الإرهاب يضرب مجدّداً في البقاع: تفجيرات انتحاريّة تهزّ القاع حصيلتها عشرات الشهداء و الجرحى وسلام يُعلن الحداد الوطني
عاد الإرهاب ليضرب لبنان مجدّداً من البقاع الشمالي, إذ هزّت أربعة تفجيرات متتالية منطقة القاع فجر أول من أمس كما نفّذ عدد من الانتحاريين تفجيرات أخرى مساءً كانت حصيلتها عشرات الشهداء والجرحى.
وفي التفاصيل، أنّه عند قرابة الرابعة والنصف من فجر أمس شعرت عائلة المواطن طلال مقلد بحركة غريبة في محيطها، فخرج الشاب شادي مقلد لاستكشاف الأمر، وتبادل إطلاق النار مع أحد المسلّحين الذي رمى باتّجاهه قنبلة يدويّة هرع على أثرها الأهالي إلى المكان، وعندها فجّر الانتحاري نفسه بين الجموع موقعاً إصابات، وتوالت بعدها التفجيرات. تلاه ثلاثة انتحاريّين فجّروا أنفسهم بأحزمة ناسفة تباعاً بين الناس.
وأشار رئيس بلديّة القاع بشير مطر إلى أنّ العمليات الانتحاريّة وقعت داخل البلدة عند الرابعة فجراً، لافتاً إلى أنّ هناك 5 شهداء من المدنيّين وقرابة 15 جريحاً، حال بعضهم خطيرة.
واعتبر مطر «أنّ الهدف قد يكون القاع، وقد تكون المنطقة ممرّاً للانتحاريّين وتمّ كشفهم، ونقول لهم لن نخاف وسنبقى صامدين، وندعو إلى التنبّه من منطقة المشاريع لأنّ الانتحاريّين آتون منها».
وأوضح أنّ الانتحاريّين كانوا مارّين على الطريق العام، وكشفهم أحد المواطنين ففجّر أحدهم نفسه واختبأ الآخرون ليفجّروا أنفسهم تباعاً عند تجمّع الناس.
وقال: «في التفجير الرابع ونحن نصرخ لإنقاذ الجرحى، اقترب منّي الانتحاري الرابع عن بعد خمسة أمتار ورأيته يشدّ الصاعق من صدره ووجهه غريب، وأطلقت النار عليه ففجّر نفسه، ولكن هذا التفجير لم يصبْ الكثيرين».
الشهداء والجرحى
والشهداء الخمسة هم: فيصل عاد متقاعد في الجيش اللبناني ، جوزيف ليوس، ماجد وهبي، بولس الأحمر متقاعد في الجيش اللبناني وجورج فارس.
أمّا من الجرحى، فعُرف: باسل مطر، بلال إبراهيم مطر، خليل نخلة وهبة، شادي طلال مقلد، دنيا فوزات شحود، مروان ليوس، جون جورج خوري، طلال مقلد، حسين خير الدين، زورو اللقيس، محمد سليمان، جورج فارس، ميشال شحود، إيلي عاد، يوسف رفعات عاد.
ولاحقاً، أعلنت قيادة الجيش مديريّة التوجيه في بيان، أنّ «عند الساعة 4,20 من فجر اليوم أمس ، أقدم أحد الإرهابيّين داخل بلدة القاع على تفجير نفسه بحزام ناسف أمام منزل أحد المواطنين، تلاه إقدام ثلاثة إرهابيّين آخرين على تفجير أنفسهم بأحزمة ناسفة في أوقات متتالية وفي الطريق المحاذي للمنزل المذكور، ما أدّى إلى استشهاد عدد من المواطنين، وجرح عدد آخر بينهم أربعة عسكريّين كانوا في عداد إحدى دوريّات الجيش التي توجّهت إلى موقع الانفجار الأول. وقد فرضت قوى الجيش طوقاً أمنيّاً حول المحلّة المستهدفة وباشرت عملية تفتيش واسعة في البلدة ومحيطها بحثاً عن مشبوهين، كما حضر عدد من الخبراء العسكريّين للكشف على مواقع الانفجارات، وتولّت الشرطة العسكرية التحقيق في الحادث».
وفي بيانٍ منفصل، أعلنت المديرية أنّ «إلحاقاً ببيانها السابق، المتعلّق بالتفجيرات الانتحاريّة التي حصلت في بلدة القاع فجراً، وبنتيجة الكشف الذي أجراه الخبراء العسكريّون على مواقع التفجيرات، تبيّن أنّ زِنة كل حزام ناسف من الأحزمة الأربعة التي استخدمها الإرهابيّون، تبلغ كيلوغرامين من المواد المتفجّرة والكرات الحديديّة».
وأوعز وزير الصحة وائل أبو فاعور إلى المستشفيات استقبال جرحى تفجيرات القاع على نفقة الوزارة.
وتفقّد قائد الجيش العماد جان قهوجي، بموازاة تحليق طوّافة عسكرية في الجوّ، مكان التفجيرات وغادر من دون الإدلاء بأيّ تصريح.
وشدّد قهوجي، في تصريح لاحق، على أنّ أيّ عمل إرهابيّ ومهما بلغ حجمه لن يؤثّر إطلاقاً على قرار الجيش الحاسم في محاربة الإرهاب وحماية لبنان والحفاظ على استقراره»، مؤكّداً أنّ «بلدة القاع وسائر القرى الحدوديّة تمثّل خط دفاع أول عن لبنان في مواجهة الإرهاب».
قضائياً، كلّف مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، الذي عاين مسرح الجريمة، مديريّة المخابرات في الجيش اللبناني والشرطة العسكرية إجراء التحقيقات الأوليّة. وكلّف صقر الأدلّة الجنائية رفع البصمات لإجراء فحوص الحمض النووي من أجل معرفة هويّة الانتحاريّين.
وكان عناصر الأدلّة الجنائية عاينوا مكان التفجيرات وباشروا التحقيقات.
وبعد ساعات على التفجيرات، دكّت مدفعيّة الجيش الثقيلة مواقع الإرهابيّين في جرود القاع.
وأصدر رئيس الحكومة تمام سلام مذكّرة، أعلن فيها الحداد العام على أرواح شهداء القاع تُنكّس خلاله الأعلام على جميع الإدارات والمؤسّسات العامّة والبلديات، على أن تُعدّل البرامج العادية في محطات الإذاعة والتلفزيون بما يتناسب مع هذه الفاجعة الأليمة، وعلى أن يقف اللبنانيّون – حيثما وُجدوا – لمدة خمس دقائق خلال تشييع جثامين الشهداء تعبيراً لبنانيّاً ووطنيّاً شاملاً، وتضامناً مع عائلات الشهداء والجرحى.
وزار وزير الخارجية جبران باسيل منطقة القاع متفقداً الأضرار التي خلفتها التفجيرات، حيث استقبله النائب مروان فارس، وقدّم له محافظ البقاع بشير خضر شرحاً عن التفجيرات.
وبعد الاستماع إلى الشروحات، ذكّر باسيل بأنّه زار هذه البلدة أكثر من مرة، وكان الأهالي بعبّرون عن مخاوفهم، مشدّداً على أنّ رميش والقاع وشدرا وغيرها من البلدات الحدوديّة بوابة الوطن.