كلام في السياسة… وكثيرٌ من الشعر والمذكّرات وسرد اليوميّات

كتاب لإتيان دو لا بويسي، ترجمه إلى العربية صالح الأشمر، وصادر عن «دار الساقي» ـ بيروت، في 96 صفحة من القطع الوسط.

تطرح العبودية المختارة مسألة شرعية الحكام الذين يسمّيهم الكاتب «أسياداً» أو «طغاة»، مهما كانت طريقة وصولهم إلى السلطة، سواء بالقوة أو الوراثة أو الانتخاب.

في موضوع خضوع الشعوب غير المفهوم لـ«شخص واحد» لم يُكتب يوماً بحثٌ أوثق صلة ولا أكمل من هذا البحث. هذا المقال الذي كتبه فتى في السادسة عشرة أو الثامنة عشرة من العمر، ونُشر عام 1576، لا يزال محتفظاً براهنيّته.

زرايب العبيد

كتاب لنجوى بن شتوان، صادر عن «دار الساقي» ـ بيروت، في 352 صفحة من القطع الوسط.

تحترق زرايب العبيد، فينكشف كل ما كان خفيّاً.

تجمع بين «السيد محمد» و«العبدة تعويضة» علاقة حب تُعدُّ محرَّمة في عُرف السادة الذين اعتادوا اتّخاذ العبدات خليلات. فيرسل الوالد ابنه في تجارةٍ لإبعاده، وتسقي الأم تعويضة سائلاً في محاولةٍ لإجهاض جنينها، ثم يتمّ تزويجها بأحد العبيد.

عند عودة «محمد» من رحلته يعلم أنّ أهله قد قتلوا ابنه وأرسلوا حبيبته إلى حيث لا يدري، فيبدأ البحث عنها، ولكن من دون جدوى.

«زرايب العبيد»، رواية ترفع الغطاء عن المسكوت عنه من تاريخ العبودية في ليبيا ذلك التاريخ الأسود الذي ما زالت آثاره ماثلة حتى يومنا الراهن.

ونجوى بن شتوان كاتبة وروائية ليبية. حازت جائزة مؤسسة هاي فيستيفال لأفضل 39 كاتباً عربياً للعام 2009.

عولمة الإسلام

كتاب لأوليفييه روا، ترجمته إلى العربية لارا معلوف، وصادر عن «دار الساقي» ـ بيروت، في 224 صفحة من القطع الوسط.

غالباً ما يرى الغربيون في الإسلام دين صلابة وهوية ودينامية، وقد يشاطرهم المسلمون المتشدّدون هذه الرؤية عندما يفاخرون بإعادة أسلمة المجتمعات والأفراد. إلاّ أن أوليفييه روا يشكّك جذرياً في هذه النظرية، ويعتبر أن الغرب والعولمة والفردانية تقعان حتماً في صلب عملية إعادة الأسلمة، سواء كان النقاش عن أشكال عنيفة أم معتدلة.

لقد شكَّل الترويج عبر الإنترنت، كما العمل السياسي، نموذجين غربيين للنضال. فعناصر الدين الجديدة في الغرب هي التي تهيمن في مجال إعادة الأسلمة، ولو كان هذا الأمر في غفلة عن النشطاء الإسلاميين: تفتُّح الأفراد، المواقف الفئوية وفبركة المذاهب والتصرفات، على خلفية من الجهل.

وبعيداً عن أن تكون تعبيراً عن «صدام الحضارات»، تشكل التوترات المتعلقة بالإسلام اليوم أعراضاً لتغريبه، كما للأزمات الناتجة عنه، يصعب عليه التعايش معها.

أوليفييه روا كاتب وباحث فرنسي متخصّص في الشؤون الإسلامية. صدر له عن دار الساقي «الجهل المقدّس»، «تجربة الإسلام السياسي»، و«الإسلام والعلمانية».

أسس التوتاليتارية

كتاب لحنة أرندت، ترجمه إلى العربية أنطوان أبو زيد، وصادر عن «دار الساقي» ـ بيروت، في 352 صفحة من القطع الوسط.

هذا الكتاب هو أحد المراجع الكلاسيكية في العلوم السياسية. يتناول المؤسّسات التي تنشئها التنظيمات والحركات التوتاليتارية، كما يدرس أوجه عملها، مركّزاً على أبرز شكلين للهيمنة التوتاليتارية: النازية الألمانية والستالينية السوفياتية. وفي هذا يتم رصد الكيفية التي يصار بموجبها إلى تحويل الطبقات الاجتماعية إلى جماهير، وتفكيك دور الدعاية في تشويه صورة العالم غير التوتاليتاري، وطبعاً اللجوء إلى الإرهاب كونه جوهر هذا النمط من الأنظمة.

وفي فصل ختامي لامع تحلّل المؤلفة طبيعة العزلة والانكفاء وتفتّت الروابط المجتمعية باعتبارها من الشروط الضرورية المسبقة لنشأة السيطرة التوتاليتارية.

حنة أرندت 1906-1975 فيلسوفة أميركية من أصل ألماني. من أبرز علماء الاجتماع السياسي في القرن العشرين.

يوميات غوانتنامو

في 7 حزيران 2016، سيكون لمحمدو صلاحي مراجعة دورية قد تساهم في إطلاق سراحه من سجن غوانتنامو الذي يقبع فيه منذ حوالى 14 سنة.

في آذار 2010، أصدر قاضٍ من المحكمة الفدرالية قراراً يقضي بإطلاق سراحه، ولكنّ الحكومة الأميركية عارضت قراره ذاك.

في مذكراته «يوميات غوانتنامو» الصاردة عن دار الساقي، يصف صلاحي حياته قبل مغادرته بيته، في 28 تشرين الثاني عام 2001، واختفائه في سجن أميركي، ثمّ «رحلته اللانهائية حول العالم» سجناً وتحقيقاً، وأخيراً حياته اليومية كسجين في غوانتنامو.

يومياته ليست مجرد سجلّ حيّ لإخفاق العدالة، لا بل ذكريات شخصية رهيبة تتّسم بالعمق والسخرية السوداء واللطف المدهش.

منذ عام 2002 وحتى هذه اللحظة، يقضي محمدو ولد صلاحي أيامه سجيناً في المعسكر الاحتجازي في خليج غوانتنامو في كوبا. وطوال هذه السنوات لم توجّه إليه الولايات المتحدة أيَّ نوع من التُّهم.

محمدو ولد صلاحي ولد في مدينة موريتانية صغيرة عام 1970. حصل على منحة دراسية في كلّية في ألمانيا، تخرّج وعمل هناك كمهندس لعدة سنوات. عاد إلى بلده موريتانيا عام 2000. وفي السنة التالية من عودته اعتقلته السلطات الموريتانية بطلب من الولايات المتحدة وسلّمته إلى الأردن سجيناً، ومن هناك تم تسليمه إلى القاعدة الجوية الأميركية في باغرام في أفغانستان. وفي 5 آب 2005 نُقل إلى سجن الولايات المتحدة في خليج غوانتنامو في كوبا، حيث تعرّض إلى تعذيب شديد. وفي عام 2010 أصدر قاضٍ من المحكمة الفدرالية قراراً يقضي بإطلاق سراحه فوراً، ولكن الحكومة الأميركية استأنفت ذاك القرار. لم توجّه إليه الحكومة الأميركية أيّ تهمة بارتكاب جريمة. وما زال رهن الاعتقال في غوانتنامو.

كتاب «يوميات غوانتنامو، تحرير لاري سيمز، ويقع في 384 صفحة من القطع الوسط.

مرمي على الرصيف

«مرميّ على الرصيف»، مجموعة نصوص نثرية أطلقت عليها المؤلفة رنا عبد الكريم علي اسم منمنمات فتضمنت اتجاهين مختلفين في الكتابة الأول نثراً شعرياً كاملاً يهتم بالموضوع والعاطفة، والثاني محاولة للإبحار على زوارق الخليل.

