القرار 2170 في مواجهة المحور
ثائر أحمد إبراهيم
ما زالت العقيدة الأمريكية تعتمد في حراكها التوسعي الاستعماري مبدأ أيزنهاور بملء الفراغ في الشرق الأوسط وفي العالم أجمع كركيزة أساسية للسيطرة.
فالمبدأ المعمول به في السياسة الأمريكية حتى هذه اللحظة هو قيام حامية السلام العالمية بالتدخل لأجل ضبط الأوضاع في المناطق التي تعاني من فلتان أمني أو عسكري بذرائع متعدّدة أهمّها انعدام وجود السلطة الحاكمة القادرة على تسيير شؤون البلاد و حماية العباد.
إنها ذريعة مناسبة لإحتلالٍ لا يمكن تنفيذه برياً بالقوة البشرية المرفوض استخدامها من قبل الشارع الأمريكي، بيد أنّ أمريكا لا تجد إرباكاً في هذا، فالمرتزقة محشدون فوق الأرض المعزولة عن وجود الدولتين العراقية والسورية والتي تضمّ كلّ مَواطن ومَواضع الثروة الجاذبة، والمهمة الموكلة هي استنزاف ما تبقى من قوة الدولتين إلى الحدّ الذي يصبح الإنهاك مبرّراً للاستسلام الكامل.
تقوم أمريكا باستخدام طيرانها الحربي في منطقة محدودة من أرض العراق ضدّ بعض المتفلّتين عن قراراتها او ضدّ أولئك الذين دُفعوا إلى التفلّت من جموع عصاباتها…
إنها ترسم بالنار حدود المنطقة الكردية الموعودة كبادئ لحفلة التقسيم المأمولة، موجهة للعالم كله بطاقة إنذار بمنع الاقتراب من هذه المنطقة لتعلنها محمية أمريكية جديدة في سعي واضح لاستكمال مشروع التقسيم الذي غفل عن مصائبه القادمة كلّ الانفصاليين الواهمين.
الغول المسمّى «داعش» ينتشر كالنار في الهشيم وامتداده الكاسح لنفوس المربكين عقلياً يصل إلى آماد بعيدة، وكلّ بديل سيكون مهما بلغت قسوته أفضل من قاطعي الرؤوس ولائكي الأكباد والقلوب، وسيرضى الجميع بالمخلّص أياً كان هذا المخلص ومهما بلغ ثمن الخلاص.
التحرك الميداني في اللحظة المرتقبة يحتاج إلى تغطية شرعية من المجتمع الدولي لملء الفراغ الأمني والعسكري الذي ستحدثه «داعش» وأخواتها، والمظلة هي القرار 2170 في مواجهة المحور الرافض لانتهاك السيادة أياً كان المنتهك وتحت أي غطاء قام.
قرار سارعت فرنسا وبريطانيا إلى التأكيد على الالتزام بمضامينه مستبقة تثبيت حصتها المرتقبة في المزايا التي ستنتزع غصباً من المحور الواقف في وجه الإعصار تعويضاً عما فاتها إبان التفرّد الأمريكي بالكعكة العراقية عام 2003.
أمريكا التي تتوهّم إعادة الاحتلال بطريقة مختلفة عنوانها الوسيط الأمريكي النزيه لحل الخلافات بين الأخوة ، لها كلّ الحق في الحصول على أجرة أتعابها في إيقاف النزاعات التي ستنجم عن ظهور الدول الجديدة بعد التقسيم، وها هي تعلن على لسان أوباما الذي لا يستحي قيادة «داعش»، فالطيران الأمريكي يستطيع كبح جماح «داعش» لكنه إن ما ذهب ستعود داعش للتقدم، هذا ما قاله سيد البيت الأبيض.
أمريكا ترى تحركات المحور وحراك حلفائه وتراقب بوتين الذي يعلم أنّ روسيا اليوم ليست الاتحاد السوفياتي.
والذي يراقب مؤشرات الموازين الدالة على بلوغ نقطة اللاعودة وفق خط الانحدار، يعرف أنّ الدولة الفتية لم تظهر على سدّة التنافس الدولية لولا الصمود الأسطوري للدولة المقاومة على ساحل المتوسط…
بوتين يعرف قدرة صمود دولته في حرب استنزاف طويلة الأمد، ويعرف أنّ هناك لحظة مناسبة لا بدّ فيها من التحرك لقلب الطاولة وخلط الأوراق.
المحاولات الجادة الروسية لفتح منافذ اقتصادية كاسرة للعزلة مع دول أضعف من أن تعتبر دول بالمعنى السياسي لتعريف الدولة يغلب عليها طابع رسائل المتأهّب للصدام القائل إنني ما زلت أحافظ على الاستقرار الكوني وأحترم الشرعة الدولية المستقيلة.
وامريكا التي أرادتها «فوضى خلاقة» لكلّ النظم المعادية أو الموالية لها على حدّ سواء تستشعر انفلات الأمور عن الضبط المعقول والمقبول، ورغم ذلك تكابر على الاعتراف بهزيمة مشروعها الوهم.
فوهم إشغال الروسي مع الأوروبي في حرب استنزاف اقتصادية وسياسية وربما عسكرية طويلة الأمد غير قابلة التحقق مع استقرار المارد الصيني المراقب…
ووهم فرض أمر واقع جديد مشابه للحالة القائمة بعد عام 1967 بإنهاء الأزمة السورية على تسوية طويلة يكون فيها لدولة «داعش» الإرهابية وجود مشابه لدولة الصهاينة التلمودية مع اعتراف بدولة كردية تستكمل أسباب نشوئها، مترافقاً بدفع الإسلاموية العرجاء في افريقيا لتفجير الوضع الأمني هناك في مطمح جاد لتعطيل الزحف الصيني فوق القارة السمراء وفتح ملفات خاصة مشغلة له، هو وهم معطل بسبب الصمود الأسطوري لرجال الله من أسود الجيش العربي السوري والمقاومين المجتهدين في ساحات الوغى.
متمّمات المشهد المعقّد أنشطة مجنونة تدفع العالم نحو الاشتعال…
أمريكا على حافة الهاوية…
المحور المقاوم واثق بأنه خير من يجيد اللعب على حافة الهاوية…
الجميع يعلم أنّ السقوط هو الخسران المبين…
فمن يسبق إلى إسقاط الآخر بالضربة القاضية.
الجميع ينتظر… وإنّ غداً لناظره قريب.
محام