مزيج من لون وضوء لعالم الأنثى المليء بالمفاجآت
يقدم التشكيلي محمود حسن في معرضه المنفرد الأول «خطوط أنثوية» القائم حالياً في صالة «هيشون أرت كافيه» في اللاذقية تقنية فنية جديدة تعتمد الألوان الزيتية وأسلوباً واقعياً تعبيرياً غير الذي ألف تقديمه في أعماله السابقة بقلم الرصاص أو اللون الواحد.
يدخل حسن عالم المرأة بلوحات البورتريه العارية للأنثى، في أسلوب لا يخلو من تمازج الضوء مع اللون، مع إحاطة التكوين بخطوط لونية تفاوتت في درجة حرارتها وضوئها، لتقدم مشهدية حالمة مليئة بالزخم الشعوري، ما جعل سطح اللوحة مفعماً بالهارمونيا اللونية.
تنوعت أحجام اللوحات الأربع والعشرين بين صغيرة ومتوسطة، وأسلوبها قريب من ملصقات الإعلان، متأثرة بعمل صانعها كمصمم غرافيّ إعلاني، ما أضفى عليها سمة مميزة وأخرجها من التصنيف الأكاديمي ومن الانتماء إلى مدرسة فنية محددة.
يقول محمود حسن: «أردت عبر لوحات هذا المعرض تقديم رؤية داخلية لعالم المرأة المليء بالمفاجآت، فكانت نتيجة العمل أشبه برحلة داخل عالم الأنثى ومنه إلى العالم الخارجي، في محاولة لرصد النظرة حيال مختلف القضايا والمشاعر الإنسانية الأنثوية، وكأني «قمت بقلب هذا العالم من الداخل إلى الخارج كما تقلب الثياب فظهر كل ذلك الجمال والفوضى. الخطوط الملونة الممتلئ بها سطح اللوحة هي الأوعية الدموية والأعصاب للعالم الأنثوي، ترسم ذاك العالم وتهبه سماته وتربطه بالخارج»، معتبراً أن المرأة هي له الحبيبة والأم والأخت والإبنة والوطن، وهي رمز الجمال وكل ما يمت إلى المشاعر الإنسانية بصلة، فهي «باختصار كل شيء في الحياة».
يُرجع خرّيج معهد الفنون التشكيلية عام 1996 سبب تأخره في تقديم معرضه الفردي الأول بعد سنين من العمل الفني المتواصل إلى تقصيره الشخصي حيال هذه الخطوة، نتيجة ظروفه الخاصة، معتبراً أن الظروف الصعبة التي تشهدها سورية راهناً حضّت لديه حس العمل، فالأزمة تستدعي أن يثبت الجميع قدرتهم على الحياة والاستمرار، لذا قرر إقامة المعرض في هذا الوقت.
ولم يتوقف التشكيلي حسن عن العمل أثناء الأزمة، فلوحات معرضه كلها هي من آخر إنتاجه الفني هذا العام، كما استمر في عمله كمونتير سينمائي وكمصمم غرافيّ، رغم الظروف الصعبة التي تعيشها سورية. يضيف: «إن وجودي في مدينة اللاذقية ساعدني في الاستمرار في العمل وزيادة الإصرار على الحياة وتحدي أعداء الفن والجمال والحياة الذين دمروا عدة مدن في هذا الوطن». ويرى ابن مدينة اللاذقية أن مستقبل الحركة التشكيلية السورية سيكون مزدهراً رغم الظروف الصعبة، فللفنان التشكيلي السوري مكانته المرموقة على مستوى الوطن العربي والعالم الذي سيعيد إلى الفن التشكيلي السوري ألقه وهويته الخاصة التي حققت الكثير من النجاحات ماضياً واليوم، وستحقق المزيد مستقبلاً.
يقول حسن: «أنا متفائل بمستقبل الفن التشكيلي السوري إذ أثبت دوماً قدرته على مضاهاة التجارب الفنية العالمية وتقديم الجديد والمميز والخاص الذي يعبر عن حضارة هذا البلد وإبداع أهله»، وعن العائد المادي من العمل الفني يوضح حسن أن الفترة الأخيرة قبل الأزمة شهدت انتعاشا في أسعار الأعمال الفنية، وكان اجتهاد الفنان في عمله وإنجازه أعمالاً ذات خصوصية فنية هو المعيار في تسعير تلك الأعمال، ما حقق عائداً مادياً جيداً للفنانين عامة وحفز الجميع على العمل والاستمرار، مبيناً أن تقصيره في إقامة معرض فردي أثر في معرفة الناس بأعماله، ما انعكس على أسعار لوحاته فلم تحقق المستوى المناسب مقارنة بأعمال فنانين آخرين، واصفاً أسعارها الآن بالمقبولة، كاشفاً «أن العلاقات الشخصية والتعاون بين الفنان التشكيلي وصالات العرض الخاصة داخل سورية وخارجها هي التي تتحكم في أسعار أعماله على قاعدة العرض والطلب».
يتمنى الفنان حسن أن تنال تجربته الفنية الجديدة رضى واستحساناً لدى الجمهور، لافتاً إلى أنه سيعمل في الفترة المقبلة على تطوير هذه التجربة لتبلغ درجة النضوج الكامل وليستطيع من خلالها تقديم أفكاره عن عالم المرأة وقضاياها بأسلوب يشبهه ويعجب المشاهد.
الفنان محمود حسن من مواليد اللاذقية عام 1971، تلقن الفن في دراسة خاصة وتخرج من معهد الفنون التشكيلية عام 1996. وشارك في العديد من المعارض الجماعية ويعمل في المونتاج السينمائي والتصميم الغرافي إلى جانب مزاولته الرسم.