هل بات الخطر على حدودنا…. قريباً؟ ديمونة حين ينفجر!
د. رفعت سيد أحمد
ــ قبل أيام زخرت الصحافة وأروقة المخابرات الإسرائيلية بأخبار وتحليلات خطيرة، لم نلتفت إليها، وانشغلنا في مصر بـ صراعات الديكة على مشاكل داخلية أو خارجية، ليست بذات القيمة والخطر عما سنتحدث عنه!
ــ أتت الأخبار، من داخل الكيان الصهيوني لتقول إنّ مفاعل ديمونة قد تعدّى عمره الافتراضي، وأنه قد قارب النهاية بدون استعدادات إسرائيلية حقيقية لعلاج الآثار الرهيبة لتلك النهاية، الأمر الذي يعني انفجارات أو زلازل أو تلوّث وتسريب نووي شبيه بمفاعل تشيرنوبل السوفياتي، وآثاره المدمّرة.
التحذيرات العالمية الأخرى، تقول إنّ ثمة كارثة ستطال إسرائيل مع الدول العربية المواجهة وبالتحديد مصر ، وإنّ آثارها ستطال القلب العربي، ورغم تنامي هذه المخاوف إلا أنه لوحظ أن لا أحد يتحدّث، فلقد استغرق إعلامنا العربي والمصري خاصة المقروء والمرئي في القضايا التافهة وازدحمت برامج التوك شو بالمشاكل والأخبار شديدة السطحية، قليلة الفائدة، ويزداد الأمر ألماً عندما نلاحظ أن صحافة الكيان الصهيوني وإعلامه ومجلس نوابه الكنيست هم من أثار القضية في الأيام الماضية، وليس إعلامنا ومجلس نوابنا لأنّ الأخيرين مشغولين بأمور أخرى يؤسفني أن نقول إنها لا ترقى إلى هذا الخطر المهدّد للأمن القومي المصري.
ــ لقد كتبت «هآرتس» الإسرائيلية قبل أسبوع واحد وبقلم حاييم ليفينسون «أنّ عدداً من الثغرات والعيوب تمّ اكتشافها في مفاعل ديمونة النووي الإسرائيلي، الذي تمّ إنشاؤه عام 1963، مما دفع عدداً من الخبراء الإسرائيليين المتخصّصين للإعراب عن قلقهم من التقادم التاريخي له».
وقال ليفينسون «إنّ بعض الصور التلفزيونية والموجات فوق الصوتية كشفت عن قرابة 1537 ثغرة وعيباً في مفاعل ديمونة، الأمر الذي يثير المخاوف لدى العلماء النوويين الإسرائيليين». وأوضح «أنّ التخوّف الحقيقي من المفاعل يتمثل في مدى دقة الإجراءات الأمنية لتأمينه، ومنها توفير الأمان والحماية للعاملين فيه، وصيانة المقرّ الدائم له خشية تعرّضه لأيّ اهتزازات أرضية أو هجمات بالصواريخ المعادية».
وأشار الكاتب إلى «أنّ بناء المقرّ الرئيسي للمفاعل تمّ قبل عقود من الزمن من غطاء من الباطون المسلح يكسو الطبقة المعدنية الأصلية له، بحيث يتمّ وضع القضبان الخاصة بالوقود النووي في جوفها، وخلال ذلك يتمّ إجراء العملية المتعلقة بالانشطار النووي.
تأكيداً لذلك أكد الخبراء النوويين الإسرائيليين في المجلات الصهيونية المتخصصة أنّ نواة المفاعل النووي تعمل مع تقادم الزمن على امتصاص كميات كبيرة من الحرارة والإشعاع، وهو ما يؤدّي مع زيادة المدة الزمنية على تآكلها، وهو الأمر الذي يظهر التخوّف المتعلق بإمكانية عدم قدرته على الصمود أكثر من هذه المدة نتيجة الضغط المتزايد.
ــ ورغم أنّ «إسرائيل» تقوم بين حين وآخر باستبدال منظومات المفاعل وأبراج التبريد فيه، لكن لا يمكنها وفقاً للصحافة الإسرائيلية القيام بعملية موازية تتعلق باستبدال نواة المفاعل ذاته، وهذا محلّ خطر إضافي يدفع إدارة المفاعل للقيام بصورة دورية رصدها عبر عدة أدوات وأساليب.
ــ وأكدت أنه رغم مرور كلّ هذه المدة الزمنية على بناء مفاعل إسرائيل النووي الذي حصلت عليه من فرنسا 1958 ، فهي لا تخضع للمراقبة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وترفض التوقيع على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية.
ــ وفي موازاة هذه الصرخة الصهيونية التي لا يهمّها العرب المحيطين بالمفاعل بل يهمّها المستوطنين الإسرائيليين. وقد جاءت مطالبات أخرى من داخل الكنيست الإسرائيلي، فها هو النائب العربي في طلب أبو عرار يصرخ محمّلاً إسرائيل المسؤولية عن حياة العرب البدو في النقب في ظلّ دراسات وتحذيرات من انفجار مفاعل ديمونة النووي السري، وحذر من كارثة قد تنجم عن انفجار المفاعل المذكور، ضاماً صوته للأصوات المطالبة بإغلاق المفاعل فوراً.
ــ وقبل أسبوعين، كشف إسرائيليون في مؤتمر علمي بتل أبيب عن وجود أعطاب خطيرة في النواة المعدنية للمفاعل النووي بديمونة، وعرض نتائج الفحص الأخير من عام 2015 التي كشفت وجود 1537 عيباً تمّ ترقيمها وفحصها بشكل متواصل كما سبق وأشرنا وتناولت أغلبية الأبحاث المقدّمة موضوع الأمن بالمفاعل وحماية الموظفين، وصيانة المفاعل لحمايته من الهزات الأرضية والصواريخ وحماية السكان في النقب.
وأشارت الصحافة الصهيونية إلى أنّ هؤلاء العلماء الذين شاركوا في المؤتمر المذكور لا يعارضون حيازة إسرائيل للسلاح النووي، وأنّ تحذيراتهم ومخاوفهم انطلقت من حرصهم على أمن وسلامة مفاعل ديمونة الذي بنته إسرائيل بمساعدة كبيرة من فرنسا بخمسينيات القرن الماضي، وتمّ تفعيله لأول مرة عام 1963.
ــ وفي تصريحات للإذاعة الإسرائيلية العامة، دعا أحد مؤسسي مفاعل ديمونة البروفسور عوزي إيفن الحكومة لإغلاقه لأسباب أمنية، وعلل دعوته بقوله إنّ عمر المفاعل يحوّله إلى خطر بيئي وإنه قد حقق أهدافه ولم تعد هناك حاجة له، ويرجح إيفن أنّ إسرائيل لا تملك القدرة والرغبة باستبدال النواة، لأسباب سياسية وعلمية واقتصادية لأنّ ذلك يعني وفق تعبيره بناء مفاعل جديد.
وقبل أيام وحول ذات الموضوع، كتب سفير مصري سابق أمين شلبي مقال في موقع «سي أن أن» الاخباري جاء فيه: «يتوافق هذا العام مع مرور 30 عاماً على كارثة انفجار المفاعل النووي السوفياتي في تشيرنوبل بكلّ تداعياته الحياتية والبيئية على محيطه البشري والجغرافي، وحيث ما زالت تعاني من آثار إشعاعاته حتى اليوم.
وقال السفير شلبي في موضع آخر من مقاله: «والواقع أنّ ما أثير في اسرائيل قد سبق أن أثرناه خلال مؤتمر عُقد في الجامعة العربية أوائل هذا العام لمناقشة تداعيات الاتفاق النووي على الأمن القومي العربي، ونبّهنا خلال المناقشات من تقادم المفاعل النووي الاسرائيلي – الذي يرجع انشاؤه الى عام 1963 – وأهمّ من ذلك عدم خضوعه لأيّ تفتيش دولي حيث ترفض اسرائيل رقابة الوكالة الدولية للطاقة، فضلاً عن عدم عضويتها في معاهدة منع الانتشار NPT». وعبّرنا عن آمالنا أن تطرح الدبلوماسية العربية هذا الخطر خلال قمة الأمن النووي التي كان مقرّراً عقدها في أواخر آذار 2016 في واشنطن.
ويرتبط بذلك قضية أشمل وهي جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من السلاح النووي وجميع أسلحة الدمار الشامل، وهي القضية التي تقدّمت بشأنها مصر بمبادرة في أوائل التسعينات، وعلى مدى 35 عاماً قوبلت هذه المبادرة بالتجاهل أولاً ثم بإحباط أيّ جهود جادة لإنشاء هذه المنطقة».
ــ أمام هذه الحقائق والمخاطر القادمة من تشرنوبل إسرائيل: مفاعل ديمونة نطرح السؤال المهم: ما العمل؟ إنّ الصمت أو إخفاء الرؤوس في الرمال، ودعوة إسرائيل إلى مؤتمر سلام جديد، دون أن يمرّ على هذه القضية، ودون أن توضع على رأس أولوياته لهو تأجيل للخطر، وليس منعاً له. إنّ «إسرائيل» ليست دولة سلام وأمامنا 1800 مذبحة وعملية قتل بدم بارد مارستها الدولة الصهيونية منذ 1948 حتى اليوم ويمكن لمن يريد من الخبراء والرؤساء ودعاة السلام الدافئ أن يعود إلى وثائق هذه المجازر على موقع مركز يافا للدراسات www.yafacenter.com وبالتالي هي ليست في حاجة إلى من يعطيها الأمان لكي نعطي الفلسطينيين الأمل ، إنها تحتاج إلى من يكبح إجرامها وإرهابها العسكري والنووي، إلى من يجردها من أسلحة الإرهاب النووي والعنصرية والذبح على الهوية. إنّ من بحاجة إلى الأمن والأمل معاً بحق هو الشعب الفلسطيني، وهو الذي يستحق أن نطبّع معه، وأن نحميه وندافع عنه لأنه جزء أصيل من أمننا القومي، أما دولة مفاعل ديمونة ، فهي الخطر، وعشرات التجارب تؤكد أنها ليست دولة سلام ولا تسعى إليه، وكلّ محاولات «السلام» معها كانت نتيجتها الفشل، واليوم يأتي خطرها النووي ليخرج للجميع لسانه، إنّ ديمونة سينفجر هذا ما تؤكده الحقائق المجرّدة! ، وخطره سيدمّر، ليس دعوات السلام الدافئ فحسب، بل كلّ البشر على هذه الأرض هكذا تقول الصحافة والكنيست والمخابرات الإسرائيلية… فماذا بقي لكي نتحرك جدياً لمواجهة هذا الخطر قبل فوات الأوان؟
E mail : yafafr hotmail. com