!
محمد صادق الحسيني
كما انتصرنا في تموز عام 2006 في لبنان فقد انتصرنا في تموز عام 2014 في فلسطين.
من الجبهة الشمالية إلى الجبهة الجنوبية العدو واحد والنصر واحد والمقاتل هو هو واحد.
وبين ذلك النصر وهذا النصر والعدو من تراجع إلى تراجع و جبهة المقاومة ومحورها الأساس من نصر إلى نصر ولا تنازل.
ليس دقيقا أبداً أننا في زمن تسويات وصفقات بين محور المقاومة ومحور الاستعمار الصهيوأميركي.
لا في إيران ولا في العراق ولا في سورية ولا في لبنان ولا في فلسطين ولا في أي بقعة أخرى من الوطن العربي أو الإسلامي.
أقول هذا لأن العديد من الكتابات والتعليقات والتحليلات وأحياناً الأمنيات أو الحدسيات والتخمينات قد قالت في هذا ما لم يقله مالك في الخمر!.
نحن كنا ولا نزال في حالة حرب ومجابهة ومواجهة وكر وفر وشد وجذب ومعارك محتدمة بيننا نحن العرب والمسلمين وبين الغربيين بزعامة واشنطن.
هذا من جهة وأما من جهة أخرى فانه بات ثمة ترابط قوي وقوي جداً بين كل ما يجري على امتداد وطننا العربي والإسلامي من صراعات أو حروب أو معارك وبين ما يجري على أرض فلسطين بعد أن ثبت بالدليل القاطع والملموس أن كل ما يقوم به التكفيريون والإرهابيون في بلادنا إنما هو من فعل جنود وبيادق تعمل بالوكالة عن تل أبيب وواشنطن.
من هنا فان ما يحصل في فيينا أو جنيف على سبيل المثال بين الإيرانيين والأميركيين حول الملف النووي قد تجد انعكاسه في ميادين المواجهة في سورية أو لبنان أو اليمن أو العراق أو فلسطين.
والعكس قد يكون أحياناً فإن نجاحاً لمعركة في غزة قد تنعكس على حراك سياسي في لبنان أو إيران أو سورية أو اليمن أو العراق وهكذا دواليك.
هذا الكلام في الاستراتيجيا لا يجوز ولا ينبغي تسطيحه و تبسيطه بوعي أو من دون وعي ليصبح مادة للمناكفة أو التنابذ أو المعاتبة أو تحميل أطراف جبهة المستضعفين لبعضهم البعض ما يخطط له العدو حسب أجندته ضدنا جميعاً.
يعني إذا انتصرنا في سورية وقرر العدو مهاجمتنا في العراق ينبري البعض من ضعاف النفوس ليقول وما دخلنا نحن أبناء العراق ندفع ثمن استحقاق سوري!.
أو إذا قاوم المفاوض الإيراني في جنيف دفاعاً عن حقوقه الوطنية وقرر العدو مهاجمتنا في غزة نقول وما ذنب الفلسطينيين ليدفعوا ثمن استحقاق إيراني!
هذه الأمور قد تحدث أحياناً بمبادرة من العدو واعية وقد تحدث تدحرجاً ورغماً عنه، بما يعني أن مقاومتنا أو صمودنا هو الذي دفعه ليفتح جبهة أخرى.
أمر آخر حول هذا الترابط في الجبهات يتم التداول فيه بشكل سطحي ومبسط وأحيانا مغرض.
فمثلاً كلما أشعل العدو جبهة في الصراع في ميدان من الميادين تتعالى أصوات هنا أو هناك لماذا لا تفتحون جميع الجبهات المقاومة مرة واحدة؟!
هذا الأمر أيضاً لا يمكن السيطرة عليه أو التعاطي معه بهذه البساطة فهو يعود لعوامل عدة وله أبعاد مختلفة ويتم حسابه من أكثر من زاوية وعندما يتخذ قرار التدخل الجماعي أو عدمه إنما يكون ذلك بعد محاسبات في غاية الدقة وبالتشاور مع كافة الأطراف المعنية بالترابط.
ما يجري اليوم من عدوان ممنهج ومنظم ومركز وبناء على مخطط جهنمي من قبل العدو «الإسرائيلي» الصهيوني وسيده الأميركي على مجتمعاتنا وشعوبنا وجيوشنا ودولنا العربية والإسلامية تحت راية التكفير إنما هي حرب إشغال واستنزاف وإنهاك وزرع فوضى ودأب قوي وشديد لحرف بوصلة الكفاح في بلداننا عن جبهتها الرئيسية التي ينبغي أن نطلق النار عليها مجتمعين أي الكيان الصهيوني الاستعماري المحتل.
بعد هذه المقدمة الضرورية نستطيع تلخيص ما يجري من حروب بالوكالة ضدنا بالعناوين العريضة التالية لكن الموجزة:
عدوان تل أبيب بدعم أميركي على غزة ممكن أن يكون رداً على فشله في إخضاعنا في العراق.
إرسال دواعشه وتكفيرييه إلى العراق قد يكون رداً على نجاحنا في إفشال مؤامراته في سورية ولبنان.
تحريك جبهة عرسال والبقاع قد تكون رداً على مقاومتنا البطولية له في غزة ورفضنا العودة عن قرارنا في استمرار دعم ومساندة سورية واختيار الرئيس المناسب للبنان بقرار وطني لبناني مستقل.
أو أن سبب فتح هذه المعارك كلها مرة واحدة ضدنا لأننا مثلاً كمحور مقاومة رفضنا التخلي عن التضامن مع إيران وحقها كدولة مسلمة عالم ثالثية في أن يكون لها مشروع نووي كامل حتى ولو كان للأغراض السلمية.
إن أميركا وحلف الأطلسي والغرب الاستكباري الاستعماري يخوضون معاركهم بهذه الطريقة وهذا الفهم.
وهم قد دونوا هذا في منظومة الحلف الأطلسي ببنود واضحة ومعروفة وشفافة لا تقبل التفسير أو التأويل.
بالمقابل فان علينا أن لا نخجل ولا نترك لأحد أن يدخل إلى قلوبنا الشك أو الوجل بأن جبهتنا واحدة ومعركتنا وأهدافنا واحدة من الموصل إلى غزة ومن كسب وحلب إلى جبل عامل بل وإلى اليمن والبحرين والحجاز.
هذا هو عنوان المرحلة الانتقالية الراهنة من عالم ينهار هو عالم الأحادية الأميركية إلى عالم ينهض هو عالم التعددية القطبية التي سنشكل نحن محور المقاومة قطباً أساسياً فيها.
إنه الحلم الذي يقترب أن يصبح حقيقة بعد القضاء على دواعش الداخل لنمضي سوياً لمواجهة دواعش الخارج.
وعندها بالضبط سنكون في عالم ما بعد «إسرائيل» بامتياز.