استمرار الاستنفار الأهلي والعسكري والسياسي في القاع وتأجيل تشييع الشهداء الأجهزة تتابع تحقيقاتها لمعرفة مكان انطلاق الانتحاريّين والمشنوق يكشف عن مجيء 4 من سورية

عاشت بلدة القاع البقاعيّة يوماً ثانياً من الاستنفار السياسي والأهلي والعسكري بعد موجة التفجيرات التي استهدفتها أول من أمس، وأُرجئت مراسم دفن شهداء البلدة الخمسة التي كانت مقرّرة بعد ظهر أمس إلى موعد لاحق وذلك بطلب من الجيش، في حين انسحبت حال التأهّب على معظم قرى البقاعين الشمالي والأوسط.

وكان الجيش نفّذ عمليّة مسح واسعة شملت أطراف بلدة القاع من الجهات كافّة، وضرب طوقاً محكماً حول أماكن التفجيرات، وعزّز وجوده على الأرض ولا سيّما فوج المغاوير. ووعد ضباطٌ بإنهاء الحالة الإرهابيّة، وطالبوا الأهالي بمنع التجمّع، وأعطوا إرشادات حول كيفيّة التصرّف في حال الاشتباه بإرهابيّ. وبالتوازي، انتشر بعض الأهالي في ساحة البلدة حاملين السلاح، بينهم نساء أعلنّ رغبتهنّ في الدّفاع عن الأرض والوجود، لكن الأمر لم يطلْ قبل أن يمنع الجيش مظاهر السلاح العلنيّ في محاولة لضبط الأمر.

بدوره، أكّد رئيس البلدية بشير مطر التعاون مع الجيش، وأنّ لا مصلحة في المنحى الاستعراضيّ للسلاح. وطلب من الأهالي ضبط وجود اللاجئين في المنطقة، مشدّداً على أنّ «لا فائدة من بقاء من لا عمل له في البلدة». ودافع عن دعوته الأهالي لإطلاق النار على أيّ «غريب» يُشتبه فيه ولا يمتثل لطلب التوقّف وعدم التقدّم باتّجاه الأهالي والكشف عن هويّته.

وسرى منذ الصباح قرار محافظ بعلبك – الهرمل بشير خضر منع تجوّل اللاجئين في القاع ورأس بعلبك. واتّخذت بلدية الهرمل قراراً مماثلاً، في وقت واصلت الأجهزة تحقيقاتها لكشف الجهات الضالعة في التفجيرات.

وكانت الزيارات التضامنيّة إلى القاع استمرّت أمس، حيث زار البلدة عدد من المسؤولين الذين حضروا لمساندة الأهالي وتفقّد الأضرار التي خلفتها التفجيرات. وفي السياق، زار وزراء الدفاع والداخلية والصناعة سمير مقبل ونهاد المشنوق وحسين الحاج حسن البلدة، وفيما غادر مقبل والحاج حسن من دون الإدلاء بأيّ تصريح، كشف المشنوق أنّ التحقيقات الأوليّة ترجِّح أنّ 4 انتحاريّين من أصل 8 أتوا من الداخل السوري وليس من المخيمات المحيطة بالقاع، مشدّداً على «أنّنا جئنا نستمدّ القوّة من صمود أهالي القاع وشجاعتهم، وهم لم ولن يتركوا أرضهم للمجرمين والقتلة والكفّار».

وقال: «صحيح أنّ الجيش لم ولن يقصِّر في واجباته، لكنّ الأهمّ هو الأمن السياسيّ في لبنان»، لافتاً إلى أنّ لا أمن إلّا مع انتخاب رئيس للجمهورية. وأشار إلى «أنّ الخرق الأمنيّ متوقّع لأنّنا لا نستطيع أن نمنع العمليات الإرهابيّة بنسبة 100 ، خصوصاً أنّ «الانغماسيّين» موجودون، وقد اتّفقنا مع أهالي القاع على أنّنا معنيّون إنسانياً باللاجئين السوريين، لكنّنا لا نقبل أن يخرقوا القانون اللبنانيّ أو أن يعتدوا على المشاعات اللبنانيّة، ونحن نبحث عن صِيَغ تؤكّد مسؤوليّتنا الإنسانيّة، وتؤمّن مناطق آمنة تشجّع النازحين على العودة إلى ديارهم».

وجال في البلدة أيضاً قائد فوج المغاوير السابق العميد شامل روكز، الذي أكّد عقب زيارته أنّ أهالي المنطقة متمسّكون بأرضهم، ولكن علينا أن نكون خلف القاع لأنّها خط المواجهة الرئيسي، منبّهاً إلى أنّ الخطر الأمنيّ وارد أينما كان، والمطلوب التضامن في مواجهة الإرهاب. وشدّد روكز أيضاً على أنّ الإجراءات العسكريّة كافية في البقاع لكن الخطر أمنيّ، وعلى الأجهزة الأمنيّة أن تكون واعية أكثر، مؤكّداً أنّ الشعب متضامن في وجه الإرهاب.

بدوره، أكّد عضو كتلة «القوات» النائب أنطوان زهرا، ضرورة استمرار الإجراءات الأمنيّة والعسكريّة حتى الوصول إلى استقرار دائم.

اجتماع أمنيّ

ووسط هذه الأجواء، عُقد اجتماع أمنيّ في وزارة الدفاع في اليرزة ضمّ وزير الداخلية نهاد المشنوق، وقائد الجيش العماد جان قهوجي، والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص وأمين سر مجلس الأمن المركزي العميد الياس خوري، لبحث آخر التطوّرات الأمنيّة على خلفيّة تفجيرات القاع، واتّفق المجتمعون على اتّخاذ سلسلة تدابير أمنيّة وقائيّة في مختلف المناطق اللبنانية، للحفاظ على الأمن والاستقرار وطمأنة المواطنين.

إلى ذلك، أوعز وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور إلى كل المستشفيات استقبال جرحى التفجيرات التي استهدفت القاع ليلاً على نفقة وزارة الصحة. وطلبت الوزارة من جميع الأطباء المراقبين في منطقتي بعلبك – الهرمل وزحلة، التوجّه إلى المستشفيات لمتابعة أوضاع الجرحى.

من جهةٍ أخرى، أعلنت «مؤسسة كهرباء لبنان» في بيان، «أنّها أعادت التيار الكهربائي إلى بلدة القاع فور وقوع التفجيرات الإرهابية مساء 27/6/2016، وتحديداً عند الساعة 22,35. وستعمد المؤسّسة إلى تزويد البلدة بالتيار الكهربائي بشكل متواصل إلى حين استتباب الوضع الأمنيّ فيها، وذلك تلبية لطلب أهلها وفاعلياتها.

ويُشار في هذا السياق إلى أنّ أحد الانفجارات حصل بالقرب من إحدى محطات الكهرباء في البلدة، ما أدّى إلى تضرّر المحِّول وانقطاع «التيار الكهربائي» عن منطقة محدودة تتغذّى منه، إلّا أنّه تعذّر تصليح هذا المحوّل نظراً للطوق الأمني المفروض من قِبل القوى الأمنيّة. وقد أُنجزت التصليحات اللازمة فور السماح للفرق الفنيّة بالدخول إلى مكان الانفجار، حيث أُعيد وضع المحوّل في الخدمة عند حوالى الساعة 8,15 من صباح اليوم الواقع فيه 28/6/2016.

وبالمناسبة، تتوجّه مؤسّسة كهرباء لبنان بأحر التعازي الى أهالي شهداء القاع وتتمنّى للجرحى الشفاء العاجل».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى