نصرالله: نصرنا عليه أسهل من النصر على «إسرائيل»

كتب المحرر السياسي

بينما جاءت كلمة السيد حسن نصرالله لترسم خريطة طريق لقتال «داعش» والنصر عليه، ما زالت الحكومة تجرّب البدائل المجرّبة، فتقرّر التفاوض مع «داعش» بصورة مباشرة ويستقبل رموزه هيئة العلماء المسلمين، الممثل الشرعي لكلّ من «داعش» و»جبهة النصرة»، ويبلّغونه موقفاً مبدئياً بقبول التفاوض بصورة رسمية، بينما الحكومة على موقفها بعدم تخطي خط أحمر مرسوم سعودياً للبنانيين، إنْ أرادوا جنة المال المحمول مع الرئيس سعد الحريري، وخلافاً للمصلحة اللبنانية تحترم الحكومة هذا الخط الأحمر، وتتفادى أيّ حوار مع الحكومة السورية، تحت عنوان التنسيق بخصوص النازحين، أو التعاون لمواجهة الخطر المقيم على الحدود المشتركة.

حكومة عراقية جديدة وحكومة سورية جديدة والمهمة واحدة وهي قتال «داعش»، والحكومة اللبنانية ماضية بالتفاوض، وهيئة العلماء تعتبرها صفقة تبادل أسرى، ومن بينهم اللبنانيون المنتمون للقاعدة بمكوّناتها المتعدّدة، واللبنانيون بين المعتقلين لدى الدولة اللبنانية وحدهم يمكن اعتبارهم موقوفين والبحث لهم عن حلول قانونية، تنسجم مع مفهوم تبادل أسرى، قوامها أنّ الملفات القانونية لغير اللبنانيين، وفي مقدمهم عماد جمعة المسمّى أبو أحمد قائد «النصرة» المنضمّة لـ»داعش» في القلمون، ليست إلا أمراً شكلياً في الإخراج وليس في المضمون ومثله كلّ غير اللبنانيين، المطلوب الإفراج عنهم ضمن الصفقة.

قبلت الحكومة اللبنانية قواعد اللعبة التي رسمها «داعش» وتبلغتها من هيئة العلماء، ووضعت الخطوط الرئيسية للتفاوض، ومنحت «داعش» و»النصرة» فرصة الظهور كقوة منتصرة حققت بدخول عرسال وخطف العسكريين مقايضة على عشرات سجناء رومية، ما لم يستطع تحقيقه قادة لبنانيون تدخلوا لحلّ عادل للموقوفين، بتسريع المحاكمات والإفراج عن المتهمين الذين لم يتشكل لهم ملف قضائي كاف بعد.

الرهينتان من قوى الأمن الداخلي اللتان أفرج عنهما أمس، هدية «داعش» و»النصرة» لمصطفى الحجيري أو «أبو طاقية» من دون مقابل، سوى وعود بتبييض سجله العدلي وإلغاء مذكرات التوقيف الصادرة بحقه، و»داعش» يمتدح العقلانية التي تبديها الحكومة اللبنانية، بينما حمل الرئيس سعد الحريري إلى السعودية نتائج محادثاته مع المسؤولين الأمنيين والعسكريين ومقترحاته لمضمون وكيفية إنفاق هبة المليار دولار، بعدما كشف للبنانيين سراب المليارات الثلاثة الموضوعة في عهدة الرئيس السابق ميشال سليمان.

السلاح الإيراني مرفوض، والمال السعودي لشراء سلاح مشروط مقبول، والحكومة تفاوض «داعش»، فتكتمل عناصر العزة الوطنية في أداء الحكومة.

مراوحة في الاستحقاقات الداخلية

في غضون ذلك، تدخل الساحة السياسية أسبوعاً جديداً من دون ظهور مؤشرات إلى حلحلة في الاستحقاقات الساخنة، على رغم استمرار الاتصالات على غير صعيد التي يتوقّع تنشيطها مع عودة الرئيس سعد الحريري إلى بيروت مطلع هذا الاسبوع.

وفيما لاحظت مصادر سياسية بارزة أن مقاربة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ملف الاستحقاق الرئاسي أعادت تحريك الركود في هذا الملف، من خلال دعوته إلى لبننة هذا الاستحقاق مجدداً دعوته إلى عدم الرهان على أي عوامل خارجية لإخراج الانتخابات الرئاسية من «عنق الزجاجة»، سواء في ما يتعلق بالعلاقة الإيرانية – السعودية أو الأميركية – الإيرانية. وبالتالي دعوته فريق 14 آذار بصورة غير مباشرة إلى الاتفاق مع رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون أو السير به إلى رئاسة الجمهورية. لكن المصادر استبعدت تجاوب «المستقبل» وحلفائه مع هذه الدعوة لأن هذا الفريق ما زال متمسكاً بخياراته السابقة من الملف الرئاسي. وأكد رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زواره أمس أن لا معطيات جديدة بخصوص الاستحقاق الرئاسي، وأن مشكلة هذا الاستحقاق ليست عند المسلمين، فليتفق المسيحيون وليست هناك مشكلة.

طموحات رئاسية لقهوجي

وأكدت مصادر مطلعة في التيار الوطني الحر لـ«البناء» أنّ قائد الجيش العماد جان قهوجي تحدث أمام فريق من قيادته أن لديه طموحات رئاسية، مشيرة إلى أن هذه الطموحات غير قابلة للتحقق، داعية إياه إلى عدم الوقوع بما وقع فيه الرئيس ميشال سليمان، لما لديه من سمعة جيدة. ولفتت المصادر إلى أنه إذا كان هناك من «حكمة» لدى قهوجي، فليعلن تأييده لعون رئيساً للجمهورية.

التمديد لمجلس النواب

وانطلاقاً من ذلك، يتوقع أن يشكّل موضوع التمديد لمجلس النواب الأولوية في الاتصالات واللقاءات في المرحلة القريبة، بعد أن وضع هذا الموضوع على نار خفيفة الأسبوع المنصرم على خلفية إعلان الحريري ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط دعمهما التمديد. وفي الوقت نفسه، رفضهما إجراء الانتخابات النيابية قبل الرئاسية.

وفي السياق، تنتهي اليوم المهلة الأخيرة لتوقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة المحددة قبل تسعين يوماً من موعد الانتخابات النيابية المقررة في 16 تشرين الثاني المقبل.

وقالت مصادر نيابية مطلعة في قوى 8 آذار إن موضوع التمديد أصبح مرتبطاً ارتباطاً مباشراً بحصول اتفاق بين الكتل النيابية على إعادة التشريع إلى مجلس النواب، بعد أن أكد الرئيس بري رفضه التمديد لمجلس لا يعمل ولا يشرّع. واعتبرت أنه من دون إقرار 14 آذار بوقف مقاطعتها التشريع، لن يمر التمديد فالتمديد لن يمر من جانب بري. كما أنه يربط التمديد أيضاً بإقرار سلسلة الرتب والرواتب وإقرار قوننة الإنفاق. ولذلك ترى المصادر أنه من دون حصول ما يشبه الصفقة، لا يمكن تمرير التمديد، مشيرة إلى أن كتلة «المستقبل» تريد أن تتضمن أي صفقة بهذا الخصوص قوننة الـ11 مليار دولار التي صرفتها حكومة الرئيس فؤد السنيورة من دون أي مسوّغات قانونية.

هل يطبق «التعامل بالمثل» بعد قبول الهبة السعودية؟

على صعيد آخر، أكدت مصادر مطلعة لـ»البناء» أن مجلس الوزراء يتجه إلى اعتماد مبدأ «التعامل بالمثل» بعد قبول الهبة السعودية بناء على طلب بعض الوزراء. وأشارت إلى أن السلوك الذي اعتمد مع إيران يجب أن يطبق مع كل الدول المستعدة لتقديم المساعدات للجيش والقوى الأمنية.

واعتبرت المصادر كلام نواب 14 آذار «أن الرئيس ميشال سليمان عندما زار إيران، قالها وبصراحة، إننا جاهزون لتلقي أي مساعدات عسكرية شرط ألا تكون مرفقة بشروط مسبقة، وانتظر الجواب ولم يأت»، محاولة استباقية لمبدأ التعامل بالمثل في مجلس الوزراء. وذكرت المصادر «أنه بعد ثلاثة أشهر من انتخاب سليمان رئيساً للجمهورية عام 2008، وكانت الحكومة يومذاك برئاسة السنيورة، عرضت طهران تقديم مساعدات للجيش، إلا أن رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء استمعا إلى العرض ولم يصدرا أي رد رسمي على ذلك لا سلباً ولا إيجاباً، واكتفي برد من 14 آذار بالتشكيك في نوعية السلاح واعتبار العرض مناورة تهدف من خلالها الجمهورية الإسلامية إلى الالتفاف على الحصار الغربي لها الذي يمنعها من تصدير السلاح. وأمام ذلك طوت إيران الملف، ولم يبحث المسؤولون الإيرانيون مع سليمان خلال زيارته إلى طهران عام 2010 أي مساعدات للجيش، فما كان من سليمان إلا أن أعلن من المطار، أنه لم يبحث مع الإيرانيين في المساعدات، لكن لبنان يرحب بأي مساعدة لم ترفق بشروط ووفقاً للقوانين الدولية، وحينها تأكدت إيران أن موقف رئيس الجمهورية مناورة يصب في موقف 14 آذار، ليعقب ذلك طلب وزراء حزب الله من مجلس الوزراء الرد على العرض الإيراني، إلا أن الجواب كان من الرئيس سليمان ورئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، أن لبنان لا يحتمل قبول مساعدات من إيران».

ما ثمن الإفراج عن المخطوفين؟

من جهة أخرى، بقي موضوع المفاوضات غير المباشرة بين رئاسة الحكومة والمجموعات الإرهابية عبر «هيئة العلماء المسلمين» يطرح الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام حول الثمن الذي ستدفعه السلطة السياسية في مقابل الإفراج عن العسكريين المخطوفين لدى الإرهابيين.

الغالي: على الدولة تخفيف الإجراءات على النازحين

وأمس أفرج الخاطفون عن العنصرين في قوى الأمن الداخلي الرقيب مدين حسن والعريف كمال المسلماني، ونقلا إلى مركز استخبارات الجيش في رأس بعلبك. وقد تسلم وفد من هيئة العلماء المسلمين العنصرين اللذين كانا مختطفين لدى «جبهة النصرة» في عرسال، ضمن وساطة تقوم بها الهيئة للإفراج عن العسكريين.

وأظهر شريط فيديو عرضته قناة «أم تي في» حسن والمسلماني قبيل تسلّمهما من قبل استخبارات الجيش، وهما يجلسان بجانب المدعو مصطفى الحجيري الملقّب بـ»أبو طاقيّة».

وأكد عضو هيئة العلماء الشيخ حسام الغالي لـ»البناء» أن المفاوضات إيجابية للإفراج عن المزيد من المخطوفين العسكريين في الأيام المقبلة ولكنها تحتاج وقتاً للوصول إلى الخواتيم الجيدة التي يرتضيها الجميع.

ولفت إلى أن المخطوفين بصحة جيدة داعياً قيادة الجيش إلى توضيح العدد الحقيقي للعسكريين المختطفين. وأشار إلى أن شروط المقاتلين للإفراج عن المختطفين هو ضمان أمن النازحين السوريين في لبنان عموماً وعرسال خصوصاً، لافتاً إلى أن هيئة العلماء تبلغت من القوى الأمنية عدم التعرض لأي نازح إلا وفق الأطر القانونية، واعتبر «ان الدخول خلسة إلى لبنان ليس تهمة ويفترض من الدولة اللبنانية تخفيف الإجراءات على النازحين وأن لا تعتقل من يدخل بطريقة غير شرعية».

وإذ رفض التعليق على إمكان سماح هذه الشروط للمجموعات المسلحة بالتحرك بحرية من هذه المخيمات باتجاه جرود عرسال، أكد الغالي «ان هيئة العلماء تفاوض لا أكثر، وأن أي كلمة في غير مكانها قد تقلب الأمور رأساً على عقب وتعرض حياة الأسرى للخطر».

بوصعب: قرار الإفادات نهائي

في سياق آخر، وبعدما رفضت هيئة التنسيق النقابية التراجع عن قرارها بمقاطعة تصحيح الامتحانات الرسمية، أعطى وزير التربية الياس بو صعب حاملي بطاقات الترشيح للامتحانات الرسمية إفادة تبرز إلى الجامعات من أجل الانتساب إليها، مؤكداً أن القرار نهائي ولا تصحيح بعد اليوم ولا لزوم للاحتفاظ بمسابقات الامتحانات .وشدد على «أن الذي انتصر هو التجاذبات السياسية وهيئة التنسيق الخاسر الأكبر بقرارها»، مشيراً إلى أن «مسؤولية السلسلة تعود إلى السياسيين الذين أخطأوا بعدم إقرارها».

ورداً على سؤال عن امكانية تراجع هيئة التنسيق عن قرارها، أكد وزير التربية لـ»البناء» أن الوقت تأخر، والطلاب ليسوا لعبة، ولم يعد هناك من ثقة إذا صحح الأساتذة الامتحانات أن يصدروا النتائج.

لا قوننة للإفادات قبل إقرار السلسلة

وكان بري بحث مع رئيسة لجنة التربية النيابية بهية الحريري أول من أمس سلسلة الرتب والرواتب، وقوننة الإفادات الممنوحة لطلاب الشهادات الرسمية، لا سيما أن أي جلسة لن تعقد لقوننة الإفادات قبل إقرار سلسلة الرتب والرواتب.

وقال بري أمام زوّاره إن الإفادات تحتاج إلى قانون يقرّه مجلس النواب، وإن قرار وزير التربية لا يكفي، مشيراً إلى أن السبب الأساسي في ذلك أن من بين الـ40 ألف طالب الذين سيدخلون الجامعات، منهم من سيتخصص في الحقوق أو الطب أو الهندسة، والدخول إلى نقابات المهن الحرة لهذه الاختصاصات يشترط نيل الشهادة الرسمية. من هنا الحاجة إلى قوننة الإفادة لمعادلتها بالشهادة، وقد حصل ذلك سابقاً.

ووصف بري المرحلة بأنها صعبة، ولكننا مررنا بمثلها، معتبراً: «أن هذه المرحلة هي المرحلة الأولى التي من الممكن أن يكون قرار اللبنانيين فيها بيدهم، لكن للأسف لم يغتنموا هذه الفرصة حتى الآن، وهي لا تزال متاحة لحل مشاكلنا بأيدينا».

وأشارت المعلومات إلى أن الحريري أجرت اتصالات قبل لقائها بري مع كل من الرئيس الحريري والسنيورة، وكانت أجوبة الرجلين سلبية بخصوص السلسلة بحيث أعاد الإثنان تأكيد المواقف السابقة نفسها التي تعرقل إقرارها.

وعليه، خسرت هيئة التنسيق آخر ورقة بين يديها، فتداعت مجالس المندوبين في التعليم الثانوي والأساسي الرسمي وروابط التعليم المهني إلى الاجتماع عند الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم لاتخاذ الموقف المناسب من امكانية التراجع عن مقاطعة التصحيح والدفاع عن الشهادة الرسمية، حفاظاً على ماء الوجه أمام الطلاب والأهالي.

وأكد عضو الهيئة نعمة محفوض لـ»البناء» أنه مع التصحيح إلا أن القرار النهائي هو لمجالس المندوبين، لافتاً إلى «أننا نريد السلسلة لكن ليس على حساب الطلاب والأهالي».

ورأى «أن الإفادات تصرف غير تربوي من قبل الوزير وسنحاول أن نلغيها»، مشيراً إلى «أن هيئة التنسيق لم تكن تتوقع أن يلجأ الوزير إلى خطوة كهذه، وأنها كانت تعتبر كلامه مجرد وسيلة للضغط لن يقدم عليها».

وأشار إلى أن العام الدراسي سيبدأ في الأول من أيلول المقبل «لعدم ضرب المدرسة الرسمية والمدارس الخاصة أيضاً»، مشيراً إلى «أن عدم بدء العام الدراسي، يعني أن الطلاب لن يتسجلوا في المدارس، والاساتذة لن يقبضوا رواتبهم في المدارس الخاصة»، وأكد «أن تحركات هيئة التنسيق ستعود إذا لم تقر السلسلة مع العام الدراسي الجديد».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى