الإرهاب الصهيوني والإرهاب الداعشي وجهان لعقيدة واحدة
آية الله العلامة الشيخ عفيف النابلسي
في الموقع الذي تكون فيه المقاومة تكون الأصالة والقيم والشهامة والنبل، وفي المكان الذي تتواجد فيه تصنع الأمن والسلام، وتشيع الطمأنينة والثقافة النابذة للتطرف والإظلام الفكري والاجتماعي.
لا مراء في أن الناس يختلفون في نظرتهم إلى الأشياء، خصوصاً إذا ما تم تحوير أهداف المقاومة وتزوير الحقائق المرتبطة بها، لكن لا يمكن لأي وطني منصف إلا أن يقر بشرعية العمل المقاوم وشجاعة المقاومين وسعة تضحياتهم التي حمت لبنان واللبنانيين من عدوانية وإرهاب الصهاينة منذ عقود وحتى اليوم.
وليس في المسار الذي تمضي به اليوم على إثر الأزمة في سورية تحوّل عن الأهداف، بل إضافة جديدة ونوعية، من التضحيات الجسام، وجرأة الإقدام للدفاع هذه المرة لا عن لبنان فحسب بل عن الأمة كلها من زحف الجماعات المتوحشة التي تمارس أفعال التتار والمغول وتعيد الدين والإسلام إلى عصر الجاهلية والقرون الأولى. اليوم بدأ الجميع في لبنان والعالم العربي والإسلامي يعترف بأن تدخل حزب الله في سورية كان في محله، كما كانت مقاومته التي اعتبرها الكثيرون مغامرة، في سياقها الشرعي والأخلاقي والوطني والإنساني الصحيح. لا يحتاج المرء إلى جهد عقلي ليستنتج أنّ الإرهاب الصهيوني والإرهاب الداعشي وجهان لعقيدة واحدة، تقوم على التفرقة والقتل والإلغاء، في إطار مشاريع عنصرية عازلة ومدمرة لبيئات التعايش والعلاقات الإنسانية الطبيعية.
بعد الذي شاهدناه في الموصل من تهجير المسيحيين ودفن الإيزيديين أحياء، وإبادة مجموعات طائفية وعرقية، بات على العالم أن يستيقظ من سباته، وبات على المسلمين الأحرار أن يتخلوا عن بلادتهم ودفن رؤوسهم في الرمال.
إنّ في قتل الإيزيديين والمسيحيين قتل لروح الإسلام السمحة، وتدمير لجوهر الدين الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم بالرحمة واللين والمحبة والحرية.
لقد تم تجنيد هؤلاء الغلاظ الشداد في إطار مشروع لتفتيت العالم الإسلامي والعربي وتقسيم المنطقة لتصبح كنتونات طائفية وعرقية متعادية ومتصارعة وغير قابلة للتعايش. لقد تم تسخيرهم لا لتنقية الأرض من غيرهم فحسب بل لتدمير كل المعالم الإسلامية المقدسة وكل ما يرمز إلى الأخلاق النبوية والقيم الإنسانية.
في تموز من عام 2006 كان التحول الأبرز على صعيد المنطقة عندما استطاعت المقاومة أن تقهر أقوى جيش في المنطقة وأن تعيد الأمل للفلسطينيين بأن التحرير قادم وعودة فلسطين من النهر إلى البحر حتمية.
وفي اللحظة الراهنة تؤكد المقاومة أن معركتها مع الإرهاب هو التحول الآخر الذي تنتظره الأمة لتعود إلى أصالتها وتمضي في طريق رفعتها.
صحيح أننا نمر في زمن بالغ الكآبة نتيجة الخلافات والحروب التي تملأ كل مساحات هذه المنطقة لكن المقاومة تطلق العنان لأمل قادم وحرية منظورة يصنعها الأبطال المجاهدون الذين تعودوا أن يكتبوا مع كل عقد من الزمن سطوراً من نور الثبات والصبر والكرامة.