تُطلق تباعاً ثلاثة أفلام تعالج قضايا اجتماعية ملحّة وحسّاسة دارين حمزة… نجمة لبنان الاستثنائية السائرة قُدُماً نحو العالمية
أحمد طيّ
جميلة في حديثها وروحها وعفويتها ومرحها، تماماً كجمالها الذي حبتها به الحياة، وتماماً كالجمال ـ الإبداع ـ الذي تتحفنا به لدى كلّ إطلالة. إن كان عبر الأعمال الدرامية، أو من خلال الأفلام السينمائية.
جريئة حيث يجب أن تكون الجرأة ضرورية لا مبتذلة. ومحترفة في أداء الأدوار التي لا تكرّرها، طارقةً بذلك أبواباً لم يجرؤ أحدٌ قبلها أن يقترب منها حتّى، خوفاً من تابوات يعرفها الجميع.
مبدعة من الطراز الرفيع جدّاً، وتسير بخطى ثابتة نحو العالمية، سالكة طريق السينما التي بدأتها بأفلامٍ من إنتاج لبناني وإيراني، لتحظى حالياً بإعجاب المنتجين الأوروبيين… والعين على هوليوود.
مؤمنة بقدراتها فآلت أخيراً ألّا تهدرها في أعمال أقلّ ما يقال فيها إنها عادية. بل هي توظّف تلك القدرات والموهبة المصقولة بالخبرة، دائماً نحو الأفضل والأحسن. معتمدةً على البحث الدائم عن المواضيع والشخصيات التي لم تتطرّق إليها السينما بعد. نقول السينما، لأنّ النجمة اللبنانية دارين حمزة، مؤمنة أن الدراما اللبنانية ـ راهناً ـ لا تصنع نجوماً، ولا تنافس خارج الأثير اللبناني. فاعتلت صهوة السينما التي ـ دائماً ـ تفتح أمامها آفاقاً ما بعدها آفاق.
النجمة القديرة بأدائها وأعمالها دارين حمزة، ضيفتنا اليوم على منبر «البناء» التي التقت بها للحديث عن جديدها… وما أغزره!
«بالحلال»… والمرأة
دارين حمزة التي تناولت قضية العنف الأسري في فيلمها «بيترويت»، تحاول اليوم الإضاءة على دور المرأة في معالجة مشاكلها الزوجية عبر الدين الإسلامي السمح. وذلك في فيلمها الجديد «بالحلال»، الذي يعرض للمرّة الأولى في صالات السينما اللبنانية بدءاً من 7 تموز المقبل.
الفيلم الذي شارك في مهرجانات عالمية عدّة، وعُرض في سدني ـ أستراليا، وفي الولايات المتحدة الأميركية، وفي روتردام ـ هولندا، وحتى في اسكتلندا، يقدّم خلطة اجتماعية جميلة عبر متابعة ثلاثة ثنائيات «couples»، لكلّ ثنائيّ منها حياته الخاصة ومشاكله الخاصة أيضاً.
دارين حمزة التي تلعب في هذا الفيلم دور «لبنى»، المرأة المطلّقة، تقول لـ«البناء» إنّ هذا الفيلم يُبرز الإسلام وتعاطيه مع المرأة بأحلى صورة. ففي إطار لا يخلو من السخرية، يسرد لنا الفيلم حكايات الـ«couples» الثلاثة، التي لا تتقاطع مسارات شخصياتها بالضرورة، ليقدّم الفيلم نماذج متعدّدة تعاني منها المرأة، والتي ظهرت في الفيلم ربّة منزل، وأمّ، وزوجة، وعشيقة، وموظفة، كما تباينت درجة ذكائها وتعاملها مع المشاكل التي تواجهها، رغم أن جميع شخصيات الفيلم ينتمين إلى طبقة واحدة.
وتقول دارين: عندما شوهد في أوروبا وأميركا وأستراليا، كانت الأصداء إزاءه رائعة. وكثيرون من النقاد والجمهور عندما شاهدوه فوجئوا بأن الإسلام يمنح المرأة حقوقاً كثيرةً على عكس ما يروَّج عن الإسلام… قبلاً وراهناً.
