لبنان ينجو من تفجيرَيْن خطيرَيْن في مرفق سياحي ومنطقة مكتظّة بالسكان ودعوات لتنسيق لبنانيّ سوريّ في مكافحة الإرهاب و«يونيفيل» تزيد تحصيناتها
نجا لبنان أمس من تفجير كبير ومجزرة محقّقة بعد إحباط مديريّة المخابرات في الجيش عمليّتين إرهابيّتين على درجة عالية من الخطورة، كان تنظيم «داعش» الإرهابي قد خطّط لتنفيذهما، وتقضيان باستهداف مرفق سياحي كبير ومنطقة مكتظّة بالسكان، حيث تمّ توقيف خمسة إرهابيّين وعلى رأسهم المخطّط، وقد اعترف الموقوفون بتنفيذ أعمال إرهابيّة ضدّ الجيش في أوقات سابقة، وفق ما جاء في بيان لقيادة الجيش التي أوضحت أنّ التحقيق لا يزال مستمرّاً بإشراف القضاء المختصّ.
وأوضح مصدر عسكري لوكالة «فرانس برس»، أنّ «المخطّط كان يستهدف كازينو لبنان في جونيه شمال بيروت ، ومنطقة مكتظّة بالسكان بحسب ما تسمح الظروف، مثل مراكز تجارية أو الضاحية الجنوبيّة لبيروت أو مناطق أخرى كالحمراء والأشرفيّة».
وقال المصدر: «كان يُفترض أن ينفّذوا العمليّتين قبل حوالى عشرة أيام»، مشيراً إلى أنّ «التحقيقات مازالت جارية معهم للكشف عن خلايا أخرى وأهداف أخرى محتملة».
وكان المكتب الإعلامي لرئيس مجلس إدارة – المدير العام لكازينو لبنان حميد الكريدي أعلن أنّ إدارة شركة الكازينو تفاجأت بحجم الشائعات المتداولة مؤخّراً حول وجود مخاطر أمنيّة وتهديدات مُحدقة بالكازينو.
وأكّدت الإدارة أنّ لا أساس لهذه الشائعات ولا ترتكز على أيّة معطيات أو مؤشّرات جديّة من أيّ نوع كانت، مشيرةً إلى أنّ النشاطات في كازينو لبنان طبيعيّة بالكامل.
وشدّدت على أنّ كازينو لبنان يتّخذ منذ فترة إجراءات أمنيّة وقائيّة جديّة بالتنسيق مع الأجهزة الأمنيّة كافة، توفيراً لشروط السلامة لروّاد الشركة، وليس هناك إجراءات فوق العادة ولا معطيات تبرِّر اتّخاذ إجراءات مماثلة.
… وعملية استباقية للأمن العام
من جهةٍ أخرى، أفاد بيان لمكتب شؤون الإعلام في المديرية العامة للأمن العام، أنّه «بناء على اعترافات أحد الإرهابيّين الموقوفين لديها، وفي إطار عملها الأمني، قامت المديريّة العامة للأمن العام بمؤازرة من الجيش اللبناني، بمداهمة أحد أوكار الإرهابيين في وادي عطا – خراج بلدة عرسال، وذلك في إطار عمليّة استباقيّة، حيث عثرت على حزام ناسف وأسلحة وأعتدة حربيّة مختلفة. وتمّ ضبط الموجودات، وماتزال المتابعة مستمرّة لتوقيف باقي أعضاء الخليّة الإرهابيّة».
استهداف «داعش» في الجرود
في غضون ذلك، استهدف مقاتلو المقاومة مقرّات لتنظيم «داعش» في جرود القاع وجرود رأس بعلبك وادي زويتيني في البقاع الشمالي بقذائف المدفعية الثقيلة، وحقّقوا إصابات مؤكّدة في صفوف مسلّحي التنظيم.
من جهةٍ أخرى، انعكس ما حصل في بلدة القاع من تفجيرات أمنيّة على طول المناطق المتجاورة بين لبنان وسورية، الممتدّة من منطقة عكار شمالاً حتى مزارع شبعا جنوباً، إذ رفع الجيش اللبناني من جهوزيّته على امتداد المنطقة المذكورة خشية تسلّل إرهابيّين من الأراضي السوريّة إلى الأراضي اللبنانيّة عبر مسالك جبل الشيخ الوعرة، فكثّف من دوريّته المؤلّلة والراجلة وكمائنه على مدارالساعة، تحسّباً لأيّة مفاجأة.
بدورها، أجرت قوات «يونفيل» المزيد من التحصينات لمواقعها ومراكزها العسكريّة والإداريّة، وكثّفت الحراسة حولها، كما عزّزت دوريّتها المؤلّلة بناقلات جند مدرّعة إضافيّة على مختلف محاور منطقة عملها في الجنوب، وبدأت إلى جانب الجيش اللبناني إقامة الحواجز المشتركة وإخضاع السيارات لتفتيش دقيق، والتأكّد من هويّات ركّابها.
وأكّد المكتب الإعلامي لـ«يونيفيل»، ردّاً على بعض التقارير الإعلامية التي تحدّثت عن تخفيف «يونيفيل» للدوريّات في منطقة عمليّاتها في جنوب لبنان، أنّ هذه القوات «تنفذ أنشطتها العاديّة، بما في ذلك تسيير الدوريّات في منطقة عمليّاتها، بالتنسيق الوثيق مع القوات المسلحة اللبنانيّة ووفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي 1701 2006 ».
وأشار المكتب إلى أنّ «تركيز يونيفيل ما يزال منصبّاً على عمليّاتنا وعلى تنفيذ القرار 1701. وعليه، لم يحصل تخفيض في كل من الأنشطة العسكريّة والمدنيّة. وكما هو حال الجميع، فإنّ يونيفيل تأخذ على الدوام جانب الحذر لناحية التطوّرات الأمنيّة، ولديها أصلاً تدابير أمن وحماية شاملة في موضع التنفيذ، حيث تتمّ مراجعة هذه التدابير بشكل مستمر بناءً على الوضع على الأرض». وأكّد «أنّ يونيفيل والقوات المسلحة اللبنانية، والشعب اللبناني بشكل عام، لديهم مصلحة مشتركة في الحفاظ على الاستقرار في جنوب لبنان ومنع أيّ انتهاك للقرار 1701».
توقيفات
على صعيد أمنيّ آخر، أعلنت قيادة الجيش- مديرية التوجيه، في بيان، أنّ وحدات الجيش المنتشرة في مختلف المناطق اللبنانية نفّذت سلسلة عمليّات دهم شملت أماكن ومخيّمات يقطنها نازحون سوريّون في مناطق: الجنوب، البقاع، الشمال، كسروان والضاحية الجنوبية، أوقفت خلالها 412 شخصاً من التابعيّة السوريّة وشخصين من التابعيّة البنغلاديشيّة، لدخول بعضهم خلسة إلى الأراضي اللبنانيّة، ولتجوّل بعضهم الأخر بصورة غير شرعيّة، وضبطت في حوزة عددٍ منهم 61 دراجة نارية و6 سيارات من دون أوراق قانونيّة.
تمّ تسليم الموقوفين مع المضبوطات إلى المرجع المختص لإجراء اللّازم.
وفي السياق نفسه، دهمت قوة أمنيّة أماكن محدّدة في الدكوانة حيث يقطن عدد من السوريّين، وبعد عمليات تفتيش داخل أماكن سكنهم على ممنوعات، ولا سيّما منها الأسلحة، تبيّن أنّ عشرة منهم على الأقل لا يملكون أوراقاً ثبوتيّة لدخولهم لبنان، ما استدعى توقيفهم بناء على إشارة السلطات المختصّة.
إلى ذلك، ترأّست قائمقام جبيل نجوى سويدان فرح اجتماعاً أمنيّاً في مكتبها في السراي، حضره رؤساء الأجهزة الأمنيّة والعسكريّة في القضاء ورؤساء البلديّات الساحليّة ومسؤولو الشرطة لديها، تمّ في خلاله التطرّق إلى الوضع الأمنيّ في القضاء بعد المستجدّات.
وشدّدت سويدان «على ضرورة التنسيق بين الأجهزة الأمنيّة كافّة من جهة، وبينها وبين رؤساء وشرطة البلديّات من جهة ثانية، للحفاظ على الوضع الأمنيّ واتّخاذ التدابير الوقائيّة والاحترازيّة»، وأكّدت «أهميّة تبادل المعلومات بين الأجهزة المختصّة»، شاكرةً لضباط وعناصر الأجهزة الأمنيّة والعسكرية في القضاء سهرهم الدائم على أمن وراحة وسلامة المواطنين، كما شكرت رؤساء البلديّات على مواكبتهم لهذه الأجهزة.
وأكّدت «أهميّة المحافظة على راحة وأمن السيّاح الأجانب الوافدين إلى القضاء، واتّخاذ الإجراءات الكفيلة في المحافظة على سلامتهم».
مواقف وتعازٍ
في غضون ذلك، توالت المواقف المندّدة بالعمليّات الإرهابية، فيما يتقبّل أهالي شهداء القاع والزميل في «الوكالة الوطنية للإعلام» طوني وهبه، التعازي بشهداء البلدة الخمسة، ومن بينهم شقيق الزميل وهبه الشهيد ماجد،غداً السبت، في صالة كنيسة مار سمعان في السبتية، من الحادية عشرة قبل الظهر إلى السابعة والنصف مساءً.
وزار أمس رئيس تكتّل نوّاب بعلبك الهرمل النائب حسين الموسوي بلدة القاع معزّياً بالشهداء، وقال: «أنتم يا أهلنا الأعزّاء على طريق السيد المسيح عليه السلام، فديتم لبنان وكل اللبنانيّين بدمائكم الغالية، ونحن نقدّم تعازينا لكم ونفتخر بكم رجالاً ونساءً ساهرين على سلامة وكرامة بلدكم ومنطقتكم ووطنكم».
أضاف: «أنّ المجرمين التكفيريّين يستهدفون الجميع، وكل من يتنكّر لهذه الحقيقة فهو إمّا غافل وإمّا مستهتر بوطنه وبمواطنيه. وأمام هذه الزُّمَر الإجراميّة أصبح واجبنا الوطنيّ والإنسانيّ أن نتوحّد بنياناً مرصوصاً بالتكامل والتنسيق مع جيشنا المضحّي، لا لنستقبل القتَلة بالزهور وبالورد، بل لنواجههم بكل الأسلحة المتوفّرة فنقطع دابرهم».
واعتبر رئيس الحزب الديمقراطي النائب النائب طلال أرسلان، عبر حسابه الخاص على «تويتر»، أنّه « في ظل هذه الفوضى التي تعمّ انتشار اللاجئين السوريّين، يجب على كل مواطن أن يكون خفيراً في مكان تواجده بالتعاون مع البلديّات لمؤازرة القوى الأمنيّة».
وقال: « كفانا مكابرة ومزايدات، لا بدّ من أن يتمّ التنسيق بين الجيشين اللبناني والسوري على طول الحدود لمكافحة الإرهاب التكفيريّ».
من جهته، قال رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل،
بعد لقائه رئيس أساقفة بيروت المطران بولس مطر في دار المطرانية في الأشرفيّة، «على الدولة أن تقوم بواجباتها لحماية كل اللبنانيّين الذين يعيشون في مناطق مهدّدة بالإرهاب، علماً أنّنا ضدّ الاستنسابيّة بين المواطنين».
وأكّد الأمين العام لـ«التيار الأسعدي» المحامي معن الأسعد في تصريح، أنّه «لا يمكن لأيّ جهة أو فئة أو مجموعة أن تحارب بمفردها الإرهاب وتقضي عليه»، مشدّداً على «تعزيز الوحدة الوطنيّة وترسيخها، القادرة على محاربة الإرهاب والقضاء عليه»، داعياً إلى «وقف العنتريّات السياسيّة وردّات الفعل الآنية الفاقده لأيّ مسؤوليّة وطنيّة لا تراعي دقّة الأوضاع وخطورتها المرحليّة والمستقبليّة».
واعتبر «أنّ لا خلاص ولا أمن واستقرار إلّا بالوقوف إلى جانب المؤسّسة العسكريّة التي تشكِّل ضمانة أكيده لجمع اللبنانيّين، وتوحيد كلمتهم في مواجهة التحدّيات والأخطار المُحدقه»، منوّهاً بـ«إنجازات القوى الأمنيّة، وفي مقدّمها الجيش، وآخرها إلقاء القبض على شبكة إرهابية خطيرة كانت تخطّط لاستهداف مؤسّسات ومرافق سياحيّة».
وأكّد «أهميّة التواصل مع المسؤولين السوريّين والتنسيق حول النازحين، وضرورة تعاون الجيشين اللبنانيّ والسوريّ لتطهير الحدود المشتركة من الإرهابيّين القتله»، مؤيّداً الإجراءات التي تقوم بها السلطة لتنظيم أوضاع النازحين»، محذّراً من أيّة إجراءات يشتمّ منها العنصريّة أو الذل»، منبّهاً من «تحويل مخيمات النازحين إلى أماكن سكن من الإسمنت، وتحويلهم من نازحين إلى لاجئين، وهذا يعني تمتّعهم بحصانة المؤسّسات الرسميّة الدوليّة».
وأكّد الأسعد، أنّ «الأمم المتحدة والمنظمات الدولية التي تدّعي حقوق الإنسان متواطئة في موضوع النازحين السوريّين، وهدفها توطين السوريّين والفلسطينيّين في لبنان، وكل مساعدة أو منحة أو هِبة تُقدّم لهم ستكون تحت هذا العنوان».
ورأى أمين عام «التجمّع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة»، الدكتور يحيى غدار في تصريح، «أنّ القاع صدر البقاع وضهر القلمون، أكّدت مرة جديدة أنّ معادلة الجيش والشعب والمقاومة هي ضمانة وحدة لبنان، ما يستدعي الإقلاع عن سياسة المكابرة وخطاب التحريض، تحصيناً للداخل اللبنانيّ بمواجهة همجيّة التكفير وعنصريّة العدو الصهيوني ووحشيّة المشروع الاستكباري والرجعيّة والإرهاب».
وأضاف: «أنّ التزامن بالعدوان البربري بين قطعان الصهاينة في رحاب يوم القدس العالمي وشراذم التكفير في رمضان، هو دليل دامغ على مدى التلازم في التكتيك والاستراتيجيّة بالتجرّؤ على الرسالات السماويّة واستباحة المبادئ الحقوقيّة والإنسانية خدمةً للمشروع الصهيو- أميركي- تكفيري».
وأكّد أنّ «معركة تقرير مصير الأمة العربية والإسلامية، والانتصار على أعدائها وكل من يدور في فلكها، تطلّ بشائره من الفلوجة، حيث راهن الموتورون وأسيادهم على تقسيم العراق ففشلوا وذهبت ريحهم بعد أن سحقهم محور الممانعة والمقاومة الذي سيكمل إنجازاته بتحرير حلب وتحقيق وحدة سورية، إيذاناً بوحدة الأمّة وتحرير فلسطين على وقع تبريكات يوم القدس العالميّ».
بدوره، طالب رئيس حزب الوفاق الوطني بلال تقيّ الدين في تصريح، بعد ترؤّسه اجتماعاً للمكتب السياسي للحزب، «بوجوب تنسيق الحكومة اللبنانيّة مع الحكومة السوريّة من أجل مواجهة الإرهاب الذي يطال لبنان وسورية والمنطقة برمتها»، مذكِّراً «أنّ ذلك يأتي ضمن الاتّفاقات المعقودة بين البلدين».
ورأى «أنّ التنسيق مع سورية حكومة وجيشاً هو من أجل لبنان وحماية شعبه، وهو أيضاً لمصلحة لبنان قبل سورية».