الفلوجة تحرّرت… ونعيق الخَوَنة سيستمر
نظام مارديني
لعلّ عبارة «هناك انتصارات أشدّ من الهزائم عاراً» لـ«مفكر» عراقي، تُلخص الهجمة التي لاحقت انتصارت الجيش العراقي وحلفائه من القوى الشعبية في تحرير الفلوجة، رغم أنّ هذه العبارة كان القصد منها التصويب على مشاركة الحشد الشعبي في هذه المعركة لاستعادة مدينة «المآذن» من إرهاب تنظيم «داعش» وداعميه.
صحيح أنّ هذه العبارة «لطشها» المفكر العراقي المزعوم من قائد الثورة الشيوعية الألمانية عام 1919 كارل ليبكنخت الذي قاد مع رفيقته روزا لوكسمبورغ الثورة الشيوعية التالية لثورة روسيا والتي كان من الممكن، لو نجحت، أن تغيّر حقاً وجه التاريخ، وقالها بعد فشل الثورة التي قادها، إلا أنّ السؤال الذي لا بدّ من طرحه هو: لماذا يكون إنقاذ مدينة عراقية من براثن عصابة إجرامية جمعت شُذّاذ الآفاق من كلّ العالم عاراً ولا يكون التفريط بهذه المدينة وتسليم أهلها مخطوفين مع مدينتهم على يد الشيشان والأفغان والأزبك والسعوديين وغيرهم العار بعينه؟ وهل يُريد هذا «المفكر» العراقي مثلاً أن يتغير الطابع الديموغرافي لمدينة الفلوجة على يد الشيشان والأفغان والأزبك والسعوديين؟
لعلنا لا نزال نتذكر صور الطاجيك والشيشان والأفغان الذين يحتلون الفلوجة، لكنّ الإعلام عموماً لا يزال ينقاد للسياسات الدعائية الخليجية وعلى رأسها السعودية، فهي معادية للعراق وتنفخ في الفتنة وتحرّض على القتل وتدافع عن المجرمين وتبرّر جرائمهم وتجنِّد الإرهابيين وتدفعهم إلى التوجه نحو العراق وسورية لممارسة القتل وارتكاب الجرائم.
شكراً لـ «الجزيرة» وابنة عمها «العربية» لاستضافتهما هذا «المفكر» العراقي أحد روّاد الجنادرية السعودية، وهما تقودان اليوم حملة الانتصار لـ«داعش» وعصابات الإجرام، وهناك أصوات كأنها الحقد الأسود الذي يُشبه بشكله إجرام «داعش»… أصوات تتباكى على أهل الفلوجة وقد أوغلت في قتلهم وتهجيرهم وتسليم الموصل للتنظيم الإرهابي، ولعلّ تصريح الخائن أثيل النجيفي بأنّ «البقاء تحت حكم داعش أفضل من تحريرها» جاء ليستكمل عبارة «المفكر» العراقي، فهذا الخائن يحرض، وبرائحة كريهة كرائحة أسنان الضبع، على الجيش العراقي وليس فقط الحشد الشعبي، ويمكن اعتباره منسجماً مع الخط السياسي الأردوغاني المعتمد للتعامل مع «داعش» من قبل الدولة التركية، ويمكن اعتباره أيضاً، حجر الأساس لفكرة القطع مع انتماء وتبعية محافظة نينوى للعراق ككلّ!
إذا كان العراق ضعيفاً ومُهشمّاً ومُقسَّماً فعلياً على الأرض بسبب نظام حكم الطوائف اللصوصي والتدخلات الخارجية الشتى، فلا شيء يوقف مدحلة تقسيم العراق واقتطاع محافظات ومدن منه، خصوصاً أنّ العين التركية على الموصل منذ نشأة الكيان العراقي، وهذا سبب أساسي لخيانة النجيفي وتسليمه الموصل لـ«داعش» وهروبه إلى شمال العراق ليكون بحماية مسعود البرزاني.
إنّ معركة تحرير واستعادة الفلوجة التي تمّت أمس، لم تمنعنا من مراقبة مؤتمر آل الضاري الذي عُقد في باريس وفي وجود الجاسوس «الإسرائيلي» اللبناني المُعمَّم «الشيعي» محمد علي الحسيني محكوم بالسجن لخمس سنوات بعد إدانته بالتجسُّس لمصلحة دولة العدو ! عندما تكون الخيانة ضيف شرف وقطعة ديكور سياسية لتزيين منصة رئاسة المؤتمر، نقول: العار هو أن يطعن المرء بأهله في الفلوجة وعموم العراق لقاء ريالات أو دولارات.