شملت النصوص موضوعات عاطفية وإنسانية واجتماعية عبر حسّ إنثوي جلّ محاولاته أن يصل إلى الأرقى بين الكمّ الكبير المتزاحم في عالم الشعر الافتراضي والحقيقي.

في نصّ جاء بعنوان «الواقع» اعتمدت الأديبة رنا عبد الكريم علي على الموضوع العاطفي والإنساني فاشتغلت على تماسك بنيته وأعطته أسس السرد القصصي وأركانه، مع استخدام بعض الدلالات إلى حدّ النجاح في الوصول إلى نصّ أدبي حقيقي يجسد مشاعر الأنوثة الحالمة بالأجمل والأغلى والأسمى فقالت:

جمعت لك ورود حديقتنا

ولأن والدي كان ينتظر تفتحها

فقد قرّرت أخذها إليك

وفعلت

ووقفت قبالة الباب الموصد

والفجر النائم

يهدّدني بإيقاظك.

كما حاولت في نصّها «ليمون» أن تذهب إلى تشكيل فنّي اعتمدت فيه على مكوّنات الطبيعة والمجتمع لإظهار العاطفة في النصّ، فظهرت قضايا الحبّ بشكل عفويّ لأنها لم تتكلّف في الذهاب إلى مبتغاها فقالت:

أشعر أن الكون يتسع له كوب شاي صغير

محلّى بالعسل

وعليه شرائح ليمون حامض

تعلوه سحابة بخار باردة

قد تمطر في أيّ حين

وعلى أيّ طاولة

وقد تنبت عليها كتلة عشق سحرية.

أما نصّ «سرقة» الذي تراجع بسبب ضعف مقدمته التي دخلت فيها إلى النص مستخدمة بعض الدلالات المغلوطة مثل استيقظت من دون عيون، والتي جاءت بغلط نحويّ أيضاً مثل عبارة «علنا نتقيؤ» ثم استدركت لتصل إلى معنى إنساني اجتماعي فقالت:

ذات يوم

استيقظت من دون عيوني

رحت أتلمس الحيطان

لأعرف أين الباب

رحت أضاجع العتمة علنا نتقيؤ عيني!

أما الاتجاه الثاني، على رغم ما فيه من شفافية الأنثى الحالمة والواعية، وما فيه من مشاعر دافئة وألفاظ رقيقة، اندفعت لمحاولة الكتابة الموزونة، فانفلتت منها الحركات الموسيقية بشكل أساء للبنية التكوينية للنصّ الفني كما في نصّ «خطأ»، وأصبح عبارة عن جمل محكومة بالرويّ والقافية فقالت:

يا رجلاً مرّ على روحي

أتودّ العيش بتدبيري يكفي قتلاي على وهم

بوصال شفاهي بتفكيري

أبغيك لمن منفاي شموساً

لا موتاً بذراع النير.

الكتاب الصادر عن «دار بعل» والذي يقع في 101 صفحة، يرفل بموهبة حسنة لولا اتجاه الكاتبة إلى تقييد بعض النصوص ووقوعها في أخطاء لغوية وعروضية أثرت على المستوى الأدبي للكتاب.

سلسلة وثائقية لتجمّع أورغانون

«برتوكولات حكماء صهيون» وثيقة تاريخية كُشف عنها في روسيا؟ تبيّن المخطط الذي وضعه رواد الحركة الصهيونية في العالم والتي تتضمن 24 برتوكولاً بهدف غزو العالم والسيطرة عليه من جميع النواحي عبر استغلال مقدراته والهيمنة على التعليم والصحافة والرأي وإشعال الفتن والثورات والحروب الكبرى، باتباع أساليب العنف والإرهاب.

ولكشف ارتباط هذه البروتوكولات بالأحداث التي تعصف بالمنطقة وسورية تحديداً، أطلق تجمع أورغانون سورية الفني والمسرحي سلسلة وثائقية تشرح مضمون البروتوكولات وكيفية تأثيرها في معظم الأحداث العالمية وفي حياتنا اليومية من خلال 400 دقيقة مقسمة إلى 10 حلقات داب على إعدادها فريق متكامل يضم أكثر من 26 شابا وشابة عملوا طوال 12564 ساعة عمل لتأكيد دور الصهيونية العالمية في الحرب على سورية.

وتجمع أورغانون مجموعة من الشباب السوري الذي يعمل في مجال صناعة الأفلام الوثائقية تأسس عام 2001 في جامعة دمشق حيث قدّم وقتذاك عملاً بعنوان «البصيرة».

مخرج العمل ومؤسّس التجمّع عبد الحكيم النويلاتي قال إن الكتاب يعدّ المرحلة الأولى من 6 سلاسل وثائقية قادمة يقوم تجمع أورغانون بالتحضير لها. معتبراً أن العمل أول سلسلة وثائقية تشرح البرتوكولات بشكل تفصيل .

وأشار النويلاتي إلى أن العمل يطرح في حلقاته أراء ووجهات نظر لفنانين عرب وأجانب حول حقيقة وجود المؤامرات على العالم العربي والعالم مؤكداً أن آلية عمل الفريق تضمنت توزيعاً دقيقاً للمهام في ما بينهم لجمع المعلومات وإعدادها والتسجيل الصوتي ضمن ساعات عمل متواصلة لإنتاج العمل بأبهى حلة.

وتحدث النويلاتي أن الهدف الرئيس من العمل كشف الترابط بين بروتوكولات صهيون وبين ما تتعرض له سورية من حرب كونية، لا سيما أن الوسائل المستخدمة في هذه الحرب هي ذاتها التي تدعو إليها البروتوكولات لبثّ الخراب والفتن. كما أن الكيان الصهيوني هو المستفيد الأول من هذه الحروب.

أمسك الأرض وأجري

«أمسك الأرض وأجري»، مجموعة شعرية لمؤلفها منير خلف تباينت في قصائدها الحالات النفسية والاجتماعية والتشكيلية التي أخذت شكلاً يعتمد على موسيقى التفعيلة الواحدة المتناسقة مع العاطفة الإنسانية النابعة من أعماق الشاعر.

في المجموعة تصوير للحالة الاجتماعية والبيئة التي تنعكس تداعياتها الايجابية والسلبية على ناسها. معتبراً أن أكثر المجتمعات وصلت إلى الإفلاس نتيجة ما تعانيه من قهر وجهل وألم. فقال في قصيدته «غلوكوز المكان»:

يحلو المكان بأهله

وبناسه

يا من يراني

عالقاً بلباسه خذني إليّ إليك

إني مفرد

من أسرة التغريد

لست بآسة لكنّ حزني

ظلّ ينبت في دمي

بحراً يمدّ خطاه

ليل يباسه أسيان أمشي

نحو درب مفلس

من أخمص التاريخ حتى رأسه.

في قصيدة «سنظل في الحسكة» يعبّر الشاعر عن إحساس جريح ولواعج ممزوجة بالألم تجاه مدينته، وكيف تحول الفرح والأمل إلى وجع جارح بعد تهديد الإرهاب، وبعد ما حل من خراب سببته المؤامرة على سورية فقال:

ما زلت في الحسكة

أنعى الشوارع والوجوه

وقطرة البركة أبكي الجهات

وأندب الأيام

والرعب الذي في عمقها

قتل المساءات الجميلة وارتدى لحظاتنا يأس الطريق

ليدلق التركة!

وتتداعى الذكريات عبر قصيدته «رصيد قلب» ويسترجع أيام الطفولة ولحظات اللهفة الحاسمة التي تدفع بالشاعر ليهرب إلى طفولته، بعد أن أصبح ضحية ما يراه من ألم وضياع، بأسلوب توفرت فيه أسس النصّ الشعري ومحسّناته والرؤى التي يخلص إليها الشاعر بعد كل ما يتكون في مخيلته من تناقضات فقال:

سأودع قلبي

رصيداً لديك

وقد عاد

طفلاً صغيراً إليك وبات يلوّن دفتر عمري

كلاماً جديداً على ساعديك!

وفي قصيدة «خديجة»، نجد تشكيلاً إبداعياً واستعارات أخاذة تبعث الألق الذي يرافق القارئ منذ كلمات القصيدة الأولى إلى كامل موضوعها المتوازن والمتحوّل باستمرار عاطفي من بداية الموضوع إلى نهايته، وفق استخدام حذر للأدوات والحروف التي أصبحت رابطاً مؤسساً في كيان النصّ فقال:

خديجة

مرّي ببال النسيم

لكي يتعلّم كيف يكون عليلاً

وكوني فراشة ضوء

لكي تتعلّم كلّ الحدائق

كيف يصير الرحيق

رسولاً نبيلاً!

ثم يظهر الكبرياء في نصّه الشعريّ «وحشة المعنى»، ولا تتمكن الألفاظ إلا أن تكون طوع موهبته القادرة على ترتيب العبارات من دون أن تخدش العاطفة، لتعطي مجالاً للدلالات كي تشير إلى مبتغاها فيقول:

وجع

كقامة جرحي العاتي

يشردني

ويبعدني عن اللذّات

عن تاريخ أشواقي

وعن قلبي

يضيء مفاتن الذكرى

يسطّر صرختي

في كهف ليلتي العقيمة

لا يؤرّخ في دمي

إلا هديل الآه

في ترحال أعصابي.

تعتمد نصوص الكتاب الصادر عن الهيئة العامة السورية للكتّاب والذي يقع في 151 صفحة من القطع الوسط، على البنية الإنسانية في قوام القصيدة. حيث تشكّل الدلالات جانباً مهماً في خدمة العاطفة كأولوية أولى في النصوص والتي تكون الرابط العاطفي والإنساني بين النصّ والمتلقي.

كما كان للذكريات والوفاء بالعهود وللأصحاب حضور كبير في الوسائل التعبيرية الموجودة في النصوص إضافة إلى المنحى الإنساني الذي ظلّ في كل القصائد فكرة أساسية تدور حولها التعابير وتغنيها.

يوميات الحرب على سورية

يرصد الكاتب نبيل صالح عدداً من الحركات الاجتماعية والسياسية والثقافية التي مرّت بها سورية منذ وجودها كحضارة في قلب الشرق القديم مستعرضاً بلغة وثائقية جدلية في كتابه «يوميات الحرب على سورية» وقائع وأحداث مهمة للعدوان الذي تعرّضت له البلاد.

ويقول صالح في كتابه الصادر حديثاً وأعدّه معه بسام حكيم: كانت سورية مركز العالم القديم، وشكّل السومريون أقدم الحضارات المعروفة في البلاد. مستعرضاً الشعوب والحضارات التي تعاقبت على سورية وتمازجت معها.

ويلجأ الكاتب والصحافي السوري إلى سرد تاريخي لمجمل الأحداث التي مرّت بها سورية وصولاً إلى الأيام الأولى من الأزمة التي وضع لها ما يشبه أرشيفاً لأهم الأحداث والوقائع التي جرت منذ آذار 2011، كتوثيق للحرب على سورية، كاشفاً أبعاد المؤامرة على الوطن من قبل جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية وخروج كل التنظيمات الإرهابية من عباءة هذه الجماعة.

ويقع الكتاب في 574 صفحة من القطع الكبير، مؤرشفاً ليوميات الحرب على سورية من عام 2011 حتى 2016، مبيّناً أنّ التخطيط لما يسمّى «الربيع العربي» بدأ عام 2009 مع تولّي باراك أوباما الرئاسة في الولايات المتحدة بحسب وثيقة معهد السلام المنشورة في 21/1/2010 والتي جاءت على شكل توصيات ودراسات تحت عنوان «تعزيز ودعم الأمن والديمقراطية في الشرق الأوسط الكبير»، حيث كلف معهد السلام «USAB» بعد اندلاع الاحتجاجات في تونس ومصر بإدارة ملفّ سمّي «مكتب الربيع العربي» حيث تولى المعهد تدريب آلاف ممن يُسمّون «الناشطين العرب» على تنفيذ أجندات العدوان.

ما أجملك!

تباينت نصوص المجموعة الشعرية الصادرة حديثاً لناصر زين الدين تحت عنوان «ما أجملك»، حيث ذهب الشاعر إلى الحداثة في بناء جُمل النصّ وتشكيلها، هي التي حظيت في بعضها على مكوّن شعريّ يعتمد الموسيقى وملكات النصّ الشعري وإن كانت تراجعت تلك الأدوات في وظيفتها في نصوص أخرى.

وفي المجموعة التي اختلف المستوى الفني في نصوصها كان أكثر ما تألق فيها قصيدة تشكلت فيها دمشق مع ألفاظها ومعانيها وعاطفتها حتى وصلت إلى المعنى الرئيس في البنية الشعرية، نظراً إلى أهمية الفيحاء في حياة الشاعر وبصفتها رمزاً وطنياً وحضارياً حيث يقول:

غامت الصورة يا شام بعيني

وخبا ذاك الضياء

واحتواني في أقاصي الروح ركن مظلم

تبسم العزلة في أنحائه

يشدو الخواء.

والغربة عند زين الدين حالة تؤرّق العواطف فتستدعي الذكريات ويذهب الخيال إلى حالة شعرية تسعى لتشكيل جديد محاولة أن تتجاوز ما هو موجود على الساحة بين مدّ وجزر. معتمداً على خياله الذي امتلأ بأدوات الواقع الاجتماعي والإنساني فقال في قصيدة «حيرة لا تحدّ»:

كأنك ما غبت عنّي يوماً

ولم ترتحل للأبد

قريب على جسدي كملاءة نومي

وألصق في الروح من ظلّ يومي

كأنك تعويذة نقشت فوق كفّي

ووشم بهيّ يزين خدّي.

وعن الموت الذي نشره الإرهاب والمؤامرة على الوطن جاءت قصيدة «تعزية» عند زين الدين معبأة بالألم والحزن والجراح تتحرك أحداثها بمعطيات العاطفة الوطنية والإنسانية المليئة بالصدق والحب والكبرياء فيقول:

من أعزّي يا أحبائي بمن

وزهور الروض أهديها

إلى أيّ كفن بدمانا أرضنا قد خضّبت أينا القاتل والمقتول من

بلد عشنا به دهراً

ورثنا خيره

أمجاد ماضيه

وجالت خيلنا تحميه أيام المِحن!

وتأتي دمشق مرة أخرى عند زين الدين بأسلوب آخر يحمل بهاء المكان وطيب المقام وأجمل ما يمكن أن يلاقي الإنسان من بلد ليعيش فيه عبر تشكيل تألق في استعارة الأدوات وتشكيلها للصورة الشعرية المؤدية إلى بناء القصيدة. يقول في قصيدة «بوح اليمامة»:

آه كم مرّ على رأسي

وكم تيّمت يا ريح الخزامى

يا ملاكاً فرّ من جنّة مولاه

فما استحلى سوى الشام مقاماً.

الكتاب من منشورات الهيئة العامة السورية للكتاب، يقع في 96 صفحة من القطع الوسط، كما صدر للكاتب سابقاً مجموعات شعرية هي «سأفتح باباً لعطرك أو للرياح» و«منازل وطيور» وهما صادرتان عن الهيئة العامة السورية للكتاب، و«أمير العزلة» عن اتحاد الكتّاب العرب، و«الوسط الطين» عن «دار سمرقند»، فضلاً عن دراسة في الفنّ التشكيلي بعنوان «سحر الفن» عن «دار النايا».

ذكريات بين الثورة والإبداع

تتناول نوال السعداوي في هذا الكتاب ما حدث في مصر بعد إطاحة حسني مبارك، وكيف وصل الإخوان المسلمون إلى الحكم ومن أوصلهم ومن أطاحهم، وما هو مستقبل مصر بعد تسلّم الرئيس عبد الفتّاح السيسي الحكم، إضافة إلى حقيقة العلاقة الملتبسة بين مصر وكلّ من أميركا و«إسرائيل»، وتتكلم أيضاً عن المستجدّات في الساحة العربية و«داعش». كما تتكلم عن حركة «تمرّد» ونجاحها في ما فشل فيه الآخرون، وتفوّقها على القيادات التقليدية وتجاوز الأحزاب القديمة والجديدة.

تؤكّد السعداوي أنّ الثورة السياسية الاجتماعية لا تحقّق أهدافها ما لم تواكبْها «ثورة في الثقافة»، ولهذا وجّهت نقدها في هذه المقالات إلى كثيرٍ من المثقفين.

بصوت إنساني نسويّ صادح ولغة مباشرة قوية لم تعرف المواربة، قُدّت من صخر فكرها، كتبت نوال السعداوي هذه المقالات التي يُنشر عددٌ منها للمرّة الأولى.

وما شكّل لحمتها وسداها هو الثورة التي أنشدت المؤلفة أناشيدها ولوّنت العالم بألوانها على مدى عمرها المليء بالعطاءات المختلفة خصوصاً الأدبية منتقدةً لجنة الخمسين التي قادت دستور ما بعد الثورة مشيرةً إلى أهمية الثورة الثقافية التي ينبغي أن تواكب أي ثورة، بل تسبقها أحياناً محذّرةً من خطورة التزاوج الثلاثي غير الشرعي بين دكتاتوريّة الدين وسلطة رأس المال ودكتاتوريّة الاستعمار المتسترة بِاسم الديمقراطية.

في هذا الكتاب تجدّد المؤلّفة مواقفها وتعبّر عن أفكارها النّضرة العصيّة على البَهَت والشّحوب، منطلقة من حدث الثّورة المصريّة على مبارك ومرسي.

وبوضوح الرؤية التي تبصر العالم بنورها وبشجاعة الالتزام، تتابع ما كانت قد تناولته في كتابها السابق «نوال السعداوي والثورات العربية» الصادر أيضاً عن شركة المطبوعات للتوزيع والنشر. وتعالج أبرز المستجدات على الساحة المصرية، تحفزّها روح وطنية مصرية، تجعلها تسمّي الأمور بأسمائها وتحدّد العدوّ الحقيقي لمصر، من الداخل والخارج على حدّ سواء.

وتقيّم السعداوي أهم المستجدات في بلادها كأحداث سيناء والحراك الداخلي من منظورها الفكري غير التقليدي، فتثني على حركة «تمرّد» التي أثبتت فرادتها على عكس كل الأحزاب القديمة والجديدة، كما تعرّج على الأحداث في المنطقة العربية، مبيّنةً رأيها بداعش مثلاً.

ويتجلّى فكرها التحرّري الأصيل في موضوع المرأة، ومرة أخرى تقف إلى جانبها في وجه المؤسسات الحاكمة كلها، ومنها الأزهر والكنيسة، آخذة عليها طابعها الطبقي الأبوي.

أهمية الكتاب أن مؤلفته لا تتميز فقط بهذا الفكر، بل تتميز أيضاً بموهبة أدبية أَلبَست أفكارها حلة بلاغية فنية جعلتها أعمق تأثيراً ومكّنتها من التسلُّل إلى القلوب والعقول على مدى أجيالٍ وأحسبُها ستبقى كذلك في المستقبل.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى