مشاهد معقولة لرؤية غامضة
بلال شرارة
هل هي ذروة الحرب وبعدها يبدأ النزول عن السلم نحو السلام؟ التسوية؟ التفاهمات؟ في الشرق الأوسط باتجاه ترسيم الشرق الأوسط الجديد على خلفية مرور 100 عام على سايكس ـ بيكو؟
قبل الإجابة بالوقائع الجارية، وعلى قناعة مني بأنّ الشرق محكوم بالسحر أو بالخرافة أو بحقيقةٍ ! لا أدرك كنهها، أودّ أن أورد رؤى على قناعة من صاحبها بأنها تتحقق كما مثيلاتها في السابق وهو يضرب لي أمثلة على ذلك.
يقول الراوي: إنّ أمام لبنان عامان صعبان، ويحذرنا أن انتبهوا من عملية «إسرائيلية» غادرة، ويقول اسهروا آخر الليل وفي مسافة الليل التي هي أطول من الصبح بفارق الصبح، ستهاجمكم مئات الطائرات عند الفجر، كما مصر في الزمانات، ونصح بأن نتزوّد بصواريخ محمولة على الكتف ضدّ الطائرات.
وقال: سيأتيكم العدو من ناحية البقاع الغربي، ولكنه سينهزم شرّ هزيمة وسيبقى شهراً وهو يدفن قتلاه.
ويقول: لا سلام في سورية والأمور ماضية الى الحسم العسكري وإنه بعدها ستنقلب الأمور وستحدث مذابح وسيسقط في سورية بالترافق مع ظهور السفياني نحو مليون قتيل. وقال إنّ مجموعات ستدخل إلى فلسطين من ناح الأردن، وإنّ اليهود سينهزمون. وقال إنه سيسقط نحو خمسة ملايين قتيل في العراق ثم يُقتل السفياني. وإنّ مصر ستتسبّب بحرب كونية ثالثة صرّح لي الراوي بأنه لا يحب مصر . وأنّ أمراء الخليج سيشرّدون في الصحراء… الله ينجينا ويبدّل الحال بأحسن حال .
في اتجاه الأمور حسب ما هو ظاهر فإنّ السلام اليمني لا يبدو مستحيلاً، ورغم العنف المتصاعد فإنّ محادثات الكويت لم تنهَرْ بخلاف ما يظهر، بل إنّ إحدى اللجان الثلاث اللجنة المختصة بالرقابة على وقف إطلاق النار انتقلت الى الظهران في العربية السعودية لمتابعة عملها، وكان الحوثيون قد تبادلوا تحرير أعداد من الأسرى دون المرور بموافقة هادي منصور، بل إنّ التفاهم تمّ على الأرض بين المتحاربين.
على الصعيد اليمني كشف رئيس البنك الإسلامي للتنمية الدكتور احمد محمد علي عن قيام إدارته ببذل كلّ الجهود للتعاون مع السلطات في اليمن لدرس آثار الحرب والتهيئة لإعادة التأهيل.
وقال: اليمن دولة مؤسسة للبنك الدولي ونهتمّ بالاوضاع فيها ونبذل قصارى الجهد للتعاون مع الجهات في اليمن ولدرس آثار الحرب وإعادة البناء. والسلم سيعود قريباً حتى نؤسّس لمرحلة إعادة التأهيل من أجل إشاعة السلم والأمن في اليمن.
الجدير بالذكر أنّ التقديرات تتفاوت حول حجم الخسائر المترتبة على الحرب، وهناك حديث عن بلايين عدة من الدولارات 16 بليون دولار والجهود تبذل لحصر الأولويات من خلال التعاون بين البنك وعدد من المنظمات الدولية للمساعدة في عملية حصر نتائج الدمار.
أما عراقياً، فقد أشارت آخر الأنباء الى التجاوز على محاولة إعطاء أبعاد مذهبية لحركة تحرير المناطق بعيداً عن مشاركة الحشد الشعبي بخلاف إرادة المرجعية، مما يسهل بالتالي عملية تقسيم العراق، وقد جاءت عملية تحرير الفلوجة لتشكل أول خروج عراقي رسمي على إرادة البنتاغون، ثم جاءت خطبة الجمعة 1/7 لرئيس الأوقاف السنية في الفلوجة والتي نبذ خلالها الفتنة، وأكد أنّ الوحدة الوطنية العراقية هي أقوى من جميع المحاولات لتأليب العراقيين بعضهم على بعض، وبالتالي الإعداد الجيد لإنجاز تحرير الموصل.
وفي هذا السياق سيطر الجيش العراقي على الطريق بين نينوى وصلاح الدين بإمكانيات وطاقات عراقية، ثم جاءت زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري السبت 2/7 لتقدّم الغطاء العربي السني لحكومة بغداد وتسقط الهجمة المذهبية والمحاولات الغربية للاستثمار على الوقائع العراقية، ولتؤكد على وحدة الموقف المصري والعراقي بمواجهة داعش.
بالنسبة إلى سورية، كانت آخر التطورات نهاية الأسبوع الماضي الاتصال الهاتفي بين وزيري خارجية روسيا والولايات المتحدة. هذا وطغى على المواقف الاقتراح الأميركي للتعاون مع روسيا في سورية، حيث رأت فيه مصادر أنه انقلاب يعزز موقع الأسد، فيما رأت مصادر أخرى أنه تقطيع للوقت في انتظار انتخاب رئيس أميركي جديد، وكان الاقتراح الأميركي الجديد قد تضمّن الدعوة إلى تنسيق الغارات الجوية مع روسيا على جبهة النصرة وتنظيم داعش ، وهو ما اعتبر تحوّلاً محتملاً في سياسة واشنطن.
في هذا الإطار حاولت وسائل إعلام خليجية الإيحاء بوجود بوادر تحوّل في الموقف الروسي في سورية، وأنّ موقف موسكو يقف على مفترق بين اعتماد الأنموذج الشيشاني والغرق أكثر في الحرب، او الاقتراب من الغرب والاقتناع بالتخلي عن الرئيس بشار الأسد والمضيّ باتجاه حلّ مع الدول الكبرى.
ولا بدّ في السياق الدولي الإقليمي من قراءة الأبعاد السورية لعودة العلاقات الروسية التركية. ففي هذا المجال مهّد لقاء وزير الخارجية الروسي لافروف ونظيره التركي مولود جاويش اوغلو الطريق أمام لقاء بوتين – أردوغان في أيلول المقبل، وجاء ذلك بعد تطورات دراماتيكية أبرزها: اعتذار أردوغان عن إسقاط الطائرة الحربية الروسية، زيارة وزير السياحة التركي لروسيا، الاتصال الهاتفي بين بوتين وأردوغان ورفع الرئيس الروسي للحظر التجاري والسياحي عن تركيا. هذا ولا بدّ من النظر بعين الاهتمام الى تصريحات الرئيس السوري بشار الأسد التي كشف فيها النقاب عن أنّ الغرب يتعاون بشكل سري مع دمشق ضدّ المتشدّدين. الرئيس الأسد رأى أنّ الفوضى في سورية سيكون لها تأثير قطعة الدومينو في المنطقة.
حسب الكثير من المعطيات، فإنّ أولوية مكافحة الإرهاب تعتبر أولوية روسية بما يعني إغلاق الحدود التركية السورية أمام حركة السلاح والمسلحين العابرة للحدود باتجاه سورية. وبالنظر خارج المقطع العربي من الشرق الأوسط، فإنه لا بدّ من رصد محاولة «داعش» نقل الفوضى المسلحة بعد العمليات التي استهدفت مطار اسطنبول والعاصمة البنغلادشية دكا .
الآن رغم أنّ المساعي توحي باقتراب حلول تنتج عن مفاوضات سياسية بين المكونات السورية واليمنية وتحرير المناطق العراقية من سيطرة «داعش» وبسط سلطة الدولة بالتعاون بين جميع المكوّنات العراقية، رغم ذلك ترى مصادر أنّ ما تقدّم هو مجرّد قشرة للمسائل، وأنّ ناراً حارقة لا تزال تشتعل تحت الرماد، وانّ علينا الانتظار لا البناء مثلاً الاتفاق النفطي بين بري – باسيل في لبنان لأنّ ذلك لا يعني اتفاقهما على خارطة طريق لحلّ الاختلافات السياسية في لبنان على الرئاسة وقانون الانتخابات والحكومة واللامركزية الإدارية وسلسلة الرتب والرواتب و… و… إذن ما زال أمامنا صيف ملتهِب وربما أيضاً وقت طويل يتجاوز الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة.