كلفة الحرب: مأزق آخر للكيان الصهيوني
حميدي العبدالله
لخّصت وسائل إعلام عربية، نقلاً عن دوريات اقتصادية «إسرائيلية»، الآثار الاقتصادية التي تسبّبت بها الحرب على غزة. وكشفت إحدى الدوريات الاقتصادية «الإسرائيلية» أنّ «وزارة الدفاع تطالب الآن بزيادة قدرها 16 إلى 18 مليار شيكل مما يرفع الميزانية هذا العام إلى 70 مليار شيكل حوالي 20 مليار دولار وتمثل17 من الموازنة العامة.
وزارة مالية العدو قالت تعليقاً على هذا الطلب «أياً كان الحال فإنّ وزارة المالية تؤكد أنها ستلتزم بقرار المستوى السياسي» واستدركت قائلةً «لكن طلب زيادة بقيمة 11 مليار شيكل أمر غريب، وكلّ من سيؤيّد هذا الطلب ملزم بتحديد مصدر تمويله». ويؤكد مسؤولون في وزارة المالية «عدم وجود أية مصادر لتغطية زيادة بقيمة 11 مليار شيكل، وأيّ نظرة مسؤولة إلى عواقب ذلك على الاقتصاد لن تسمح بمثل هذه الزيادة في ميزانية الدفاع». لكن وزارة حرب العدو تردّ على مواقف وزارة المالية مؤكدةً «أنها سبق وحذّرت من الأخطار التي تواجه «إسرائيل» ووجوب الاستعداد لمواجهتها» وتضيف إنها «تطالب بالأموال لأسلحة المشاة والمدرّعات والاستخبارات وتطالب بمنظومة حماية للمدرّعات» وتبرّر التكلفة العالية بالقول «مثلاً أنّ كلّ صاروخ اعترض القبة الحديدية يكلف 80 إلى 100 ألف دولار» وتقول إنه «يمنع خسائر بقيمة 13 مليون شيكل إذا وقع على منطقة مأهولة».
وحول العلاقة بين زيادة الإنفاق وحروب «إسرائيل» ضدّ غزة، أشارت المعطيات الاقتصادية إلى أنّ وزارة الحرب في الكيان الصهيوني أكدت «أنّ كلفة عملية الجرف الصامد وحدها بلغت 8 مليارات شيكل» وأشارت إلى أنه «يجب أن يضاف إليها احتياجات برزت أثناء القتال وتتطلب زيادة أخرى: أسلحة، جاهزية، أيام تدريبات، وسائل حماية ورصد».
وتشير التقديرات إلى أنّ حملات «إسرائيل» الثلاث على غزة في عام 2008 و2009 وعام 2012 والحملة الحالية دائماً كانت تقود إلى زيادات في الموازنات العسكرية، وهذا بدأ يترك آثاره على الأوضاع العامة وثمة إشارات إلى مستويين من هذه الآثار:
ـ المستوى الأول، أداء الاقتصاد وقدرته على المحافظة على معدلات نمو معقولة ولا يكون لها آثار سلبية على مجمل الأداء الاقتصادي، والمكانة الاقتصادية الصهيونية العالمية.
ـ المستوى الثاني، انعكاسه على التقديمات الاجتماعية، ولا سيما في مجالات الصحية والتعليم، لأنّ زيادة مستوى الضرائب لتمويل الحرب، وتمويل التقديمات الاجتماعية أمر صعب، فقد أكد وزير المالية «يائير لبيد» بأنه «أبلغ الإسرائيليين أنه ليس بصدد زيادة الضرائب لإيمانه بأنّ الاقتصاد في وضع حرج ويحتاج إلى محفّزات وليس إلى كوابح».
واضح في ضوء هذه المعطيات، وعلى الرغم من أنّ غالبية حروب واعتداءات الكيان الصهيوني تموّل من الحكومات الغربية والعربية عبر معونات متنوّعة، إلا أنّ تواتر هذه الحروب التي باتت تتكرّر كلّ سنتين، إضافةً إلى الأزمات التي تعصف بالاقتصادات الغربية، بات من الصعب نهوض الدول الأجنبية بكلّ أعباء حروب الكيان الصهيوني، وبالتالي فإنّ خروج الكيان الصهيوني إلى حرب جديدة لم يعد سهلاً، ليس فقط في ضوء الاعتبارات العسكرية التي عبّرت عنها الحروب الفاشلة في لبنان وغزة، وأيضاً هذه المرة لاعتبارات لها علاقة بكلفة الحروب الاقتصادية.