يا صاحب الوعود
قالت له: أحاول دائماً أن أهرب من شوقي إليك، لأكون أنثى عادية تدرك الوقت قبل أن يدركها. تنام قبل أن يزورها طيفك. فتصير ساعات الليل كلّها حلماً مجنوناً يغفو ويصحو بين ذراعيك.
قال لها: أشتاق لأن أعيش الحلم معكِ يا صغيرتي، ولكنني مللت الأحلام وتعبت منها في عالم مليء بالقيود. فلماذا نرتبط بالأحلام هي الأخرى، فيتحول الشوق إلى شوك يجرح قلوبنا ونتوهّم أننا في حديقة مليئة بالورد؟ فليست الأحلام جنة وعسلاً كما تتخيلين، ولا هي شمس مشرقة ولا ليل في سماء تضيئها النجوم.
قالت له: فما هي إذا؟
قال لها: هي غفوة الألم لبرهة من الزمن. نستيقظ منها بوجع أكبر يرافقنا كلّ الوقت، فتّتسع دائرة أحزاننا وتكبر بدلاً من أن تضيق وتصغر.
قالت له: وهل أنا حلم تعبت منه، أم حقيقة تراها مستحيلة؟
قال لها: أنت حلم مستحيل وحقيقة لم ولن أتعب منها.
قالت له: وأنا أحبك، وسأقول لك أحبك باللهجات كلها، بحروف تضحك صاخبة وحروف تبكي صامتة. سأغير خارطة العالم لأجلك، وسأرسم وجهك فوق الغيوم وبين النجوم. أراقصك على صوت المطر، وأصرخ: آه كم أحبّك يا مجنون.
قال لها: أرقتُ دمي على حروفي، وكتبتُ لك من الشعر ما يضاهي غزل قيس لليلى. رسمتكِ ضاحكة وباكية وصامتة، لوحة تفوق الموناليزا جمالاً ودقة. وها أنت بعيدة، ولم يتغيّر شيء بيننا.
قالت له: تعال إليّ إذا لأحضنك العمر كلّه. تعال ولا تخشَ الوصال يا حبيبي. أنقذني من عذاباتي وأحزاني، وأطفئ جمرة الشوق في قلبي. تعال لتتزاحم نظراتنا ونذوب بلهيب أنفاسنا. فمعك أنت في كلّ نظرة يلتهب شعور مجنون، وفي كلّ لقاء يولد للحبّ مفهوم جديد. وبين يديك تصير الخطيئة صواباً وشريعة.
قال لها: أعدك أن نلتقي يوماً عندما أرتّب حساباتي. فروزنامة الزمن معقّدة، ولا يمكن اختصار كلّ ما نريده في دقيقة.
قالت له: يا صاحب الوعود أنت، إما أن تأتي متجاهلاً حساباتك كلّها، أو إبقَ حيث أنت، وإن كان لا معنى لحياتي من دونك!
سناء أسعد