الجيش السوري يقترب من معركة الرقة ودير الزور… والنصرة تنذر الحاضر الجميل أزمة حكومة وحزب معاً… ومصادر عونية تتحدّث عن عروض خارجية

كتب المحرّر السياسي

فيما تبدو السياسة معلقة على جبهة التفاوض الروسية الأميركية الأممية، لنعي أو إعادة إطلاق مسار جنيف ومعه مسار الهدنة، وما سيترتب على كل احتمال، أو اللجوء لترميم المسار بمن حضر، كما تقترح موسكو مع فشل واشنطن بتحييد جماعة الرياض عن النصرة، يشهد الميدان السوري العسكري تجاذباً بين إنجازات عسكرية متعاكسة، ففي جبهات الرقة ودير الزور يسجل الجيش السوري تقدماً نوعياً يجعل مصير المعركتين وفقاً على توقيته مع الحلفاء، خصوصاً بعدما نزحت مواجهة داعش وقوات سوريا الديمقراطية من الرقة إلى ريف حلب الشمالي في منبج، بينما تخوض جبهة النصرة غمار اختبار فعالية ما أعدته خلال شهور الهدنة من استقدام للرجال والسلاح وتنسيق مع الأتراك، لتحقيق المزيد من التحصين لمعاقلها، فتعلن بعد سيطرتها على خلصة وزيتان أن معركة الحاضر في ريف حلب الجنوبي تقترب، وستكشف معركة الحاضر حجم التعديلات التي ترتبت بعد زيارة وزير الدفاع الروسي إلى سورية على وضع جبهة ريف حلب الجنوبي، وفاعليتها في وقف المسار الذي بدأ باسترداد النصرة لخان طومان منذ شهرين وتقدمها نحو المزيد من قرى وبلدات الريف الجنوبي.

لبنانياً، فيما ينتظر رئيس مجلس النواب نبيه بري أن يحمل المشاركون في هيئة الحوار الوطني غداً أجوبتهم على المبادرة التي تقدم بها في الجلسة السابقة وتخييرهم بين إنجاز قانون انتخاب جديد وإجراء الانتخابات النيابية على أساسه والشروع فوراً في انتخاب رئيس للجمهورية أو ارتضاء قانون الستين لإجراء الانتخابات النيابية تمهيداً للشروع في انتخاب رئيس الجمهورية، أو الخيار الثالث المتمثل بالسلة المتكاملة للتوافق على رئاسة الجمهورية والحكومة وقانون الانتخابات النيابية، بينما سيعرض في بند قانون الانتخاب مشروع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي للنقاش بصفته الأقرب للتوافق، استبق النائب سامي الجميل الجلسة بالنجاح في جذب الأضواء نحو حزبه بدلاً من إرادته جذبها نحو موقف حزبه من الحكومة، فارتدت الأزمة الحكومية التي أراد توظيفها لتظهير موقف متميز لحزب الكتائب في ظل رئاسته لتصير أزمته في رئاسة الكتائب بعدما بدا أن وزراء الحزب وخصوصاً الوجه السياسي بينهم الوزير سجعان قزي يشقون عصا الطاعة، بعدما شق الطريق الكتائبي بلا بطاقة الوزير رمزي جريج.

الحريري للحكومة يفرض عون للجمهورية

يحفل الأسبوع الطالع بجملة من الاستحقاقات السياسية والحكومية والحوارية تبدأ بالتئام هيئة الحوار الوطني غداً الثلاثاء تليها جلسة اللجان المشتركة الأربعاء التي ستستكمل البحث في القوانين الانتخابية، لتنعقد الجلسة الـ41 لانتخاب رئيس للجمهورية الخميس المقبل وتعقبها مساءً جلسة للحوار الثنائي بين «تيار المستقبل» و «حزب الله»، كما ويعقد مجلس الوزراء جلستين الأربعاء والجمعة المقبلين، فضلاً عن إطلالة مرتقبة للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عصر الجمعة في «أربعين» القيادي في الحزب مصطفى بدر الدين.

وفي غضون ذلك، يترقّب الوسط السياسي ما سيحمله وزير الخارجية الفرنسية جان مارك أيرولت المرجّح أن يزور لبنان مطلع تموز المقبل، في ظل ما تردّد من معلومات حول مسعى فرنسي لتسوية رئاسية توصل رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية وسعد الحريري إلى رئاسة الحكومة.

وأشارت مصادر قيادية في التيار الوطني الحر لـ «البناء» إلى أن «كثرة الاتصالات والمبادرات الخارجية التي تعرض على العماد عون جعلته لا يستبشر خيراً ولا يسوق لأي مبادرة جديدة وخصوصاً الكلام الأخير عن مبادرة رئاسية فرنسية»، ولم تنف المصادر تلقي عون كلاماً رسمياً فرنسياً في هذا الصدد، وأوضحت أن «أساس هذا التوجه الفرنسي الجديد أتى بعد التفجيرات الإرهابية التي تعرضت لها باريس وأزمة المهاجرين في أوروبا، وبالتالي رأت فرنسا ضرورة في إنهاء الأزمة في لبنان لكي لا تتفاعل في ظل العدد الهائل للنازحين السوريين في لبنان، وتعتبر أن وصول شخصية معتدلة كالحريري وهو أفضل الموجود يقلص الحالة المتطرفة. وبالتالي وصول الحريري أو أي شخصية سنية وازنة تمثله إلى رئاسة الحكومة تفرض وصول شخصية مسيحية وازنة كعون لرئاسة الجمهورية».

لا رئيس «بدل عن ضائع»

وجددت المصادر تمسك عون و «التيار» والمسيحيين عموماً برفض «انتخاب أي رئيس بدل عن ضائع وفرنسا باتت مقتنعة بذلك، وكلام الرئيس فرنسوا هولاند الأخير للحريري خلال زيارته إلى لبنان واضح عندما قال بأن لا مجال لتجاوز الوضع القائم في لبنان إلا بانتخاب العماد عون يعزز هذه القناعة»، لافتة إلى أن «لا مشكلة لدى التيار بوصول الحريري إلى رئاسة الحكومة ضمن تسوية شاملة على قاعدة التوازنات الوطنية التي باتت خطاً أحمر لدى التيار ولدى حزب الله أيضاً».

قانون الانتخاب على طاولة الحوار

وأكدت المصادر أن «عون لم يحسم بعد حضوره شخصياً حول طاولة الحوار الوطني، وسيرى المواضيع التي سيتم طرحها وجدية المتحاورين وإن كان هناك أي مستجد يتطلب حضوره»، معتبرة أن «التيار سيجدد موقفه في طاولة الحوار بالتأكيد على ضرورة الاحتكام للشعب والعودة إلى صناديق الاقتراع على قانون انتخابي عادل النسبية . وهذا يشكل مدخلاً لانتخابات الرئاسة وإما التسوية الشاملة بين رموز طاولة الحوار الوطني على قاعدة المسلمات الوطنية وعدم استبعاد مكون أساسي».

وسيبحث المتحاورون خلال جلسة الحوار الوطني المبادرة الأخيرة التي عرضها رئيس المجلس النيابي نبيه بري في الجلسة الماضية لإنهاء الأزمة الحالية، كما ستناقش الهيئة مسألة قانون الانتخاب، لا سيما مشروع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الذي يعتمد النسبية.

بري: الحل لن يكون قريباً

ونقل زوار الرئيس بري عنه لـ «البناء» تمنياته بحل الأزمة القائمة، «لكنه لا يرى مؤشرات لحل في القريب العاجل، كما أنه يفضل تطبيق النسبية لأنه عادل للجميع ويرى في المشروع الحكومي حلاً مقبولاً، كما نقلت عنه تشديده على ضرورة أن يقر المجلس النيابي الحالي قانوناً جديداً بعد التمديد له مرتين وتجنب العودة إلى قانون الستين». كما سيسأل خلال جلسة الحوار الوطني القيادات السياسية عن إجاباتها على الأفكار التي طرحها في الجلسة السابقة». كما نقلت المصادر عن بري تخوفه على الوضع الأمني ومن مفاجآت لا سيما أن لبنان لا يزال هدفاً للتنظيمات الإرهابية، خصوصاً بعد تضييق الخناق والحصار عليها في سورية والعراق وستجد مجدداً الساحة اللبنانية ملعباً لها».

سلام: لتقديم الاستقالة خطياً

حكومياً، يعقد مجلس الوزراء جلستين الأربعاء والجمعة المقبلين ستخصص ثانيتهما لعرض الملفات الشائكة، وأبرزها سدّ جنة وخطة «النفايات» في حضور مجلس الإنماء والإعمار، بينما تواجه الحكومة ورئيسها إشكالية التعامل مع استقالة وزيري الكتائب ألان حكيم وسجعان قزي في ظل الحديث عن انقسام كتائبي لا سيما من الوزير قزي حول هذا الموضوع الذي سيكون محور نقاش خلال اجتماع المكتب السياسي للكتائب اليوم.

واعتبر رئيس الحكومة تمام سلام أنّه إذا كانت النية جدية لاستقالة وزيري الكتائب، فيجب أن تقدم خطية إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء.

قزي: لن أتحوّل منفّذاً لقرار

وقال الوزير قزي «كنت مع الرئيس الراحل بشير الجميّل شريكاً في اتخاذ القرار عندما كنت في عمر العشرين، فلا يمكن في سن الستّين أن أتحوّل منفذاً لقرار من دون أن أكون شريكاً فيه».

ولفت قزي أن قراره «نابع من قناعتين وطنية ودستورية. ففي الأولى ليس الوقت الراهن وقت التخلّي عن المسؤولية، وإنما هذا أوان المواجهة والصمود. أما قناعتي الدستورية فهي أن الاستقالة موقف سياسي لا يمنع الوزير من الاستمرار بممارسة كامل الصلاحيات بما فيها حضور مجلس الوزراء». ولفت إلى أنه «حتى الآن لا مشكلة ملحوظة مع قيادة الحزب، أما إذا حصلت مشكلة فتكون مشكلة القيادة وليست مشكلتي، لأنني لا أكنّ لها إلا كل تقدير». وأشار إلى «أنني لست وزيراً عادياً بل صاحب مسيرة وطنية طويلة، رغم أن البعض لا يحب الاعتراف بذلك».

.. والكتائب: لا رجعة عنها

وقالت مصادر في حزب الكتائب لـ «البناء إن «قرار استقالة وزيري الكتائب نهائي ولا يحتاج إلى نقاش وأبلغه رئيس الحزب سامي الجميل شفهياً إلى رئيس الحكومة، وكلام سلام حول ضرورة تقديمه خطياً إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء لا يعنينا، لأن الدستور واضح بأن قبول استقالة الوزراء صلاحية لصيقة برئيس الجمهورية وليس رئيس الحكومة من يبتّ بها، بل بالتنسيق بينه وبين رئيس الجمهورية».

وأكدت المصادر أن «وزيري الكتائب لن يمارسا صلاحياتهما في الوزارات، وهذا قرار من المكتب السياسي للحزب أما إذا قرّر الوزير قزي مخالفة قرار المكتب السياسي، فهذا حديث آخر وسيتخذ المكتب السياسي القرار المناسب حيال الوزير المخالف». ولم تستبعد المصادر اللجوء إلى إقالة قزي من الحزب، ونفت أي انقسام كتائبي حول قرار استقالة الوزيرين الذي اتخذ بأكثرية 27 صوتاً مقابل معارضة ثلاثة أصوات في المكتب السياسي».

وأكدت مصدر في التيار الوطني الحر لـ «البناء» أن استقالة وزيري الكتائب مناورة انتخابية واصطياد في الماء العكر»، مشيرة إلى أن «سامي الجميل يخطط للانتخابات النيابية المقبلة وأراد كسب التأييد الشعبي للكتائب بأنها تحافظ على الحقوق الوطنية والمسيحية مستخدماً موضوع النفايات، رغم موافقة وزرائه على خطة النفايات في الحكومة». واعتبرت أن «التيار لن يحذو حذو الكتائب ويخرج من الحكومة التي تعتبر المعلم السيادي الأخير في ظل الفراغ الرئاسي والشلل في المجلس النيابي، وأي خطوة في هذا الاتجاه تشكل خطراً على الوطن، وعلى أي طرف يفكر بالاستقالة السؤال ماذا بعد الاستقالة؟».

الحكومة أمام مطب النفايات وسدّ جنة

وتواجه الحكومة مجدداً مطب النفايات والخلاف حول مشروع سد جنة، وعلمت «البناء» أن «موعد إجراء مناقصتين لكنس وجمع النفايات في كل من الشوف وعاليه وكسروان والمتن ستنتهي الأسبوع المقبل، بينما لم يحسم وضع مدينة بيروت بين خيارين، إما استمرار المناقصة الحالية وإما إجراء مناقصة جديدة، وهذا الأمر سيكون موضع نقاش خلال جلسة مجلس الوزراء».

كما علمت «البناء» أن «مناقصة معالجة النفايات ستنتهي في الأول من تموز. وهي مناقصة واحدة لكل المناطق، لأن المعالجة الحالية تتم فقط في الكرنتينا وفي العمروسية، ومجلس الإنماء والإعمار لن يتجه إلى مناقصة جديدة لبناء مواقع معالجة جديدة، لأن الأفضلية وفقاً لخطة الحكومة للنفايات هي بناء مواقع للطمر».

وتوقعت مصادر مطلعة على الملف لـ «البناء» أزمة جديدة في ملف النفايات في ظل التأخير في إجراء المناقصة المخصصة لبرج حمود والتي من المفترض أن تبدأ الأسبوع المقبل ودخولها في كباش سياسي حول الشركات التي ستأخذ التلزيم».

.. والسدّ إلى التنفيذ؟

وفي ما خص سد جنة، أشارت المصادر إلى أن «مجلس الوزراء سيشكل لجنة خبراء لدراسة المشروع بيئياً وجيولوجياً ترفع تقريرها إلى المجلس للبت به»، موضحة أن «الموضوع سيدخل ضمن تسوية بعد الخلاف السياسي حوله والمزايدات وتتضمن التسوية استمرار الأشغال في السد، ريثما يناقش مجلس الوزراء المشروع وحتى ينتهي تكون الأشغال قد انتهت وينتفي الخلاف حول استمرارها أو توقفها كما أوصت وزارة البيئة». ولفتت إلى أن «المتحمّسين لتنفيذ المشروع يراهنون على استمرار الأشغال وتأهيل ما تم تخريبه قبل بت مجلس الوزراء به لقطع الطريق على محاولات توقيفه، وبالتالي يكون مؤيدو المشروع قد فرضوه كأمر واقع»، متوقعة أن «يسير المشروع نحو التنفيذ».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى