بو صعب كشف عن خليّتين لتزوير الامتحانات تستخدمان تلامذة جامعيين متفوقين
عقد وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب مؤتمراً صحافياً خصّصه لكشف التفاصيل الأوّلية المتعلّقة بشبكة تزوير الامتحانات الرسمية، وقال: «نحن أمام أكبر وأخطر شبكة تزوير وغشّ في الامتحانات الرسمية، إذ إنّنا ضبطنا، وللمرة الأولى، شبكات منظّمة ظهر حجمها وطريقة عملها في استقطاب المرشّحين بمشاركة من الأهالي والوسطاء والمشغّلين والمدارس».
ولفتَ إلى أنّ «الإصلاحات التي قمنا بها ساعدت الجهود التي بذلتها القوى الأمنية في الكشف عن أكبر شبكة فساد». وأشار إلى أنّ «غياب الدولة والمؤسّسات، والفوضى في أكثر من مكان تجعل المواطن يتطاول على المؤسسات الرسمية». وأكّد أنّ «الإجراءات التي اتُّخذت في الامتحانات من تصغير للمراكز وخفض عدد المرشّحين فيها وزيادة عدد المراقبين، أدى إلى تحمّل المزيد من المسؤولية وإلى الإشراف بصورة لصيقة في تفاصيل الامتحانات. كما أنّ المواكبة من جانب القوى الأمنية، وخصوصاً قوى الأمن الداخلي التي تعمل معنا على مدار الساعة في حماية مراكز الامتحانات وتوزيع الأسئلة وإعادتها، تؤدّي دوراً مهمّاً في ضبط الامتحانات».
وأضاف: «أغتنم المناسبة لأتوجّه بالشكر إلى المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص، الذي أمّن مواكبة التربية في التوسّع الكبير في عدد مراكز الامتحانات بحيث تمكّنت قوى الأمن من تغطية هذا التوسع بكل مهنية واحتراف. وأتقدّم بالشكر من قائد الجيش العماد جان قهوجي ومدير المخابرات العميد كميل ضاهر، وجميع الضباط والعناصر الذين يسهرون على عزل مركز اللجان الفاحصة وعلى أمن الامتحانات في كل لبنان». ونوّه بالعمل الاحترافي الذي تولّته فصيلة أنطلياس في قوى الأمن، وعلى رأسها الرائد بول نخلة، وقدّر عالياً انتباه عناصر فصيلة أنطلياس الموضوعة في خدمة الامتحانات وسهرهم. كما حيّا رئيس مركز الامتحانات توفيق المتني على كل الجهد لكشف المتورّطين. كما وجّه تحية تقدير إلى النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضي كلود كرم، الذي يتعامل مع موضوع الشبكة بكل مهنيّة واحتراف.
وتابع: «لقد تمّ ضبط مشغِّلين ووسطاء ومدارس وطلاب جامعات يتوّلون تنفيذ أوامر المشغِّل، كما أنّ أهل التلامذة يتحمّلون المسؤولية. لقد كشفنا حتى اليوم مشغِّلين اثنين لخليّتين مختلفتين، إذ يأتي الطلب من أحد المرشّحين إلى المشغِّل الذي يكلّف تلميذ جامعة متفوّقاً، وعرفنا أنّه يتقاضى ألف دولار للشهادة المتوسطة في حين يتقاضي الطالب منتحل الصفة الذي يتقدّم عن مرشّح في الشهادة الثانوية معدّل 2500 دولار لأحد المشغلين و 3000 دولار للثاني. وقد كشفت التحقيقات حتى اليوم أربعة منفّذين تقدّموا إلى الامتحانات عن تلامذة آخرين».
وقال: «أمّا طريقة التنفيذ فتبدأ مع بداية العام الدراسي حين يعطي المرشحون طلبهم إلى الوسيط، فيأخذ إخراج القيد ويكلِّف تلميذاً جامعيّاً بالأمر، فيتم تزوير إخراج قيد وتوضع عليه صورة المنفِّذ البديل عن التلميذ، وتُرفع مع لائحة المدرسة التي يصبح لديها الاسم الحقيقي للتلميذ، ولكن مع صورة لتلميذ آخر. وتأتي اللوائح من المدارس إلى وزارة التربية فتخرج من عندنا وثيقة الترشيح حاملةً اسم التلميذ الحقيقي وعليها صورة المنفِّذ الذي سيتقدّم إلى الامتحانات. وتبيّن أيضاً أنّ المشغِّل والمنفِّذ لا يعرفان صاحب العلاقة الأصلي، بل إنّ الوسيط هو الذي يؤمِّن الربط بين المرشح والمشغِّل».
وأضاف: «أنّ هاتين الشبكتين تعملان بمهنيّة عالية، وسوف أعرض عليكم ثلاثة إخراجات قيد بثلاثة أسماء مختلفة تحمل صورة منفّذ واحد، وهو تلميذ جامعي متفوّق قام بإنهاء امتحان المتوسطة عن أحد التلامذة فلاحظه أحد عناصر قوى الأمن المولجين الحراسة في مركز الامتحانات في أنطلياس، وعاد فرآه ثانية يتقدّم من امتحانات الثانوية فأبلغ رئيس مركز الامتحانات الذي استدعاه فاعترف بالأمر وسُلّم إلى المدّعي العام الذي حقّق معه وأوقفه بعد اعترافه بما نُسب إليه. وقد استخدمت مديرية الامتحانات الصور واللوائح التي أثبتت قيامه بالامتحان للشهادة المتوسطة وللثانوية، كما تبيّن من اللائحة مقعده في الصف في كل شهادة والتلامذة الذين يحيطون به والأساتذة الذين شاهدوه في كل صف، وظهر توقيعه في مقابل اسمه في كل من الشهادتين».
وتابع: «لقد اكتشفنا أموراً أخرى، منها تهريب هواتف خليوية وتصوير امتحانات وتوزيعها، وتمّ ضبط أصحاب العلاقة ومحاسبتهم، فالمسؤولية هي بيد رئيس المركز ولا يمكنه أن يسمح لأحد بالدخول مهما كان موقعه. إنّ ثقتنا كاملة بالقاضي كلود كرم وبالجسم القضائي لإظهار المتورّطين ومحاسبتهم».
وتمنّى على وزير الداخلية نهاد المشنوق «أن نقوم بتطوير نظامنا وقيودنا ونتخلّى عن إخراجات القيد، لأنّ الطلاب والمزوّرين يحصلون عليها بسهولة ويزوّرون محتواها، وهذا الأمر يشكّل خللاً كبيراً ومخيفاً».
وأشار إلى أنّ «التلامذة المشاركين في التزوير تتمّ محاسبتهم، وهناك تلامذة حصلوا على شهادات مزوّرة العام الماضي باعتراف الموقوفين وسنسحبها منهم».
اجتماع تنسيقي لتعليم النازحين
على صعيد آخر، ترأس بو صعب إجتماعا موسعاً، في قاعة المحاضرات في الوزارة، ضم ممثلين عما يقارب 47 جمعية دولية ولبنانية تتعاون مع الوزارة في إطار مشروع RACE والمشاريع الأخرى المتعلقة بتوفير التعليم لجميع الأولاد على الأراضي اللبنانية، بمن فيهم النازحون من سورية، في حضور رئيسة وحدة إدارة المشروع صونيا خوري.
وشرح الوزير بو صعب كيفية «تقدم آلية التعاون مع الجمعيات من أجل تحقيق أكبر قدر ممكن من النجاح للمشروع الهادف إلى تأمين التعليم للجميع»، لافتاً إلى «أن المرحلة الأولى كانت لتعزيز التواصل بين الوزارة والجمعيات وأماكن إنتشار النازحين بغية تشجيع أهاليهم على إرسال الأولاد إلى المدارس. ثم تم تشكيل الوحدة الإدارية المختصة لإدارة المشروع والتي تجمع ممثلين عن أبرز الجهات المانحة الدولية».