تقرير

تناولت صحيفة «إيزفستيا» الروسية تجربة محكمة نورنبيرغ التي شُكلت لمحاكمة قادة النازية والفاشية، مشيرة إلى أن الأوان آن لتشكيل محكمة دولية للنظر في الجرائم التي تُقترف في سورية وأوكرانيا.

وجاء في المقال: عام 1946 أنهت محكمة نورنبيرغ عملها، بوصم ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية بالعار، والحكم بأن الذين أضرموا نار الحرب العالمية الثانية هم من المجرمين. والآن يبدو أن التاريخ يعيد نفسه بعد مضيّ 70 سنة، إذ بدأ أتباع النازية الفكريون يطلّون برؤوسهم، ويقاتلون المنتفضين ضد دكتاتورية النازية الجديدة في منطقة الدونباس الأوكرانية.

أما في سورية، فتقترف جرائم الحرب المجموعاتُ الإرهابية، التي شُكلت بمشاركة الأجهزة الأمنية الخاصة في الغرب للإطاحة بحكم الرئيس بشار الأسد.

في هذه الظروف، لا تصبح التجربة التاريخية لمحكمة نورنبيرغ حيوية، بل آنية ومطلوبة. لأن أيّ حرب إفناء يجب أن تنتهي بتشكيل محكمة دولية، ليس فقط لمعاقبة مجرمي الحرب، لا بل لتصم بالعار جرائم الأنظمة التي تقتل الناس لأسباب عرقية أو أيديولوجية أو إثنية، أو ببساطة لمعارضة محور سياستها الوطنية.

ولقد جرت، والحق يقال، محاولة لاستخدام تجربة نورنبيرغ عندما شُكلت محكمة دولية بقرار من مجلس الأمن الدولي عام 1993 لمقاضاة المسؤولين عن الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي الإنساني في يوغوسلافيا السابقة منذ عام 991».

وخلافاً لمحكمة نورنبيرغ، كانت هذه المحكمة تقع تحت هيمنة كبيرة من جانب الولايات المتحدة. لذلك، انقضَّت بكل جبروتها على الزعماء الصرب، الذين شاركوا في الحرب الأهلية ضدّ القوى التي كانت مدعومة من الغرب. وهذا ما يؤكد أن الغالبية العظمى من الذين صدرت بحقهم أحكام بالسجن كانوا من الصرب.

أي أن الولايات المتحدة استخدمت هذه المحكمة لتصفية حساباتها مع زعماء المقاومة المناهضة للغرب. لذلك لم يتمكن الغرب من إثبات أن هذه المحكمة هي نورنبيرغ ثانية، ولأن نتائج محاكمات الصرب كوَّنت قبل كل شيء انطباعاً لدى الكثيرين ممن عاشوا مآسي الاحتلال النازي في أوروبا المعاصرة، بأن تبادل أدوار قد جرى في محكمة يوغوسلافيا حيث أصبح المناهضون للنازية متهمين والنازيون مدعين.

لذا، يجب أن تكون المحاكم الدولية الجديدة غير واقعة تحت مظلة الولايات المتحدة الأميركية. كما يجب ألا ننسى أن محكمة نورنبيرغ شكلتها الدول التي دحرت الفاشية، لذلك ليس من حق أيّ دولة عظمى أن تنسبه إلى نفسها.

وبالطبع، ستنظر المحكمة الدولية الجديدة في الجرائم التي يرتكبها النظام الأوكراني، الذي سمح بنشاط النازيين الجدد من القطاع الأيمن، وكذلك جرائم «دولة الخلافة» التي أنشئت في العراق وسورية وليبيا. وهنا نشير إلى أن الولايات المتحدة الأميركية تقف خلف التنظيمين وتستخدمهما في بلوغ أهدافها.

كما يجب الإشارة إلى أن جمهوريتَي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين، اللتين تحاربان ضدّ النازية الجديدة، هما فقط تملكان الحق في تشكيل محكمة دولية لمحاكمة المسؤولين الأوكرانيين الذين ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية.

كذلك، فإن تشكيل محكمة دولية في شأن سورية، هو من حق ممثلي الشعب السوري بعد الانتصار على «داعش» و«جبهة النصرة» و«جيش الإسلام» و«أحرار الشام» و«القاعدة» وغيرها من المجموعات الإرهابية. وبصورة أدقّ، سيكون هذا من حق كل من ساهم في مقاومة هذه المجموعات الإرهابية ودحرها، مثل: الأكراد والآشوريين، وكذلك روسيا وإيران والعراق ولبنان لأنهم جميعاً يحاربون هذه المجموعات.

ولكن الولايات المتحدة الأميركية ستعارض هذا الحقّ، وهي التي تسمّي إلى الآن «القطاع الأيمن» وكتائب «أيدار» و«آزوف» و«دونباس» و«تورنادو» الإرهابية مليشيات مناضلة من أجل حرّية أوكرانيا واستقلالها وحماية أوروبا من «الغزو الروسي». ولا تزال تسمّي «جبهة النصرة» الجناح العسكري لفرع «القاعدة» في سورية… «معارضة معتدلة».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى