إناء السنيورة ينضح بـ «الستين»

هتاف دهام

تحوّل الحوار الوطني إلى جدل عقيم. لا يريد تيار المستقبل المتصدّع حلّ المشكلة السياسية. إرباك «الزرق» وتخبّطهم لم ينعكس ليونة في نقاش القانون الانتخابي. فاحت رائحة قانون الستين من مداخلات رئيس الكتلة فؤاد السنيورة في عين التينة أول أمس. أخرج ما ينضح به إناء بيت الوسط إلى العلن. لا للنسبية الكاملة. يعمل التيار الأزرق لإطالة النقاشات غير الجادّة. يطرح عبر ممثليه «أصحاب السعادة» مشاريع انتخابية في حفلات تضييع الوقت في اجتماعات اللجان المختصة واللجان المشتركة. كلّ تخريجات الرئيس نبيه بري من السلة الكاملة إلى الدوحة اللبنانية وصلت إلى طريق مسدود بانتظار خلوة آب. «الأستاذ» تعذّر عليه عقدها في شهر تموز بداعي سفر وزير الخارجية جبران باسيل في الأسبوع الأول من تموز، ووزير الاتصالات بطرس حرب في الأسبوع الثاني منه ووزير السياحة ميشال فرعون في الأسبوع الثالث.

يؤكد مصدر نيابي على هامش اجتماع اللجان المشتركة لـ «البناء» أنّ لبنان بات أمام حلين: إما مؤتمر تأسيسي بصرف النظر عن التسميات يقود إلى توافقات حول كيفية إنتاج السلطة وتوزيع الصلاحيات، أو يستمرّ العجز القائم منذ ثلاث سنوات بانتظار التسويات الإقليمية، بمعنى ربط النظام في لبنان بطبيعة الحلّ في سورية. شبّه واقع لبنان اليوم بوضعه عام 2004، مشيراً إلى أنّ رئيس المجلس يحاول إبعاد الكأس المرة عن اللبنانيين بدعوته إلى جلسات حوار مكثفة لإنتاج سلة كاملة من التفاهمات. ربما تكون محاولته الأخيرة أو تنجح وتقود إلى خارطة طريق لحلول وطنية، أو تفشل ويبقى مصير لبنان مجهولاً.

انعكس عدم الاتفاق في جلسة الحوار على قانون انتخاب على نقاشات اللجان المشتركة. ظهرت بحالة ضياع وتخبّط. ذهبت المداخلات في اتجاه التأكيد على الطائف والحاجة إلى تطبيق الإصلاحات فيه. تنوّعت الآراء بين منوّه بالحرص على الطائف وأنّ القانون الانتخابي يجب أن يكون تحت سقفه مثل النائب عمار حوري. استعرض الأخير القوانين الانتخابية في انتخابات 1992 1996 2000 2005 2009. كلها لم تلحظ ما نص عليه اتفاق الطائف من مبادئ اعتماد المحافظة كدائرة انتخابية، مراعاة مقتضيات العيش المشترك بعد إعادة النظر في التقسيمات الإدارية . هدف النائب البيروتي من هذه الجوجلة تأكيد أنّ الطائف لم يطبّق، فليعط فرصة التطبيق. يريد «تيار الرئيس الشهيد» غسل يديه من كلّ المرحلة التي كان شريكاً فيها 90 من الحكومات ترأسها الرئيس الشهيد رفيق الحريري . شكّل كلام حوري رفضاً مبطّناً ومقنّعاً للتغيير وتتمة لما قاله السنيورة في هيئة الحوار. يحضر ممثلو تيار الأزرق الجلسات الحوارية والنيابية مسلحين بقواعد كلام مقفلة ترفض أيّ منطق تغييري. يُصرّ هؤلاء على التمسك بالطائف والنظام الأكثري، وعلى رفض أيّ تعديلات أو محاولات إصلاح تحت مبرّرات وحجج واهية.

وفيما حذّر عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي عمار من تمزيق الطائف والتعاطي معه باستنسابية. برز كلام لرئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل من منطق انفتاحي، من الممكن أن يوسّع مساحة النقاش ويفتح ثغرة في الجدار المقفل بين الأطراف. اعتبر أنّ ما يجب احترامه هو الدستور. الطائف لا يعني شيئاً. ليس إنجيلاً أو قرآناً. ولا معنى للدعوات التي تحذّر من المسّ بالطائف في وقت ينهار فيه البلد. عدّد «شيخ بكفيا» ملاحظات اعتبرها جوهرية على الطائف، منها أنّ النواب الذين أقرّوا الميثاق الوطني انتخبوا يومذاك قبل 19 عاماً وأنهم منتهو الصلاحية. وتأكيداً على موقف حزب الله والتزاماً بأدبياته، رأى النائب علي فياض أن لا شيء يمنع من تعديل الطائف أو تغييره. وسأل: ماذا يعني كلام رئيس كتلة المستقبل في هيئة الحوار أول من أمس، «أنّ أقصى ما يمكن بلوغه الصيغة الثلاثية 68- 60؟ هل يعني ذلك إقفالاً للنقاش حول قانون الانتخاب وعدم إمكانية الوصول إلى نتيجة توافقية؟ طلب فياض جواباً من نواب تيار المستقبل حول هذه النقطة. وقرأ في العودة إلى نقاش القواعد التي قامت عليها صيغة الوزير فؤاد بطرس انتكاساً إلى الوراء. فمع صيغة الرئيس نبيه بري كان النقاش على قاعدة انتخاب 64 نائباً على أساس النسبي و64 نائباً على أساس الأكثري. طرح الثلاثي القواتي – المستقبلي الاشتراكي صيغة انتخاب 68 نائباً على أساس الأكثري و60 نائباً على أساس النسبي. والآن جاء تيار المستقبل ليعيدنا إلى صيغة بطرس القائمة على انتخاب 77 نائباً على أساس الأكثري و51 نائباً على أساس النسبي. فضلاً عن أنّ المعايير التي يستند إليها المشروع هي معايير تعاني من اختلالات وتحتاج نقاشاً، والتقسيمات الإدارية استنسابية. فسخت دائرة مرجعيون حاصبيا إلى دائرتين وأبقت في الوقت نفسه على دائرة راشيا – البقاع الغربي.

استسلمت اللجان المشتركة لواقع النقاشات. لا إضافات جديدة تستأهل عقد اجتماعات دورية وأسبوعية، بعد أن تقرّر عقد جلستين أسبوعياً. تأجلت الاجتماعات لثلاثة أسابيع. حدّد الموعد المرتقب في 13 تموز المقبل، بعد أن اعترض بعض النواب بينهم النائب حسن فضل الله على رفع اللجان المشتركة تقريراً إلى هيئة الحوار، معتبرين أنّ للمجلس سلطة دستورية أرفع، فيما هيئة الحوار ليس لها صفة رسمية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى