مجزرة «بالز».. وخيارات أوباما

نظام مارديني

المجزرة الدموية التي شهدها ملهى «بالز» في مدينة أورلاندو في ولاية فلوريدا الأميركية وراح ضحيتها أكثر من 50 قتيلاً، لا يمكن لنا أن نصنفها إلا في خانة الإرهاب الناجم عن الحاضنة التحريضية التي مارستها الحكومة الأميركية، عبر تصريحات أريد من خلالها خلط الأوراق في سورية، بهدف التناغم مع حليفتيها السعودية وتركيا من جهة، ولمناكفة السياسة الروسية الداعية إلى تعاون بين موسكو وواشنطن في مواجهة التنظيمات الإرهابية في ضوء التقدّم الكبير للجيش السوري في عملية استعادة الطبقة وحصار الرقة.

الموت بكل مظاهره عندما يأخذ هذا الشكل «الاحتفالي» الراعب، كما لو أن أميركا لا تتراقص على هذا الخيط الرفيع بين حلب والرقة والفلوجة، بمعنى الوباء الفقهي إياه، ولمن يستهجن فإن هذا الموت هو المحصلة الجدلية لتلك البداوة العقائدية والسياسية والاستراتيجية للوهابية، التي تشير إلى أنه لم يعُد باستطاعة العالم الدعوة لتحييد الله، بعدما أُثقل بهذا التأويل الهمجي للنصّ!

هذه المجزرة يجب أن تُعيد الإدارة الأميركية إلى نبض تحديد دورها في استمرار دعمها للإرهاب الذي تدعمه السعودية وتركيا، كما أكد ذلك وفي اعتراف صريح، الرئيس الأميركي باراك أوباما، أو في التعاون مع الجيش السوري في حربه المقدّسة ضد الجماعات التكفيرية التي خرجت من مؤخرة الوهابية، خاصة أن المراوغة التي تتبعها الإدارة الأميركية في دعم قوى غير حكومية ليست الغاية أو الهدف الأكبر لها هي محاربة تنظيم داعش بقدر ما تسعى إلى تشكيل شريط تقسيمي سيكون بحماية القواعد العسكرية الاستعمارية التي بدأت تستقرّ، وبقدرة قادر، في مناطق خاضعة لوحدات حماية الشعب كردية .

إن سيناريوهات التقاعس عن مواجهة الإرهاب ومموّليه بحجج واهية حثّت على الدوام الخلايا النائمة للتنظيمات التكفيرية، لأن تتحرّك وكأن هذه السيناريوهات هي كلمة السر المتفق عليها بين هذه التنظيمات الإرهابية وبين مَن يوفّر لها الغطاء ويتحدّث نيابة عنها بل وأحياناً كثيرة يصرخ بأعلى صوته، كلما تعرّضت فلولهم لهزيمة منكرة وهذا ما حصل في مدن ومعارك عديدة في الأسابيع القليلة الماضية.

المجزرة التي حصلت في «بالز» الأميركية تؤكد جملة من الحقائق أولها أن هنالك خلايا نائمة تتحرّك وفق مخرجات معارك حلب والرقة والفلوجة وتحاول صناعة حدث إعلامي يُغطّي على خسائرها في هذه المدن.

وثاني هذه الحقائق، رفع عصا الإرهاب في وجه الغرب، لا سيما أميركا، بأن لها خلاياها النائمة ضمن حواضن دفعت بهم أنقرة عبر ضخّهم مع اللاجئين الذين استخدمت معاناتهم من أهوال إجرام التنظيمات التكفيرية، لتحقيق غايات غير أخلاقية مستخدمة أسلوب «الغاية تبرر الوسيلة».

يجب أن تخرج الرؤية الأميركية من أنها الوحيدة القادرة على إدارة العالم وفق حساباتها السياسية والعسكرية والاقتصادية، ولا تريد، الاعتراف بأنها أمام خيارات صعبة، ولعلّ أكثرها تأثيراً هو التعاون والتنسيق مع دمشق موسكو وطهران.. ولكن أليست هذه هي ساعة أوباما لمدّ يده للأسد!

لا لم يعُد الافتراض قائماً بأن أوباما ربما يكون نسخة عن الآلهة الإغريق، وينفث النيران أينما حلّ؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى