رئيس الوزراء التركي الجديد يدعو لعلاقات طبيعية مع سورية وروسيا
أكد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، أمس، ضرورة إعادة العلاقات بين تركيا من جهة وكل من سورية وروسيا من جهة أخرى إلى مستواها الطبيعي.
وقال يلدريم، خلال لقاء مع عدد من الصحفيين الأتراك، «سورية، روسيا… لا يمكن البقاء في حال عداء دائم مع هذه الدول المحيطة بالبحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط»، مؤكداً أنّ «حكومته قامت بعدد من الخطوات لتحسين العلاقات مع هذه الدول».
وتعليقاً على قضية التدهور الحاد للعلاقات بين تركيا وروسيا على خلفية حادث إسقاط القاذفة الروسية، قال يلدريم «نحن بالطبع لن نسمح لأحد بخرق سيادة شعبنا، ولكن لا ينبغي أن نبقى عالقين في حادثة واحدة، وهو أمر غير صحيح، علينا النظر إلى الصورة الأوسع»، و«يجري اتخاذ خطوات متبادلة، والقنوات الدبلوماسية مفتوحة، وأبدى السيد الرئيس رغبته في ذلك كما أعربت روسيا عن رغبتها المماثلة».
أما بخصوص العلاقات التركية السورية، فأكد يلدريم عزم أنقرة على منع أيّ ممر كردي في شمال سورية والعراق باتجاه البحر المتوسط، قائلاً «نرى نيّة لفتح ممر متصل في شمال سورية والعراق باتجاه المتوسط، وهي نية تتقدم مع مشروع الكانتونات، ولتركيا حساسية بهذا الشأن، وهي لن تسمح بتحقق هذا الأمر على الإطلاق»، وأضاف «إنّ الحفاظ على وحدة الأراضي السورية أمر هام للغاية بالنسبة لنا».
بدورها، قالت الدفاع التركية، إنّ الأنباء المتداولة في وسائل الإعلام حول تشكيل منطقة آمنة شمالي سورية لا تعكس الحقيقة.
وذكرت الوزارة في بيان، أنّ عدداً من وسائل الإعلام نشرت أخباراً مفادها تأسيس منطقة آمنة عقب لقاء جمّع بين وزيري الدفاع التركي فكري إشيق ونظيره الأميركي آشتون كارتر، الثلاثاء الماضي، في العاصمة البلجيكية بروكسل، على هامش قمة وزراء دفاع الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي «الناتو».
وأوضح البيان، أنّ لقاء إشيق وكارتر، كان مثمراً وبناءاً، وتناول الجانبان فيه موضوعات مكافحة الإرهاب، والتطورات المتعلقة بالشأن السوري، ولكن ما نُشر عن تأسيس المنطقة الآمنة لا يعكس الحقيقة.
في غضون ذلك، حذّر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، من أنّ استمرار الأزمة الحالية في سورية يجعل تفكك البلاد أمراً لا مفر منه، وأكد أنّ منع هذا السيناريو هو الهدف الرئيس لروسيا.
وقال بوتين، إنّ سورية تواجه مشكلة الإرهاب وكذلك مشاكل سياسية داخلية مهمة أخرى، مؤكداً أنّ موسكو لا تسعى إلى توسيع سلطة الرئيس الأسد، إنما إلى تعزيز الثقة بين مختلف مكونات الشعب السوري من خلال إجراء مفاوضات سياسية.
بوتين حذّر من أنه في حال تفكك الدولة السورية، ستظهر في مكانها دويلات مختلفة، لن تعيش أبداً في السلام والوئام، بل سيصبح مثل هذا الوضع عاملاً لزعزعة الاستقرار في المنطقة وفي العالم برمته.
وأشار إلى أنً تسوية الأزمة تتطلب وضع دستور جديد وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية تحت إشراف الأمم المتحدة، مضيفاً أنّ الرئيس الأسد وافق على ذلك، وهو يشاطر موسكو موقفها حول ضرورة إجراء مثل هذه العملية السياسية تحت رقابة دولية صارمة.
الرئيس الروسي وفي رده على سؤال حول تصريحات الرئيس السوري عن استعادة كل الأراضي السورية التي يسيطر عليها الإرهابيين قال، أنّ «المسألة تكمن ليس في توسيع السيطرة على هذه الأراضي أو تلك، على الرغم من أهمية هذه الأمور، بل يتعلق الموضوع بضرورة ضمان الثقة المتبادلة في المجتمع السوري برمته وبين مختلف مكونات هذا المجتمع باعتبارها قاعدة لتشكيل هيئة قيادة فعالة يثق بها جميع السكان».
بوتين أكد أنّه على واشنطن التأثير في المعارضة السورية من أجل المضي قدماً في طريق التسوية السياسية، مشيراً إلى موافقته على الإقتراح الأميركي حول إشراك ممثلي المعارضة في حكومة الأسد، داعياً في الوقت نفسه إلى التحلي بالحذر لدى التعامل مع هذه المسألة.
وأوضح «أعتقد أنّ المقترح الأميركي مقبول. ويجب علينا أن ندرس إمكانية إشراك ممثلي المعارضة في مؤسسات الحكم الحالية في سورية، وعلى سبيل المثال في الحكومة»، مشيراً إلى ضرورة دراسة الصلاحيات المحتملة لمثل هذه الحكومة أولاً، وشدد على أنّ من الضروري الإنطلاق من وقائع اليوم وعدم السعي إلى أهداف غير قابلة للتحقيق في المرحلة الراهنة.
بدوره، أكد ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي أنّ بلاده ترفض تقسيم أو تجزئة سورية، مؤكداً أنّه على السوريين أنفسهم تحديد أبعاد المرحلة الانتقالية المقبلة ومصير الرئيس الأسد.
بوغدانوف أضاف إنّه لا داع لاختراع أيّ وصفات جديدة لتسوية الأزمة السورية، لأن هناك قاعدة قانونية دولية جيدة لإنهاء النزاع المسلح المستمر منذ 5 سنوات، مشيراً في هذا الخصوص إلى القرارين الدوليين رقم 2254 و2268، والتفاهمات التي توصلت إليها مجموعة دعم سورية وتبنتها كالقرارات الختامية لاجتماعاتها.
وذكر بأنّ المجموعة تبنت هذه الوثائق بالإجماع، أما الآن، فيجب تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، عن طريق المفاوضات السورية-السورية على أساس الوثائق المذكورة. وذكر بأنّ هذه الوثائق تؤكد أنّه على السوريين أنفسهم أن يقرروا مصير بلادهم ومستقبلها.
ووصف المسؤول الروسي صيغة فيينا للتفاوض بأنها نموذجية، معيداً إلى الأذهان أنّ هذه الصيغة تشمل جميع اللاعبين الخارجيين الأساسيين ذوي التأثير على أطراف النزاع السوري، وأعاد إلى الأذهان أنّ الدول الإقليمية تلعب دوراً كبيراً في الشؤون السورية.
وفيما يخص الاقتراحات حول استحداث صيغ جديدة للتفاوض، قال بوغدانوف إنّ هذه الأفكار قد تكون مفيدة ويجب بحثها في إطار المحادثات السورية، ودعّا الأطراف السورية للتوجه إلى المحادثات في جنيف وطرح أفكارها ومواقفها في سياق المناقشات.
وبشأن شكل الحكم الانتقالي في سورية، أكد بوغدانوف أنّ موسكو لا تتدخل في مثل هذه المسائل، وهي من صلاحيات السوريين أنفسهم، وعليهم أن يحددوا أبعاد التسوية السياسية ومستقبل بلادهم.
وتابع أنه حسب رأي موسكو، فإنّ الطريق الديمقراطي الوحيد لتشكيل مؤسسات السلطة، بما في ذلك البرلمان والرئيس، هو الانتخابات، مؤكداً على ضرورة إجراء استفتاء شعبي على الدستور الجديد بعد إعداد مسودته، ومن ثم إجراء انتخابات بمشاركة جميع السوريين الذين لهم حق التصويت.
في غضون ذلك، قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس، إنّ «المذكرة الداخلية حول سورية الموقعة من قبل 50 دبلوماسياً في الخارجية الأميركية، والتي تطالب بضربات عسكرية ضد الحكومة السورية تعد بياناً هاماً ويجب بحث مضمونه».
وفي نفس السياق، أعلن رئيس أركان القوات الجوية الأميركية الجنرال ديفيد غولدفين استعداد سلاح الجوّ الأميركيّ لضمان إنشاء مناطق حظر جويّ في سورية في حال السماح له بإسقاط طائرات روسية وسورية، وقال إنّ «إقامة منطقة حظر جوّي تتطلب السماح بإسقاط الطائرات التي تخرقها وفهم المهمّات المطلوب إنجازها على الأرض في المنطقة المحدّدة».
وفي السياق، قال ديميتري بيسكوف، الناطق بلسان الرئاسة الروسية، ردّاً على سؤال بشأن المذكرة الأميركية أنّه «لا يمكن لموسكو أن تستحسن أي دعوة إلى الإطاحة بالسلطة في أي بلد، لاسيما وأنه لا يمكن أن يساعد إسقاط هذا النظام أو ذاك على إنجاح مكافحة الإرهاب بل يمكن أن يُغرق المنطقة في فوضى كاملة».
بيسكوف أضاف إنّ «التحام المعارضة المعتدلة بجبهة النصرة في بعض المناطق يصعب العملية في سورية»، وإنّ «إزاحة النظام السوري يمكن أن تغرق المنطقة بأكملها في الفوضى».
من جهتها، أعلنت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أنّ تسوية الأزمة السورية بالقوة «ليست طريقتنا»، وأضافت «ليس من السر بالنسبة لنا أنّ هناك قوى سياسية في الولايات المتحدة تدعو إلى حل عسكري للأزمة في سورية . إلا أن ذلك ليس طريقتنا».
وأكدت أنّ موقف روسيا معروف جيداً، قائلة إنّ «عملية المفاوضات وتشكيل مجموعة دعم سورية وإطلاق الحوار السياسي بين السوريين، بوساطة الأمم المتحدة وغيرها من اللاعبين الدوليين خير دليل على ذلك».
في غضون ذلك، أعرب المتحدث الرسمي باسم الدفاع الروسية، اللواء إيغور كوناشينكوف، عن قلقه من التصريحات الأميركية، وقال «إذا كان في تلك التصريحات شيء من الحقيقة، وهكذا أمور جديّة تقرر في الخارجية الأميركية عن طريق التصويت، من قبل «فريق العمل»، فإن هذا لا يمكن ألا يدعو للقلق عند أيّ شخص عاقل، والسؤال الأكثر أهمية: من سيقوم بتحمل مسؤولية هذا القصف؟ معظم «القوى العاملة» في وزارة الخارجية؟ أو أننا من جديد سنشهد ابتسامة هوليود الشهيرة، كما حدث في أفغانستان والعراق وليبيا؟».
هذا وأعلن المركز الروسي لتنسيق الهدنة في «حميميم»، أنّ نظام التهدئة الذي تم إعلانه في حلب السورية لمدة 48 ساعة يستمر سريانه حتى الآن، مضيفاً أنه تم تمديد الهدنة في داريا بريف دمشق حتى الساعة 24:00 من يوم 18حزيران.