الفيلم أخرجه المبدع الإيراني أسد فولادكار، ومن إنتاج مشترك بين «شركة صبّاح للإعلام Sabbah Media Corporation»، و«ريزور فيلم Razor Films» الألمانية، بالتعاون مع «إيغل فيلمز eagles films» و«جينجر بيروت برودكشون». وهو من بطولة: دارين حمزة، رودريغ سليمان، ميرنا مكرزل، علي سمّوري، حسين مقدّم، زينب هند خضرا، فاديا أبي شاهين، برلين بدر، وكريستي بارد. ويشكّل وفقاً لما قالته دارين حمزة، دعوةً صريحة ومباشرة لقراءة الدين الإسلامي جيداً، وللبحث فيه عن كيفية تكريمه المرأة، ومنحها حقوقاً كثيرة.
وبالعودة إلى شخصية «لبنى»، تقول دارين إنها رومنسية للغاية، وتبرز من خلال محاولاتها منفردةً، حلّ مشاكلها ضمن بيئة مسلمة، وقصة مستوحاة من صميم الواقع.
وتختم دارين حديثها عن فيلم «بالحلال» قائلةً إنّه شكّل صدمة للمشاهدين الأميركيين، الذين فوجئوا بأنّ المرأة العربية، لا سيما المسلمة، «مستّتة» وتضطلع بأدوارها ضمن الأسرة والمجتمع.
«يلا عقبالكن… شباب»!
بعد النجاح اللافت الذي حققه فيلم «يلا عقبالكن»، تُعرض بعد أشهر، النسخة الثانية منه، إنما من وجهة نظر الشباب. فيأتي فيلم «يلا عقبالكن… شباب»، ككوميديا اجتماعية خفيفة، تحاول الإضاءة على أسباب فشل علاقات الشباب العاطفية، من خلال عيّنات متواضعة من المجتمع اللبناني، وتداخل أحداث وتلاقيها.
دارين التي لعبت في الفيلم الأول دور المرأة المغدورة والمخدوعة والتي تتعرّض للخيانة، تغدو في «يلا عقبالكن… شباب»، «ياسمينة»، المرأة اللئيمة الصارمة التي تدرك جيداً كيف تجترح الحدود لكلّ شيء.
يشارك في الفيلم الذي كتبته نيبال عرقجي وأخرجه شادي حنا، نخبة من الوجوه الفنية اللبنانية إلى جانب دارين حمزة، ومنهم: المبدعة ندى أبو فرحات، والمميز بديع أبو شقرا، إضافةً إلى الرائعَين جوليا قصار وطلال الجردي، ومعهم فؤاد يمّين، دوري السمراني، مروة خليل وبولين حدّاد، مع إطلالة مميّزة لمي سحّاب والفنان غسان الرحباني.
NUTS
أما الفيلم الأخير الذي تطلقه دارين في لبنان بعد سنة تقريباً، فعنوانه «NUTS»، وتشارك في إنتاجه إلى جانب «Laser Films». ومن خلال حديث دارين حمزة إلى «البناء»، استشففنا أنه سيشكل صدمة للمشاهدين، إن كان في لبنان أو في أيّ مكان. إذ إنه يلج عبر الشخصية الرئيسة «لانا» دارين ، أماكن ودهاليز لا يعرفها كثيرون… أوكار المقامرة.
«لانا»، ذات المستوى المعيشي الميسور والمتوسّط، والمتزوّجة، تعاني من فراغ هائل في حياتها. وكي تعتق روحها من هذا الفراغ القاتل، تهتدي إلى عالم القمار المخفيّ، ولا يلبث القمار هذا، أن يتحوّل إلى إدمان.
«NUTS» كان فكرة ولدت لدى المخرج اللبناني طارق سكياس، فكتبه هو وتانيا سكياس، وتولّى إخراجه المخرج الفرنسي هنري بارجاس Henri Barg s ، وجمع إلى جانب دارين حمزة، كل من الممثلين: غبريال يمّين، إدمون حدّاد، طارق تميم، حسّان مراد، وآلكسندرا قهوجي، إضافة إلى رينيه ديك ووليد العلايلي.
وعن دورها تقول دارين: قد نجد حكاية «لانا» لدى عددٍ كبير من النساء في مجتمعنا. وإذ أدرك أنّ شخصية «لانا» بعيدة تماماً عنّي، فأنا لا ألعب القمار ولا أعرف قواعده، إلا أنّ ذلك أثار فيّ الحماسة للتعرّف إلى هذه الشخصية وهذا العالم غير المعروف بالنسبة إلى كثيرين. فأجريت بحوثاً كثيرة كي أمسك بخيوط الشخصية، وفوجئت بأنّ نسبة النساء اللواتي يدمنّ القمار في لبنان ليست قليلة البتة.
الفيلم يسلّط الأضواء على آفة الإدمان على المقامرة، التي لم تعالَج سابقاً في السينما اللبنانية بطريقة وافية، وأتوقّع ـ لا بل أنا واثقة ـ أن تكون له أصداء إيجابية من حيث تقبل الجمهور، إذ إنه يحمل الكثير من الأوراق الرابحة التي تجعله متميّزاً على صعيد السينما اللبنانية، لا سيما أنّ الفكرة «جنون»، والموضوع جديد ومطروح بجرأة وواقعية كبيرتين. كما أنّ فريق العمل محترف للغاية ولدينا أفضل الممثلين. مستوى الفيلم عالميّ لا وطنياً، وقد صُوّر وفقاً لأعلى المعايير.
الدراما
دارين التي تولي السينما اهتماماً كبيراً، لإيمانها بأنّ الأفلام الناجحة هي التي تصنع نجوماً، لم تهمل المسلسلات كلّياً. إذ تشارك هذه السنة في مسلسل «العراب ـ تحت الحزام» الجزء الثاني من «العراب ـ نادي الشرق»، وأيضاً في العمل الدرامي المصري «شهادة ميلاد»، الذي تلعب فيه دور «سارة»، المرأة القوية الذكية التي تتمتّع بقدرات غير عادية ومتناقضة، فتميل إلى الشرّ كي تدافع عن حقها من وجهة نظرها. وعن هذا الدور تقول دارين إن هذه النوعية من الأدوار المركّبة تستهويها بشكل كبير.
«شهادة ميلاد»، يجمع دارين حمزة بعددٍ من نجوم مصر أبرزهم: الفنان طارق لطفي، إنجي المقدم، زكي فطين عبد الوهاب، وعائشة بن أحمد، ودارين حمزة، كما سيظهر الفنان صلاح عبد الله، والفنان بيومي فؤاد ضيفَيْ شرف في أحداث المسلسل الذي أخرجه أحمد مدحت، وكتب قصّته عمرو سمير عاطف.
شكراً
للنجمة التي لا تهدأ، التي تسير بخطوات واثقة نحو العالمية، نقول شكراً. لدارين القديرة بأعمالها المتنوّعة التي جسّدت دائماً حالات استثنائية، والفتية بعمرها إذ إن طريق الإبداع أمامها طويل… نقول شكراً.
لدارين دائمة الترحال بين البلدان تنهل من معين ثقافاتها، فتصقل موهبتها الفذّة… نقول شكراً.
لدارين الواعية المتعالية على كلّ الانتقادات المبتذلة التي لا تمتّ إلى النقد الفنيّ بِصلة، فلا توليها اهتماماً، إنما تنظر دائماً إلى الأمام… نقول شكراً.
للفنانة المتواضعة تواضع الورد الجوري، والعفوية عفوية النسائم، والمحاورة الفذّة، وحافظة الجميل لكلّ من مدّ يد العون إليها… نقول شكراً.
شكراً لمسيرتك الحافلة بالنجاحات وأنت لما زلتِ صبيةً في ريعان العطاء. شكراً للجمال الذي تمنحيننا إياه عبر أعمال أثارت ذائقتنا الفنية، وأضحكتنا، وأبكتنا، وناصرت المرأة حيث يجب أن تجد نصيراً لها، وعاتبتها وأنّبتها حيث يجب أن تجد من يوعّيها.
شكراً دارين حمزة لكلّ ما قدّمته وما ستقدّميه، مبرهنةً أن في بلادي كل حق وخير وفن وفلسفة وجمال.
بطاقة
مواليد بلدة سوق الغرب في 5 تموز 1979.
هي الابنة الثانية لأب مهندس طيران، وأمّ مهندسة تصاميم داخلية، من قرية سوق الغرب في قضاء عاليه في محافظة جبل لبنان. بسبب الحرب الأهلية اللبنانية، قضت دارين معظم حياتها بالسفر بين لبنان وفرنسا. ومن سنّ 8 حتى 13 قضت فترة دراسية في مدرسة داخلية في مدينة «باث» في المملكة المتحدة.
درست التمثيل والإخراج في معهد الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية، وشاركت في مجموعة «طالبين القرب» للكاتب مروان نجّار والمخرج ميلاد أبي رعد، وأيضاً في مسرحيات كريم دكروب قبيل تخرّجها من معهد الفنون عام 2001. ولم تتأخر حتى دخلت ميدان العمل الإخراجي في تلفزيون «المستقبل». لكن طموحها كان كبيراً جدّاً، فمنها انتقلت بمِنحة إلى بريطانيا حيث نالت شهادة دراسات عليا في جامعة «وستمنستر»، حيث نالت شهادة الماجستر في التمثيل والإخراج.
وبعد العودة، أسندت إليها بطولة «عايدة» والمسلسل الخليجي الكوميدي «9/11» للمخرج ميلاد الهاشم في تموز 2006، كما شاركت فأطلّت في مسرحية فيروز الغنائية «صح النوم» في مهرجانات بعلبك، غير أن أحلامها السينمائيّة دفعتها إلى السفر إلى أميركا حيث أجرت دورات تدريبيّة تمثيليّة مكثّفة في السينما.
لم تتأخر الممثلة الشابة حتى تتحوّل إلى نجمة لبنانية في السينما. فشاركت في السينما الإيرانية في عدد من الأفلام بدورٍ بطولي. ولعبت أيضاً دور البطولة في فيلم «اللؤلؤة» شولا كوهين ، الذي صوّر جانباً من حياة أشهر جواسيس «الموساد الإسرائيلي» «شولا كوهين» في بيروت مطلع الستينات.
من أهم أعمالها: «طالبين القرب» 1998 . «فلات، بايل، وايت هاندس» فيلم قصير الجامعة اللبنانية ـ كمخرجة 1999 . «سخافتها» فيلم قصير، الجامعة اللبنانية، 2000 . «الحديقة» فيلم قصير، جامعة كولومبيا، 2002 . «آي آكسس» فيلم قصير، جامعة وستمينستر، المملكة المتحدة ـ كمخرجة، 2003 . «سكين بلاستيسيتي» فيلم قصير، جامعة وستمينستر، المملكة المتحدة ـ كمخرجة 2004 . «حكاية عايدة» مسلسل 2006 . «911» مسلسل 2007 . «أغنية سندباد الأخيرة» فيلم إيراني ـ قصة خيالية 2007 . «الولادة الجديدة» فيلم إيراني ـ قصة خيالية 2008 . «حامل عطر بلادي» فيديو كليب 2008 . «شيلا كوهين، اللؤلؤة» فيلم ـ قصة خيالية / سيرة ذاتية 2008 . «درابزين» فيلم قصير، جامعة سيدة اللويزة 2008 . «مغامرات جاد ونور» مسلسل 2009 . «شيء من القوّة» مسلسل 2009 . «الدوّامة» مسلسل سوري 2009 . «كتاب القانون» فيلم إيراني 2009 . «مجنونة» فيلم قصير، جامعة مار يوسف 2009 . «على العهد» مسلسل 2010 . «صياد يوم السبت» فيلم إيراني 2010 . «سليم ودستة حريم» مسلسل سعودي 2010 . «الهروب إلى النار» مسلسل لبناني 2010 . «جنوب الجنة» فيلم إيراني 2011 . «الغالبون» مسلسل لبناني 2011 . «بيروت بالليل» فيلم لبناني 2011 . «خطوط حمراء» مسلسل مصري 2012 . «زي الورد» مسلسل مصري 2012 . «33 يوم» فيلم لبناني 2012 . «غزل البنات» مسلسل لبناني 2013 . «الملائكة السفاحة» فيلم إيراني 2013 . «بيترويت» فيلم لبناني عن العنف الأسري 2013 . «يلا عقبالكن» فيلم لبناني 2014 . «أبرياء ولكن» مسلسل لبناني 2015 . «العراب ـ نادي الشرق» مسلسل سوري 2015 . «العراب ـ تحت الحزام» مسلسل سوري 2015 . «شهادة ميلاد» مسلسل مصري 2016 . «بالحلال» فيلم لبناني 2016 . «يلا عقبالكن… شباب» فيلم لبناني 2016 . و«NUTS» فيلم لبناني 2016 .