ندوة «أعلام خالدون» حول عبد القادر الأرناؤوط
دمشق ـ كوثر دحدل
ضمن سلسلة «أعلام خالدون» نظم المركز الثقافي في أبو رمانة في دمشق ندوة عن الفنان التشكيلي والأديب والشاعر عبد القادر الأرناؤوط، سلطت الضوء على حياة أحد الخالدين والمبدعين السوريين الذين ربطوا الفن بالتراث العربي وقدموا لغة فنية خاصة بهم، إذ جمع بين الأصالة الفنية والحداثة بالإضافة إلى البساطة المطلقة والمعاني والرموز العميقة التي تحمل الجوانب التعبيرية.
افتتح الندوة وقدمها الأستاذ غسان كلاس من وزارة الثقافة، قائلاً إنه تعرف إلى الراحل عبد القادر من خلال الراحل ياسر المالح الذي لا تخلو جلسة معه إلاّ ويذكره فيها ويقدم صورة من قصائده وأحاديثه وفكاهته، من خلال شقيقه عبد اللطيف الذي أهداه كتاباً عن سيرته الذاتية عرّفه بهذا الفنان المبدع في مجالات متعددة.
8 عبد اللطيف الأرناؤوط، شقيق عبد القادر، بالذكريات ليتحدث عن تميز شقيقه منذ الصغر في القراءة والحفظ والرسم، مشيراً إلى «أن عبد القادر لم يكن إنساناً عادياً بل كان موهوباً ومبدعاً وظهرت بشائر الإبداع منذ نعومة أظافره، إذ عاش عبد القادر طفولته في حي الديوانية العدوي وسكانه من الجالية الألبانية التي استوطنت في سورية بعدما هجرت ألبانيا على مراحل أولها في الحرب العالمية الأولى.
وبدأت بوادر الشعر تظهر لديه في المرحلة الإعدادية وكانت أول قصيدة يكتبها في رثاء الشاعر خليل مطران، لكنه بعد سنوات قليلة وجد في الرسم قوة للتعبير عما في نفسه واستمر يجمع الفنون إذ نشر أشعاره في مجلة «دمشق المساء» واقام أول معرض رسوم تحت عنوان «لوحات بلا أسماء» في ثقافي أبو رمانة، وبعد وفاته جمعت قصصه القصيرة، وله رواية غير مكتملة عنوانها «غدا سأشعر بحاجة إلى الأفيون» يحكي فيها عن حياة عائلته عبر أشخاص الرواية، لكن فنه التشكيلي صرف عارفيه عن أعماله الأدبية».
صديقه الفنان التشكيلي الدكتور غسان السباعي عاد إلى الزمن الماضي مستعيداً مواقف وحوادث تشاركا فيها، مؤكداً أن عبد القادر من قلّة تتمتع بالدقة والعفوية معاً، وكانت معرفته به من خلال أعماله في معرض الخريف، فلوحاته كانت تدل على رجل تلقن أصول الفن الحديث وأشبعها بثقافة الأصول الشامية، ومن خلالها أيضا تعرفت إلى الشام ففي منزله ومرسمه ملتقى لفنانين الشام وأدبائها. أضاف السباعي: «كنت أترقبه وهو يمارس الفن بطقوس وتميزت أعماله الإعلانية في معرض دمشق الدولي ودورة البحر المتوسط الرياضية، وكان لأغلفة الكتب التي صممها رونق خاص ودقة تدل على فنان مثقف واعٍ استطاع جمع الأصالة الفنية والحداثة وكان يكتب الشعر الكلاسيكي وينتقد بسخرية جميلة ويتقن فن النكتة ويبحث عنها حتى باللغات الأجنبية ويترجمها. سجّل براءة اختراع خط خاص به فهو يرسم بالحروف لا بالكلمات المقروءة، وأراد بهذا التشيكل الجمالي إبعاد الفن التشكيلي عن الأدب وفهم التجريد فهماً حقيقياً، فهماً حسياً وعلمياً. حاول أن يعطي ما يشبه الموسيقى من خلال لوحاته».
الفنان والشاعر عبد القادر الأرناؤوط من مواليد دمشق عام 1936. عام 1963 سافر إلى روما والتحق بأكاديمية الفنون الجميلة فيها، وفي 1964 فاز بالجائزة الأولى للإعلان في مدينة ريفي، وفي 1965 فاز بالجائزة الأولى للإعلان في المعرض الثاني لأثريات منطقة روما. تخرج من أكاديمية الفنون في روما عام 1967 ثم من المدرسة الوطنية العليا للفنون الزخرفية في باريس عام 1973. عمل أستاذاً في كلية الفنون الجميلة في جامعة دمشق، ثم عين رئيس قسم «الاتصالات البشرية» في كلية الفنون الجميلة وزيّن صفحات مجلة «الدنيا» برسومه وخطوطه. صمم بعض ملصقات معرض دمشق الدولي وملصقات وشعارات وأغلفة كتب عديدة وأنشأ مجلة «التشكيلي السوري» التي تصدرها نقابة الفنون الجميلة في دمشق. توفى عام 1992 في دمشق. بعض أعماله محفوظة في المتحف الوطني في دمشق ولدى وزارة الثقافة وفي متحف دمر من مؤلفاته: ديوان شعري عنوانه «رماد على أرض باردة» عام 1976.