عن التنسيق الروسي الأميركي في سورية
حميدي العبدالله
صرّح نائب وزير الخارجية الروسية غينادي غاتيلوف، أنّ التنسيق العسكري الروسي مع الولايات المتحدة يتقدّم. وهذه هي المرة الأولى منذ 30 أيلول عام 2015 تاريخ الإسهام الروسي المباشر في مكافحة الإرهاب في سورية يتحدّث مسؤول روسي عن رضا موسكو عن مستوى التعاون العسكري بين روسيا والولايات المتحدة. تصريحات المسؤولين الروس حتى فترة قريبة، سواء على لسان وزير الخارجية سيرغي لافروف أو على لسان كبار المسؤولين في الوزارة، إضافةً إلى تصريحات الناطق الصحافي باسم الرئاسة الروسية، كانت تشكو دائماً من تهرب الولايات المتحدة من التنسيق والتعاون الفعال مع روسيا في مكافحة الإرهاب، حيث كان المسؤولون الأميركيون يشدّدون فقط على أنّ التنسيق يشمل تفادي إمكانية التصادم بين الطيران الروسي والطيران الأميركي.
إلى ماذا استندت تصريحات غاتيلوف؟ وهل من وقائع على الأرض تدعم استنتاجه الذي تحدّث فيه عن «تقدم التعاون العسكري الأميركي الروسي» في سورية؟
لا شك أن المثال الأبرز على هذا التعاون لا يتعلق بموقف الولايات المتحدة من «جبهة النصرة»، إذ لا تزال موسكو تشكو، وقد أشار إلى ذلك غاتيلوف في المقابلة ذاتها التي تحدث فيها عن تقدّم التعاون العسكري، لا تزال تشكو من أنّ الولايات المتحدة تماطل بعملية الفرز بين مواقع «جبهة النصرة» ومواقع «التنظيمات المعتدلة» من وجهة نظر واشنطن. لهذا يمكن لحظ أنّ مستوى التعاون والتنسيق الذي وصفه غاتيلوف بالتقدّم هو متعلق بمحاربة «داعش» على وجه الخصوص. والأرجح أنّ المقصود بذلك حصول تنسيق على مستوى ما وبطريقة محدّدة للتعاون من خلال تقدّم الجيش السوري بمساندة جوية روسية نحو محافظة الرقة، وتقدم قوات التحالف الأميركي الكردي نحو منبج، أيّ أنّ تعاوناً وتنسيقاً بين روسيا والولايات المتحدة قد حدث على هذه الجبهات، وقد تمّ إطلاق عملية متناغمة قائمة على مبدأ تقاطع المصالح، وعلى قاعدة السير منفردين والضرب بشكل مشترك، عبر استهداف الطرفين لتنظيم «داعش»، ولعلّ ذلك هو الذي يفسّر التصريحات الأميركية التي صدرت عن وزارة الدفاع ووزارة الخارجية الأميركيتين وحملت ما يشبه الترحيب بتقدّم الجيش السوري نحو الرقة.